سياسية

السودان: ارتفاع أسعار الأدوية يعرض حياة المئات لخطر محدق


ما بين عشرة إلى خمسة عشرة حالات، تدخل يومياً إلى إحدى الصيدليات بوسط العاصمة السودانية الخرطوم، طالبة للدواء وليس بحوزتها مقابل ما تطلبه.. ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه حرم عشرات المرضى من الحصول على العلاج وعرض حياتهم لخطر محدق.

ويعاني الاقتصاد السوداني حالة انهيار متواصل عقب فقدانه لما يقدر 75% من عائدات النفط بعد انفصال الجنوب المنتج الأكبر للنفط بالبلاد، ما انعكس على الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع الأسعار بشكل مستمر في بلد تستعر الحرب في ثلث مساحته، ويعاني قلة الصادرات، وشحاً في موارد جلب النقد الأجنبي.

يقول محمد عبد القادر القاسم، صاحب صيدلية (الجمعية الطبية)، بشارع الحوادث وسط الخرطوم، لـ (سودان تربيون) إن الارتفاع المتواصل للدولار خلال الأشهر الأخيرة، أدى إلى ارتفاع أسعار الدواء بنسبة كبيرة، حيث تراوحت الزيادة ما بين 20 إلى 25% عن الأسعار السابقة.

والأسبوع الماضي زادت أسعار الأدوية في غالب صيدليات العاصمة السودانية، الى ما فوق الـ 16 جنيه سوداني.

وكانت الشركات المستوردة للأدوية تحصل على الدولار بالسعر الرسمي من البنك المركزي السوداني، قبل ان يوقف بنك السودان التعامل معها في أعقاب اكتشافه لتلاعب بعض الشركات بالأموال المخصصة لاستيراد الدواء.

وتحدد الحكومة سعر الدولار الرسمي بـ 6.25 جنيه، بفارق أكثر من 100% بين السعر الرسمي والموازي، حيث قارب سعر صرف الدولار في السوق السوداء الأسبوع الماضي حاجز الـ16 جنيه.

ويقول د. صلاح إبراهيم، رئيس اتحاد الصيادلة السودانيين، لـ (سودان تربيون) إن الشركات المستوردة للدواء تحصل على الدولار من السوق الموازي- السوق الأسود- منذ صدور منشور بنك السودان في 19 مايو الماضي الذي أوقف مدها بالدولار بالسعر الرسمي من نسبة 10% من اموال الصادر المخصصة لاستيراد الدواء.

وأصدر بنك السودان المركزي، في مايو الماضي، منشوراً حظر بموجبه 34 شركة أدوية من التعامل المصرفي كلياً لمخالفتها المنشور الخاص باستغلال نسبة 10% من الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية في أغراض أخرى غير استيراد الدواء.
وأوضح منشور البنك المركزي أن الحظر على الشركات يشمل التعامل المصرفي مع كافة البنوك والمؤسسات المالية (حظراً كلياً).

وأفاد رئيس إتحاد الصيادلة السوداني، أن الشركات أصبحت ملزمة بشراء الأدوية من مواردها الذاتية ومن ثم تقديم فواتير الشراء الى آلية مكونة من “بنك السودان والمجلس القومي للأدوية والسموم، والأمن الاقتصادي، والإمدادات الطبية، واتحاد المصارف”، لتقوم الآلية بتوجيه الشركات الى البنوك التي بها نسبة 10% من الصادر المخصصة لاستيراد الدواء.

وأضاف “وجدنا أن المبالغ المخصصة للشركات أقل من الفواتير المقدمة.. المبالغ الموجودة بالبنوك والتي تم تصديقها للشركات لا تتجاوز 30% من الفواتير المقدمة.. للأسف تسبب ذلك في شح الأدوية وحدوث فجوة وان لم يتم معالجتها ستتفاقم خلال الثلاث شهور المقبلة. لأن حالياً هنالك بعض الشركات لديها مخزون ولكن بعد نفاذه ستكون الفجوة اكبر”.

ويشير رئيس إتحاد الصيادلة الى وجود شكاوى من إنعدام وندرة بعض الأدوية في الصيدليات، من بينها الخاصة بأمراض الصرع، والأمراض العصبية والنفسية. مبيناً أن استخدام المريض لهذه الأدوية يستمر الى نحو 3 سنوات وان انقطاعها عنه في اي فترة يعيد المريض إلى مربع العلاج الأول.

وفوق ندرة واختفاء بعض الأدوية، فإن الكثير من المرضى باتوا عاجزين عن الحصول على الأدوية بعد ارتفاع أسعارها. وابلغ (سودان تربيون) عدد من أصحاب الصيدليات بالخرطوم، أن حالات متكررة تأتيهم لكنها تعود دون أن تحصل على ما تريده بعد علمها بزيادة الأسعار الى ما فوق قدرتها.

وطبقاً للصيلاني، محمد عبد القادر القاسم، فإن عشرة الى خمسة عشرة حالات، تدخل يومياً الى صيدليته وتخرج دون الحصول على الدواء لعجزها عن الإيفاء بتكاليفه. لكنه يشير الى معالجات لمساعدة العاجزين عن الحصول على الدواء، حيث يوجد في كثير من الصيدليات أدوية مجانية تحصل عليها من بعض الخيرين تخصص لمساعدة المحتاجين مجاناً

sudantribune