منوعات

في حضرة المقام الوردي (أول غرام)..(أول لحن)


بعد أن كُتب لوردي الغناء في الإذاعة السودانية كانت أغنية ” ياطير ياطائر” من كلمات الشاعر إسماعيل حسن، وألحان خليل أحمد ، أول أعماله الغنائية على أثير (هنا أم درمان)، ولهذا الأمر قصة فالإذاعة كانت يومها تتبع نهجاً بتخصيص شاعر وملحن لكل فنان جديد يُعتمد للغناء فيها وكان إسماعيل وخليل من نصيب الفنان الناشئ “شاعراً وملحناً”.. ولم ينتظر وردي طويلاً حتى أتبع (ياطير ياطائر)، بـ (الليلة ياسمرة) أيضاً من شعر وألحان الثنائي (إسماعيل وخليل).. بيد أن نقطة التحول جاءت عندما خطا وردي أول خطواته في عالمه (السمح الزين) بأغنية (أول غرام) التي صاغها شعراً ولحناً، ويروي وردي حكاية الأغنية قائلاً بأنه وجد أن الطريقة التي سلكها (خليل أحمد) في تلحين الأغنيتين السالفتين لا تحققان رغبته و مراده في الترقي والتميز بعالم الغناء الذي سادته منافسة شرسة وقتئذ .

ويتذكر وردي فصولاً من تلك الأيام في برنامج (نصف القمر) الذي بثه قناة (النيل الأزرق) منذ سنوات ” أنا لقيت نفسي ما حأفوت فنانين الضل، الناس يسمعوني الساعة حداشر أتناشر، والإذاعة في الوقت داك كان فيها فنانين ممتازين في (عثمان حسين)، (إبراهيم عوض)، (أحمد المصطفى)، (عبد العزيز داؤود) وغيرهم”..
ويمضي ليقول أيضاً بأنه نظر إلى سياق القالب اللحني للأغنيتين أي (ياطير ياطاير) و(الليلة ياسمرا)، فلاحظ إن اللحن دائري يطوف حول أبيات الشعر في إيقاع واحد يكرر نفسه بطريقة رتيبة ودون تغيير، فحاول في (أول غرام) أن يأتي بنسق جديد وهو أن يقوم اللحن بتفسير الكلمات (أول غرام يا أجمل هدية /يا أنبل مودة يا نور عينية /حبي ما هديتو وغيرك ما اصطفيتو /وأجمل من عيونك في الكون ما رأيتو ) ..! ويتطرق وردي لحكاية غريبة و طريفة في آن واحد حدثت له مع الهرم الإذاعي اللامع (محمد صالح فهمي) الذي انتهره بغضب عندما قدم له أغنية (أول غرام) بأنها من كلماته فرفض إجازتها قائلا ً” إنت مالك ومال الشعر، إنت ما مفروض تبقى شاعر، إنت تغني وبس”.

فما كان من وردي إلا وأن قام بنقلها في ورقة أخرى ودفع بها إليه.. ويحكي ماجرى لاحقاً (طلعت برة ونقلت الكلمات في ورقة تانية وكتبت عليها من كلمات (علي ميرغني) والأخير شاعر وموسيقار تغنى له وردي بأغنيتين إحداهما (حِبــي حبـك شـاغلني/طرفـك ناعس وآسرني/هل في شرعك تظلمني/ مخلص ووافي ومخاصمني )، وأيضا أغنية (ليه نسيت أيامنا).. ويمضي وردي في حكايته قائلا ً: بعد الانتهاء من تلحينها (مشيت) لـ (خليل أحمد) لأسمعه اللحن، وخليل عندها كان يعمل وقتها في محطة لخدمة الوقود (طلمبة) في السجانة ووردي أيضاً كان يسكن السجانة وقتها مع الموسيقار علي ميرغني.

وذهب إلى خليل برفقة العازف حمزة سعيد وبعد السلام والتحية قال له : (يا خليل يا أخي أنا عندي أغنية ) فرد عليه خليل قائلاً: ومالو نلحنا؟ لكن وردي فاجأه بقوله: أنا لحنتها؟ فزجره خليل قائلاً: إنت إيه اللي عرفك بالتلحين دا كلام فارغ “. وكانت النتيجة كما يقول وردي:( إتشاكلنا أنا وهو) إذ قال له وردي في غضب (ياخليل هو في معهد موسيقى هنا، ماكلكم جربتو التلحين، أنا ذاتي داير أجرب ألحن براي) وحدثت (جفوة) بينهما، قبل أن يتصالحا فيما بعد كما يؤكد وردي نفسه ضاحكاً بعد الحادثة بسنوات طويلة.

صحيفة التيار


تعليق واحد

  1. يقول الناس عن الشخص الذي يعمل من غير قاعدة أو تأصيل : دا جرمندي , أو جربندي , والصحيح : جربندي بالباء لأنها من جرب , يجرب , تجربة و التجربة والتجارب ( التجربة والخطأ ) هو فعل الشيء مرة ومرة وأخرى على النسق السابق أو خلافه من غير قاعدة أو قانون وربما تكون كثير من الأنظمة تكونت عن ( قاعدة ) التجربة والخطأ , ثم تصير قانونا أو نظاما بعد ذلك , والأحكام أو القاعدات إما أن تكون شرعية أو عقلية أو عادية , والحكم هو إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه , , والنظام الشرعي على الأفعال والأقوال والأشياء هو خمسة مراتب , الواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحرم , أما الحكم العقلي فهو ما توصل إليه بطريق العقل وإعمال التفكير ومنه ما هو بدهي ساذج مثل قولنا : الواحد نصف الاثنين , أو معقد كالعلاقات الرياضية والفيزيائية أو السببية , وأما الحكم العادي فهو الذي جرب وجرى بحكم العادة كإثبات أن النار تحرق أو الطعام يشبع , وهذا كل ما أردت التعليق به على كلمة (جربندي ) التي لم ترد صراحة في الموضوع أعلاه , ولكن أشير اليها بالتجربة , ولم يقل الفنان محمد وردي صراحة : أنتم جربندية وأنا جربندي ولا توجد قواعد مبنية على دراسة في معهد موسيقى لعدم وجوده حينها .