تحقيقات وتقارير

“عقدة” الإغاثة.. ومنشار “بوث” دونالد يقاوم اليأس مثل كل مرة ويهبط مجدداً في الخرطوم محتقبًا رؤيته ومتجاوزاً الضغوط ما أمكن


لم يتسلل اليأس للإدارة الأمريكية ومبعوثها للسلام في السودان، دونالد بوث، إبان سعيه المستمر لإرساء دعائم تسوية سياسية طال انتظارها. في راهن مهمته يجوب بوث البلاد، ويشق طريقه المحفوف بالصعاب، محاولاً تليين المواقف السياسية المتباعدة بين فرقاء الأزمة، لكن انقضاء اثنتي عشرة جولة تفاوضية بلا نجاح يشي بأن طريق المبعوث دونالد ليس ممهداً بما يكفي لتحقيق غايته. ومع كل ذلك يهبط الرجل مجدداً في الخرطوم، محتقبًا رؤيته ومتجاوزاً الضغوط ما أمكن؛ آملاً تقريب الشقة وردم الهوة المتسعة. ولمبعوث أوباما الشخصي تجربة سالفة في حمل فرقاء النداء على التوقيع على خارطة الطريق، وهو ربما ما يجعله أكثر تفاؤلاً في أن تثمر تحركاته في الوصول إلى خط النهاية، مستعيناً بكروت الضغط الأمريكية المعروفة، شاهراً إياها في وجه المتنازعين، وهو المسعى الذي أفضى مؤخراً لإقناعهم بالعودة إلى طاولة التفاوض منتصف سبتمبر الحالي، ومناقشة النقاط الخلافية المتعلقة بالتوقيع على وقف العدائيات، واتفاق وقف إطلاق النار، وإيصال الاغاثة للمتضررين في مناطق سيطرة التمرد.
ودشن بوث تحركاته الجديدة بزيارة ولاية النيل الأزرق، بوصفها إحدى المناطق المتأثرة بالحرب، حيث التقى بعض المجموعات فيها، والمنظمات العاملة هناك، بجانب لقاءات مباشرة مع المسؤولين في الخرطوم؛ على رأسهم مساعد الرئيس إبراهيم محمود، الذي بحث معه إمكانية تخطي العقبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق لوقف العدائيات بين الحكومة والمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، إلى جانب بحث السبل الكفيلة بدفع المفاوضات المقبلة إلى الأمام. المبعوث في لقائه مع مساعد البشير عبر عن رغبة واشنطن في أن يتحقق السلام في السودان بأسرع ما يمكن، وهو ما يفسر بحسب كثيرين تحركات واشنطون الماكوكية وتعجلها في إيجاد حلول لأزمة الملف السوداني قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحالية، وموعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل. وتعد زيارة بوث الثانية للخرطوم منذ يوليو الماضي ويسعى من خلالها لممارسة الضغوط على الطرفين حكومة ومعارضة، للوصول إلى تسوية سياسية عاجلة تحقق السلام وتوقف الحرب في السودان.
وفي خضم تطوافه يبذل بوث وعودًا بالاستمرار في استكشاف المزيد من الطرق التي يمكن أن تؤدي إلى اتفاق لوقف العدائيات وتسهيل عملية بناء السلام، مشيراً إلى أن بلاده ترغب في تحقيق السلام بالسودان، وتسعى لانضمام كل الأطراف للحوار الوطني، وهو قطعًا ما توافق فيه مع توجه الحكومة ودعواتها المتكررة للمانعين للانخراط في الحوار. ولم يتسلل إلى دخيلة الرجل اليأس، رغم تصريحات حكومية سابقة بأن هذا العام سيكون آخر سنوات التفاوض مع الممانعين.
مساعد الرئيس التقط إشارة بوث وطالبه بأن تعمد واشنطون إلى إقناع الممانعين والمعارضين أولًا، قبل أن يذهب إلى التوافق مع تأكيدات واشنطون؛ بأنها ترى ضرورة إيجاد سبل لتجاوز العقبات التي أدت إلى انهيار جولات المفاوضات السابقة. ويشير محمود إلى أن الرغبة والإرادة يمكنهما تحقيق السلام الذي أصبح مطلبا محليا وإقليميا ودوليا. مساعد الرئيس أرسل تحذيراته بأن من يرفض السلام فسيخسر سياسيا. ويقول محمود “اقترحنا اتفاق سويسرا والقرار 2046، بشأن إيصال المساعدات عبر المنظمات الدولية، ورفضت الشعبية كل المبادرات والاقتراحات، موضحاً أن الحركة الشعبية تعمل على نيل اعتراف غير مباشر بسيادتها على المناطق التي تتواجد فيها من خلال منح الأذونات لطائرات الأمم المتحدة الإغاثية، بما لا يمكن من أن يتواجد في مناطقها غير منسوبيها. وقال محمود إن “الحكومة قدمت مقترحاً بأن تكون المساعدات عبر مطاري كادقلي والدمازين، بالنظر إلى التكلفة المالية والأعمال اللوجستية، وأن يكون النقل لمناطق الحركة عبر الأمم المتحدة، ولكن الحركة الشعبية رفضت المقترح الحكومي أيضاً”.
وفي راهن المعالجة يرى مراقبون أن تخلي الخرطوم وتنازلها عن التمسك بإيصال المساعدات الإنسانية للنازحين في مناطق التمرد لتؤول العملية للامم المتحدة، يؤشر لقرب اكتمال مراحل التسوية السياسية واستجابة من الخرطوم لبعض مما طرحه المبعوث، رغم أن عقدة تقديم الإغاثة من دولة خارجية ما تزال قائمة حتى الآن ولا يلوح لها حل في أفق تحركات المبعوث الأمريكي.
حسناً، تنتظر الخرطوم توقيع الأطراف الممانعة ومجيئها للطاولة، وبالطبع تتوق لإنجاز السلام بأقل قدر ممكن من التنازلات، بينما تنتظر من المبعوث الأمريكي ممارسة مزيد من الضغط على الحركات، لكن أي إنفراج في العقدة التفاوضية بالنسبة لمراقبين قد تحصد الخرطوم غلته بصورة أوفر من الآخرين، فقد حملت الصحف أمس خبراً عن مساع من واشنطون لإعادة تقييم العلاقة مع الخرطوم وسط توقعات برفع العقوبات، وهو الملف الذي لم تمل الخرطوم في المقابل من الطرق عليه واللهث وراء تحقيقه بكل السبل.
وثمة من يشير إلى أن ضغوط بوث على الخرطوم تقابلها ضغوط أخرى على قوى نداء السودان المعارضة، فالرجل نجح في مرة سابقة في جعلها تذهب إلى أديس أبابا وتوقع على خارطة الطريق التي طرحتها الوساطة الأفريقية للسلام في السودان قبل أكثر من شهر تقريبًا، وهو ما يجعل بوث أكثر تفاؤلًا في نجاح مهمته الجديدة، إذ ينتظر أن ينخرط في لقاءات مماثلة مع الطرف المناوئ للحكومة، لإجباره على تقديم تنازلات مماثلة، لضمان عودة الأطراف إلى طاولة التفاوض من جديد منتصف سبتمبر الحالي، بعد أن يعود محملًا بصك تنازل حكومة الخرطوم بأن تمر المساعدات “عبر مطاري كادقلي والدمازين، وأن يكون النقل لمناطق الحركة عبر الأمم المتحدة”، حسبما يرى محمود.

اليوم التالي


‫3 تعليقات

  1. ههههههه الجماعة زمااااااان بصمو بالعشرة ووافقو على اى حاجة

  2. ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية لا تدفع مقابل ما يهدى لها * ظلت الحكومة السودانية تجرى جرى الكلاب وراء الولايات المتحدة وتقدم التنازل تلو التنازل لعل وعسى ان ترضى عنها الحكومة الامريكية * تعاون تام فى مكافحة الارهاب قدمت كل المعلومات التى لديها لنيل رضا الامريكان ولكن هيهات * قدمت كل المطلوب لانفصال الجنوب ودون الحصول على أى مقابل كان مشروعا لاى سياسى حصيف ولكن للأسف تركت الجنوب تذهب وكان بالامكان ” الوقوف ألف أحمر ” حتى نيل مقابل مشروع مثل معالجة ديون السودان ورفع السودان من الدول الراعية للارهاب وعدم استهداف أى مسئول سودانى من قبل المنظمات الدولية التى انشئت لدول افريقيا وترسيم الحدود وحل الفرقتين التاسعة والعاشرة وغيرها كثير وكثير كان بالامكان الحصول على مقابل ولكن للأسف الشديد هؤلاء الدراويش مازالوا يلهثون وراء امريكا والأكيد ان المندوب الامريكى قادم وهو مالى ايده منهم وسوف ترون الهدايا المجانية وسراب رفع العقوبات * آه *أى * أوووووعككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككككك***

  3. قلنا امريكا يامزيكه…الكيزان اولاد امريكا…انا غير قلق ابدا واثق جدا ان كل شئ مرتب وسوف يكون كن فيكون..اقدار الله كتبت للامريكان وليس الكيزان هوس…بلا مسخره.احا