منوعات

“تويتر” يوسع الحوار حول الموت والحزن


بالرغم من أنّ أحزان الموت تعد من المسائل الاجتماعية الخاصة جداً، أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إعادة تعريف الحزن وتشكيل وسائل جديدة للتعبير عن أحزان الناس. وكان لموقع تويتر على وجه الخصوص، دور كبير في توسعة دائرة هذا النوع من الأحاديث، وفقاً لدراسة أكاديمية نشرت مؤخراً.

وفي ورقة بحثية عرضت يوم 20 أغسطس/آب الماضي ضمن فعاليات الاجتماع السنوي لرابطة علم الاجتماع في مدينة سياتل الأميركية، قام اثنان من طلاب الدكتوراه في جامعة واشنطن هما نينا سيزر وجنيفر برانستاد بتحليل الردود والتعليقات على حسابات بعض المستخدمين المتوفين، والتي استغلها أقارب وأصدقاء الشخص المتوفى، لإبلاغ الناس بخبر الوفاة في شكل يمزج بين السلوك العام والخاص. حيث كان إعلان خبر الوفاة يختلف في “تويتر” عنه في وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.

وفي حين كانت المشاركات حول الموت على “فيسبوك”، على سبيل المثال، تميل إلى أن تكون شخصية أكثر، ولا يشارك بها سوى الذين عرفوا الشخص الراحل؛ فإن كثيراً من مستخدمي موقع “تويتر”، كانوا لا يعرفون الشخص الميت، ومع ذلك يتجهون للتغريد بتعليقات شخصية أو عامة حول المتوفى، وفي بعض الأحيان يربطون الوفاة بقضايا اجتماعية أوسع كالمرض العقلي أو الانتحار وغيرهما.

وقالت سيزار إن “تويتر يجمع الغرباء معا في هذا الفضاء، ليتقاسموا معا الهموم المشتركة، ولفتح حوارات حول الموت بطريقة فريدة من نوعها حقا”. وكانت الباحثتان قد استخدمتا موقعا على الإنترنت يربط بين صفحات السوشال ميديا للأشخاص المتوفين بسجل الوفيات على شبكة الإنترنت، من أجل العثور على مستخدمي تويتر الذين توفوا.
وقامت الورقة على تصنيف واحد وعشرين ألف نعي وفاة في تلك السجلات وحددوا 37 شخصا من المتوفين لهم حسابات على تويتر، (الغالبية العظمى من الموجودين في السجلات مرتبطون بفيسبوك أو ماي سبيس). وكانت الأسباب الأكثر شيوعا للوفاة للأشخاص في العينة هي بالترتيب: حالات الانتحار وحوادث السيارات وحوادث إطلاق النار.
غاصت سيزر وبرانستاد في الكلمات المنشورة على حسابات الـ 37 شخصاً (العينة) بعد إعلان وفاتهم؛ لمعرفة كيف غرد مستخدمو تويتر حول المتوفين. وقد خلصت الورقة إلى أن تويتر استخدم للنقاش والجدال وحتى للتمجيد أو لإدانة المتوفين.

ومن بين النتائج التي توصلو إليها: أكد بعض مستخدمي تويتر ارتباطهم بالراحل عن طريق مشاركة ذكريات، وبعض التعليقات التي تؤكد العلاقة بينهم، مثل: “أحبك وأفتقد تشجيعك لي”، “أحبك وأفتقدك كثيرا”. في حين علق آخرون على طبيعة الوفاة بمثل “من المحزن قراءة تويتات الفتاة التي قتلت”. في حين أعرب آخرون عن أفكارهم حول الموت والحياة بعبارات مثل: “تراه في يوم ثم يرحل في اليوم التالي”، في حين أصدر بعض المستخدمين أحكاما على المتوفى في تعليقات مثل “أن تكون مالكا لسلاح ناري، فذلك يفرض عليك أن تتمتع ببعض الحس السليم، وهذا ما يبدو أن الشخص المتوفى يفتقده”.

طبيعة التعليقات الواسعة، وفقاً للورقة البحثية، تعكس كيفية معالجة تويتر لمسألة الوفاة أكثر من فيسبوك، بالرغم من أن الأخير هو أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في العالم. فمستخدمي فيسبوك غالبا يعرفون بعضهم في خارج الشبكة، وغالبا ما ينشرون صورهم الشخصية، ويمكن رؤية ملفاتهم الشخصية، على النقيض من ذلك فإن من الشائع أن يقوم مستخدمو تويتر بالتغريد على أي شخص، وبعبارات لا تتجاوز 140 حرفا، فينشرون أفكارا تلمس مشاعر المستخدمين الآخرين، وتعري أرواحهم، وقد يستخدمون حسابات عامة يصعب التعرف عليها. وتقول الدراسة إن من أهم سمات تويتر أنه يخلق جوا أقل شخصانية، ويشجع المستخدمين على الانخراط في التعليقات على أحزان الوفاة مهما بعدت صلته بالمتوفى.

العربي الجديد