تحقيقات وتقارير

فاروق أبوعيسى.. إستقالة في الزمن الضائع


ظلت قوى الإجماع الوطني منذ تأسيسها قبل سبعة أعوام خلت ـ كخط متوازي لمجموعة من أحزاب المعارضة في مواجهة الحكومة ـ بعيدة عن المشهد السياسي الداخلي نتيجة مكوث قيادة التجمع بعواصم الدول الخارجية، ومحاولتهم إدارة ملفات المعارضة من علي البعد بواسطة الريموت كنترول، دون تحقيق المعارضة لأي نجاحات من خلال مسارات إثبات جاهزية قوى التجمع ومدى مقدرتها لقلب الطاولة على الحكومة، بيد أن حائط السد الذي وضعته الحكومة أمام تسديدات كرة المعارضة، جعلت رئيس تحالف قوى الإجماع فاروق أبوعيسى يبدي حسرته على عدم تمكنهم من إحراز أي أهداف سياسية في شباك الحكومة، واعتزامه مغادرة منصبه وتقديم استقالته في حالة قبولها من الرفاق، مفسراً خطوته تلك وفق حوار له مع الزميلة “المجهر “ لعدم رضاه بالاستمرار، ويبدو أن الضغوط التي يتعرض لها أبوعيسى تجعله في كل مرة يتحسس جيبه ليشهر الكرت الأحمر بمغادرته لكبينة قيادة قوى الإجماع، ففي أعقاب نهاية العام الماضي لوح أبوعيسى بمغادرة كرسي الرئاسة وتقديم استقالته من رئاسة تحالف المعارضة في حال استمرار القطيعة بينه والجبهة الثورية، ويبدو أن الرجل أصابه اليأس على الأقل في هذه المرحلة من أحداث قوى الإجماع لاختراقات سياسية تجعل الحكومة تمضي في اتجاه التسوية السياسية المنشودة، فلربما يكون هذا التلويح بالاستقالة هو التلويح الأخير من أبوعيسى وإن تم في أعقاب الزمن بدل الضائع .

*التلويح بالاستقالة
ورغم إعلان أبوعيسى عدم رضائه عن مايجري داخل قوى الإجماع الوطني وأن الوضع الحالي محبط “وما بودي لقدام” تمسكت سكرتارية القوى ببقائه بمنصبه كرئيس للتجمع، مفندة في ذات الوقت ما يشاع عن اعتزامه مغادرة المنصب، وقال وجدي صالح المحامي لـ(آخر لحظة) بصفته الضمنية بسكرتارية التحالف إن أمر استقالة ابوعيسى المشار إليها تم التلويح بها من قبل عام، مشيراً إلى بقاء أبوعيسى في منصبه لمزاولة نشاطه المعتاد، على الرغم من الظروف الصحية التي يمر بها، وليس ببعيد عن هذه المرامي يلتقط عضو الهيئة العامة لقوى الإجماع القيادي الناصري ساطع الحاج ليحرز بلكلماته هدفاَ من ضربة تسلل واضحة، حينما مضى في القول بأن تململ أبوعيسى مرده إلى ما يصبو إليه من أفكار يريد انفاذها على قوى الإجماع، ويشير ساطع إلى أنها تتمثل في وجوب تصعيد العمل الجاهيري بالإجماع، بجانب تفعيل بنود العمل السياسي تجاه الحكومة بالانتفاضة أو إسقاط النظام، ويتابع إن أبوعيسى يواصل الآن مهمته في رئاسة الإجماع بكل تجرد ونشاط، ويضيف أن أبوعيسى رغم اعتلال صحته إلا أنه مكث لزهاء الإثنتي عشرة ساعة يدير بكفاءة اجتماعاً للمعارضة السبت المنصرم، دون أن يشير إلى أمر الاستقالة، مردفاً بأن أبوعيسى بقدرته الفائقة في الإمساك بزمام الأمور باجتماع الهيئة الأخير، جعل “الموية تكذب الغطاس”

* فاقداً للثقل السياسي
ويرسم المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين البروفسير حسن الساعوري بريشته لوحة مبتورة المعالم حول تفاصيل أهمية بقاء أبوعيسى على سدة قوى الإجماع دون ثقل سياسي يستند عليه، بقوله إن أبوعيسى رغم أنه كان يسارياً، إلا أنه يفتقر الى القوى السياسية المساندة له، المتمثلة في النفوذ والثقل السياسي، ويشير الساعوري إلى أن فقدان الثقل السياسي سيجعل أبوعيسى في مهب الريح لدن كل منعطف يمر بقوى الإجماع، لأنه في رئاسة المعارضة لايمثل كتلة، وإنما يمثل نفسه فقط، بيد أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الاسلامية د. راشد التيجاني ربط حالة اعتزام أبوعيسى الاستقالة بالفشل الذي لازم قوى الإجماع في إحراز أي تقدم على صعيد الملفات السياسية المنوطة بها، سيما مقابل التنازلات الحكومية الأخيرة التي أبدتها عبر مصفوفة الحوار الوطني، والإحساس الذي تولد لديه في عدم استطاعته القيام بإحداث تغييرات جذرية على مسار الإجماع، والمضي به قدماً نحو تحقيق أهدافه السياسية المنشودة، ماجعله يفكر بجدية في مغادرة رئاسة الإجماع ..ومها يكن من أمر فإن التسريبات المزعومة حول تنحي أبوعيسي عن رئاسة قوى الإجماع، إن لم يكن يضمرها الرجل في نفسه فقد خرجت الي الهواء الطلق، عبر أحاديثه التي أشار من خلالها إلى عدم رضائه على الأداء بالتجمع، وربما هذ ا التململ الذي أبداه الرجل في هذا التوقيت يفسر في إطار القناعة التي توصل إليها بعدم مقدرة المعارضة على الصعود بأشواق الجماهير نحو الانتفاضة وإسقاط النظام، ومهما يكن من شيء فإن استقالة أبوعيسى من التجمع، إذا صارت واقعاً أم كانت من نسيج الخيال، إلا أنها لاتقدم أو تؤخر في وضعية مهاجمي ولاعبي تحالف المعارضة في عدم ملاحقتهم إلى شباك الحكومة ولو عن طريق التسلل .

تقرير:ايمن المدو
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد