منوعات

هل سيختفي الفستق من العالم؟.. الجفاف والإنسان يهددان مصيره


هل يشهد محصول الفستق عاماً صعباً جراء الانخفاض المتوقع للإنتاج العالمي؟

حذرت وزارة الزراعة الأميركية من أن الولايات المتحدة، أحد منتجي الفستق الأكبر على مستوى العالم، ستخفض عدد الفستق الذي ستحصده هذا العام إلى النصف، جراء موجة الجفاف التي أصابت ولاية كاليفورنيا.

وفي الوقت نفسه، حذرت إيران، التي أنتجت مزارعها 250 ألف طن من الفستق العام الماضي، من تدمير مزارعها بسبب الطقس. وهو ما سيسفر عن تغيير هائل في محصول الفستق، البالغ 529 ألف طن، هذا العام.

وأفادت وزارة الزراعة الأميركية بأنه “من المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي 86 ألف طن متري مقارنة بإنتاج العام الماضي البالغ 529 ألف طن”.

كما أضافت “من المقدر أن ينخفض إنتاج الولايات المتحدة إلى النصف مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 122 ألف طن فقط، وهو المحصول الأصغر خلال ما يقرب من عقد من الزمان”.

أما بالنسبة للإنتاج الإيراني “فتشير التقديرات إلى انخفاضه بحوالي 20 ألف طن عن إنتاج العام الماضي البالغ 210 ألف كحد أدنى في مقاطعة كرمان، وهي أكثر المقاطعات الإيرانية إنتاجاً للفستق مع ثبات الرقعة الزراعية في البلاد”. ونجمت الأضرار التي شهدتها إيران عن الطقس.

ماتت أشجار الفستق في القرية الواقعة في جنوب إيران منذ زمن طويل، وأذهبت الشمس ألوانها، كما جفت المياه الجوفية إثر عقود من الإفراط في الزراعة.

وترك آخر المزارعين القرية مع عائلته منذ 10 أعوام، لتصبح القرية كمستعمرة مريخية مهجورة.

تتداعى البيوت الطينية ذات القبب، بينما تتحول الحقول الخضراء إلى أخاديد من الأوساخ، ويمثل الزوجان التائهان اللذان يسكنان أحد المخازن القديمة العلامة الوحيدة للحياة.

يُعد الفستق أكبر صادرات إيران بعد النفط الخام، إذ بلغ إنتاج العام الماضي 250 ألف طن، وهو الرقم الذي لم تتخطَّه سوى الولايات المتحدة مؤخراً.

وفي كرمان الواقعة جنوب إيران، ازداد ثراء المدن بسبب الفستق، لكن الوقت ينفذ بينما تواجه الصناعة الأضرار الناجمة عن تغير المناخ والزراعة غير المقيدة.

وبجوار مدينة سيرجان، هناك خط طويل من حفر المجاري التي تشبه آثار القنابل والتي تشير للنقاط التي جفت فيها المياه الجوفية تماماً، لتنهار الأرض ببساطة.

ويقول حسن علي فيروز أبادي، الذي عاش بالقرب من قرية إزاد أباد لما يزيد على نصف قرن “الزراعة تُدمَر حالياً”.

يستمر عمله بصعوبة. وتتذكر بعض من أشجار الفستق خاصته العصر الذهبي لشاه عباس في القرن السابع عشر، لكن أوراقها تحولت إلى الأخضر المصفر جراء الماء المالح الذي يضخه حالياً.

ويقول أيضاً “كان البئر بعمق 6 أمتار حين كنت طفلاً، الآن يبلغ عمقه 150 متراً وماؤه مالح ومر”.

“كانت هذه القرية مليئة بالسكان. وتركها الغالبية لأجل العمل سائقين وعمال. وبعد عشرة أعوام أخرى لن يتبقى شيء”.

تواجه إيران تحديين رئيسين، التعامل مع الجفاف الذي أصاب البلاد منذ سنوات طوال وما من علامة لتراجعه، ومحاولة إقناع المزارعين بالكف عن الضخ العشوائي للمياه.

يبلغ عدد مضخات المياه غير القانونية في إيران حوالي 300 ألف من إجمالي 750 ألف مضخة، وهو ما دفع الأمم المتحدة للقول بأن إيران تتحول رسمياً من دولة تعاني من “الإجهاد المائي” إلى دولة تعاني من “ندرة المياه”.

في عام 2013، أجرت غرفة التجارة الإيرانية مسحاً لمقاطعة كرمان أظهر فقدانها لحوالي 20 ألف هكتار من مزراع الفستق سنوياً بسبب التصحر.

اعتمدت إيران لقرون على واحد من أكثر نظم الري رقياً، والمتمثل في شبكة من القنوات الموجودة تحت الأرض والتي حملت المياه من أسفل الجبال إلى السهول القاحلة.

ثم أتت المضخات الكهربائية والسياسات العشوائية التي شهدها القرن الماضي. وتضائلت الحاجة للحفاظ على المياه مقابل الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وهو التوجه الذي استمر في عصر العقوبات.

وقال محسن نصيري من المكتب القومي للتغير المناخي في طهران “نحن نبتعد ببطء عن وهم مواردنا غير المحدودة”.

كما أضاف أن الحكومة تنظر أخيراً في إمكانية تقديم حوافز مالية للتشجيع على الحفاظ على المياه. وتوفر أحد البرامج التمويل اللازم للمزارعين لشراء معدات الري الحديثة، لكن تغيير المواقف المتأصلة سيستغرق وقتاً طويلاً.

ويضيف نصيري “إنه قرار متأخر، لكنه يُتخذ”.

محاولة لتفادي المشكلة

ومن جهة أخرى، قام بعض المزراعين بالتحرك بأنفسهم.

تبدو مزرعة فرهاد شريف بأشجار الفستق الخضراء الموجودة فيها كواحة وسط المنظر البني القاحل حولها. ثبتت العائلة منذ ثمانية أعوام نظاماً للري بالتنقيط للسيطرة بدقة على كمية وجودة المياه التي تصل لكل نبات.

ويقول شريف، الذي يدير عمل أبيه، “نحصل على المزيد من الفستق من أشجارنا كماً وكيفاً، كما أننا نستخدم 70% أقل من كمية المياه”.

وهم يحددون حجم مزرعتهم بدقة لضمان تجدد مستويات المياه الجوفية بشكل طبيعي.

ويضيف شريف “على الجميع فعل ذلك”، لكنه يعلم أن المال هو المشكلة. كان لأسرة شريف ما يكفي من المال والعلاقات في طهران لمساعدتهم على أخذ قرض لأجل نظام الري، لكن مزرعتهم لم تتمكن من تجنب المشكلات الأكبر في المنطقة.

يشير إلى أن عليهم سحب الأنابيب وتقصيرها سنوياً بسبب استنزاف المياه الجوفية وهبوط الأرض تدريجياً.

مضيفاً “المشكلة أكثر خطورة مما يدرك الناس. لا يوجد ما يكفي من الرقابة”.

وأنهى الحديث بقوله “ما يحدث حولنا هو كارثة بلغت أوجها لتصبح أزمة”.

هافغنتون بوست