منوعات

الشيشة تغزو تكساس الأميركية.. الطعم الأفضل والتكلفة الأقل


يجلس خوسيه كوردوفا (28 عاماً) في غرفة قليلة الإضاءة بالقرب من متجر لبيع ملابس وأدوات مسابقات رعاة البقر، منشغلاً بتكوين سحابته من دخان الشيشة المزخرفة.

تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، الإثنين 5 سبتمبر/أيلول 2016، نقل عن خوسيه قوله: “التبغ بنكهة المانجو حقاً رائع”. الشيشة التي كان يدخنها في صالة الأهواز تستخدم ثمار الجريب فروت كحجر مجوف يوضع فيه التبغ ما يجعلها “طازجة”.

أماريلو، العاصمة الإقليمية لتكساس بنهاندل هي إحدى أكثر المناطق المحافِظة في الولايات المتحدة. العديد من الصور النمطية لتكساس أتت من هناك، مثل مسابقات رعاة البقر والأحذية الطويلة والجينز. لكنْ هناك شيء جديد يثبت وجوده بجانب أحذية رعاة البقر ألا وهو الشيشة! الشيشة – المعروفة أيضاً باسم النرجيلة – جاءت أصولها من بلاد فارس والهند، ويستخدم فيها التبغ الممزوج بالنكهة ودبس السكر.

خوسيه يدخن منذ زمن طويل، لكنه اكتشف الشيشة منذ عام. ويقول مبتسماً: “عندما تكون محضّرة بشكل جيد مع عدد مضبوط من قطع الفحم، تصبح جيدة وسلسة”.

الشيشة غير مكلفة أيضاً. يبلغ ثمن علبة السجائر بين 8 إلى 14 دولاراً أميركياً في المتاجر المحلية في أماريلو، في حين أن الشيشة والفحم و250 غراماً من التبغ تكلف حوالي 25 دولاراً. ويكفي هذا لتوفير الدخان لمدخن الشيشة لمدة شهر، بينما السيجار الواحد يبقى فقط لساعات معدودة.

يقول خوسيه: “طعمها أفضل من السجائر وتكلفتها أقل، بالإضافة إلى تلقي المزيد من الدخان، الشيشة شيء جميل”.

“سام ك”، الذي طلب عدم ذكر اسمه الأخير في المقال، هو صاحب صالة الأهواز. افتتح سام الصالة منذ عام ونصف تقريباً وسمّاها على اسم مسقط رأسه في إيران. يقول للموقع البريطاني: “لا يقتصر الأمر على من هم من الشرق الأوسط فقط، أصحاب البشرة السمراء وكذلك البيضاء والمكسيكيون يأتون إلى هنا. الشيشة والناس جيدون هنا، فمن المنطقي أن يلتقيا”.

يسكن في أماريلو أكثر من 190 ألف نسمة غاية في التنوع. في عام 2010، كان توزيع السكان حوالي 60% من أصحاب البشرة البيضاء، و30% لاتينيين، و6.3% من أصحاب البشرة السوداء. ولكن منذ ذلك الحين استقر العديد من اللاجئين هنا ضمن برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة، وباتت المدينة الآن موطناً للأفغان والعراقيين وبعض السوريين والبورميين وغيرهم.

أتى سام من مجتمع مسيحي في جمهورية إيران الإسلامية. في عام 2006، وهو آخر مسح للتعداد في إيران، كان هناك ما يقرب من 110 آلاف مسيحي في البلاد. ورغم أنهم يشكلون أكبر أقلية دينية فإن الحياة لم تكن سهلة حسبما يوضح سام.

ويضيف: “أتيت هنا منذ 4 سنوات كلاجئ مسيحي. كان الوضع صعباً هناك بالنسبة لعائلتي وأفراد طائفتي”. يوضح سام أنه واجه التمييز في إيران من المؤسسات الحكومية وزملائه الإيرانيين. “في السوق، لم يكن الناس يلتقطون بعدي الفاكهة التي لمستها، لقد كنت (نجساً) بالنسبة لهم”.

ولكن في مدينة صغيرة ومحافظة مثل تكساس بانهاندل يشعر سام بأنه في موطنه. “لم أواجه مشاكل منذ وصولي، الناس هنا لطيفة جداً. عندما يسألني شخص من أين أنا؟ أجيبهم من تكساس”.

يعترف سام بأن الناس قد يشتبهون في أمره عند أول لقاء معه، لكنه يضيف أن كل ما يتطلبه الأمر هو أن تكون مهذباً ولطيفاً مع بعض الاحترام والضيافة الجنوبية المعتادة.

بالنسبة لأعمال الشيشة لم تكن أفضل حالاً من الوقت الحالي. منذ أن افتتحت صالة الأهواز، ارتفعت أعداد الزبائن بشكل مطرد­. “الكثير من الأشخاص في الولايات المتحدة تعوّدوا على تدخين الشيشة ثم استبدلوها بالسيجار، ولكن الشيشة ستعود مرة أخرى وستصبح أكثر انتشاراً في وقت قريب”.

التبغ والشيشة

يتوافق عمل إحدى شركات السيجار المحلية، واسمها “توتال فليم سيجارز”، مع توقعات سام. فهي الأولى التي تستخدم تبغ السيجار لتدخين الشيشة.

تقول كيسي جونز، نائبة رئيس شركات “توتال فليم” في الولايات المتحدة: “نحن متحمسون جداً لهذا الأمر، وقد تلقينا ردود فعل رائعة”.

ووفقاً لجونز، فإن هذا النوع الجديد من التبغ يحتوي على مزايا كثيرة. فمثلما يتغير طعم السيجار خلال تدخينه وحرقه يتغير أيضاً طعم تبغ الشيشة. هذا التأثير يوفر تجربة متنوعة لمحبي السيجار، تقول جونز إن التأثير مشابه عند التدخين بالشيشة.

تحتاج جلسة تمتد لساعتين إلى غرامين من التبغ فقط مقابل 10 غرامات يوصى باستخدامها مع تبغ الشيشة العادي.

ولكن هنا أحد العيوب، حيث إن “اللوائح الجديدة التي تنظم استخدام التبغ والتي وضعتها إدارة الغذاء والدواء (FDA) تجعل عملية بيع التبغ داخل الولايات المتحدة أمراً صعباً جداً”، وتضيف جونز في إشارة إلى مجموعة اللوائح والقوانين الجديدة التي تهدف لوضع الشيشة والسجائر الإلكترونية والسجائر العادية تحت إشراف الحكومة الأميركية.

هذه القوانين التي دخلت حيز التنفيذ في 8 أغسطس/آب، تنص على أن أي منتج من منتجات التبغ أنتج بعد 15 فبراير/شباط 2007 يجب تسجيله للحصول على موافقة الإدارة. سيسمح لتلك المنتجات التي أنتجت قبل هذا التاريخ فقط بالبقاء في السوق.

وعندما سُئلت إذا كانت تلك القوانين ردّ فعل على تزايد وشعبية الشيشة، أجابت جونز: “لن يفاجئني الأمر، اللوائح تجعل الأمر أصعب، لذلك فنحن نبيع التبغ في روسيا فقط في الوقت الراهن حيث نقوم بإنتاجه”.

يذكر أن لدى روسيا قوانين تمنع التدخين في الأماكن العامة مثل المطاعم، لكن لا تتضمن الشيشة مع الطلب المكثف عليها هناك. وتوضح جونز: “نرغب في بيعه بالولايات المتحدة، نحن متحمسون لذلك. سننتظر ونرى إن كان الأمر ممكناً مع هذه القوانين”.

لا توجد نية للإقلاع

إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية ليست الجهة الحكومية الوحيدة التي تكافح شعبية الشيشة. فمركز السيطرة على الأمراض (CDC) كذلك حدَّث صفحته حول الشيشة في سبتمبر/أيلول الماضي، ويفيد التحديث بأن الدخان ورغم مروره عبر المياه، إلا أنه لا يزال “يحمل مستويات عالية من المواد السامة” وليست “أقل سمية من السجائر”.

وبالعودة إلى صالة الأهواز، يقول خوسيه إنه قرأ نصيحة مركز السيطرة على الأمراض ووجد أن تلك المعلومات مشتبه في صحتها.

ويضيف: “الدراسة التي استشهدوا بها لا يبدو أنها تستند إلى حقائق ثابتة”، قال ذلك ويعني أنها تعتمد على ردود الفعل والآراء من قبل المستخدمين. “بعض الحقائق المذكورة خاطئة. يقول مركز السيطرة على الأمراض إن الجلسة العادية لتدخين الشيشة تحتوي على 200 نفس تقريباً، لكني لم أقم بتدخين هذا الكمّ أبداً في المرة الواحدة”.

على أية حال، لا ينوي خوسيه الإقلاع عن التدخين في الوقت الحالي، “أعلم أن الأمر ليس جيدًا، لكني أعلم أيضاً أن الشيشة ليست سيئة مثل السجائر”.

هافغنتون بوست