تحقيقات وتقارير

تسريبات من داخل (7+7) ورقة الترابي.. حريات (تجاز) بعد الرحيل


لم تمهل الأيام الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي حتى يرى مشروعه “النظام الخالف” الذي طرحه في الحوار الوطني الذي قارب نهاياته لحل مشكلات السودان، وهو مصطلح أثار الكثير من الجدل، حيث لم يخرج تعريف المصطلح الجديد عن توحيد أحزاب وتيارات في كيان كبير، إلا أن ورقة أعدها المؤتمر الشعبي تكفلت بتوضيح المشروع وأهدافه، ولكن اللغط استمر حول مدلولاته، ومن بين الأوراق التي أثارت جدلاً كبيراً أثناء مداولات جلسات الحوار الوطني كانت ورقة للجنة الحريات والحقوق الأساسية قدمها زعيم الشعبي الراحل حول الحريات العامة، لكنها لم تجد الإجماع حولها وقتها، وأمس الأول أظهرت تسريبات أن (الورقة) تم التوافق عليها من جميع أعضاء اللجنة.

توافق تام
ممثل حزب المؤتمر الشعبي في لجنة الحريات والحقوق الأساسية دكتور عمار السجاد يشير إلى أن الورقة التي قدمها الشيخ حسن الترابي قبل وفاته عن الحريات تم التوافق عليها من جميع أعضاء اللجنة بمن فيهم حزب المؤتمر الوطني، وأشار السجاد في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن من أبرز توصيات الورقة “حقوق الإنسان في الحياة”، مؤكداً أن الورقة شددت على أن يكون الحكم بالقصاص لا الإعدام، بالإضافة إلى أن يكون الأمن الوطني تحت رقابة أمنية وعدلية، ونوه إلى أن الحديث عن التزوير في توصيات لجنة الحريات في الأيام الماضية ليس له أساس من الصحة وأن اللجنة توافقت توافقاً تاماً لا رجعة فيه على التوصيات.

سوابق سالفة
باستصحاب حديث السجاد الذي أدلى به حول الورقة، يجد المراقب عسراً في الأخذ بها من قبل خصم الأمس “الوطني” عطفاً على سوابق سالفة “للمؤتمر الوطني” في تعامله مع مقترحات خصومه ومحاوريه لا تشي بأن جديداً سيطرأ، فقد عرف عن الوطني نقضه لعهود ومقترحات وافق عليها بادئ ذي بدء في سياق محاوراته وجداله التفاوضي مع خصومه، غير أن محصلة تلك المقترحات ليس بحجم التطلعات، ولا هي بقدر ما ألزم به نفسه من موافقة، والسجاد يعلم يقيناً بسريرة ونوايا الوطني، وقد خبره الرجل وخبر حزبه طريقة تعامل غريمهم (الوطني) مع مثل هذه التعهدات. ويخلص السجاد إلى القول بأن تطبيق ورقة الراحل الترابي بحذافيرها أمر إن لم يكن بعيد المنال فسيكون عسيراً في أيسر أحواله.

مخرجات (إلزامية)
لا يمكن تفسير خطوة الوطني التي وافق من خلالها على مضمون الورقة “وذلك بافتراض صحة ما قال به الدكتور السجاد، إلا في سياق المناورة وليس غيرها، وما هو مؤكد أن الوطني ليس من السذاجة بحيث يقبل بمخرجات (إلزامية) على شاكلة جعل الأمن الوطني تحت وصاية أمنية وعدلية، وهو أمر عسير الحدوث، علاوة على أن قضايا مثل الحكم بالقصاص لا الإعدام هي قضية لا يختص بها المحاورون أنفسهم فلا الوطني ولا الشعبي يمكنهم التقرير بداهة وفي اجتماع كهذا على الدفع بمثل هذا المقترح دون أن تجيزه مؤسسات قانونية مختصة، وإن نوقش الأمر مسبقاً دون التطرق لذلك، فهو أمر ما يزال غير معلوم، ولكن الثابت أن المسائل القانونية لا تفتي فيها الكيانات السياسية بمعزل عن جهات الاختصاص من القانونيين، وهو ما لم يحدث على أي حال.

تذويب التيارات
ويرى مراقبون أن الورقة شددت على أهمية الاستفادة من تجربة الإسلاميين، في ما يتصل بقضايا الحريات والتنوع، عبر التركيز على الإيجابيات وتطويرها وتلافي السلبيات بما يتناسب والتطور الطبيعي للحياة، ويقوم النظام الخالف بحسب الورقة على تذويب التيارات الإسلامية في حزب واحد، وهو بالتالي شراكة سياسية جديدة تضم الإسلاميين بطوائفهم المختلفة، بمن فيهم ذوو الخلفيات الإسلامية كالسلفيين والتيارات الصوفية والأحزاب الطائفية، وأن يخلف الحزب الجديد الأحزاب الإسلامية القائمة، بما فيها المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني الذي رهنت الورقة حلّه بقيام الحزب الجديد، وفي ظل نظام ديمقراطي.

الأصل يرحب
ممثل حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في الحوار الوطني، ميرغني حسن مساعد رحب بورقة دكتور الترابي حول الحريات، وأضاف مساعد: “المؤتمر أجاز الورقة ونحن مع إجازتها”، مشيراً إلى أن الترابي بذل جهداً مقدراً في الحوار الوطني، وهو صاحب بصمة في كل مشاركاته، وشدد مساعد في حديثه لـ(الصيحة) على تضمين الورقة في الدستور الدائم السودان، وبين أن من الضرورة الخروج بوثيقة يحترمها كل أعضاء اللجنة وأنه لابد من اتفاق يتراضى حوله الجميع.

مساحة حرية
عضو آلية الحوار الوطني كمال عمر نفى في تصريحات سابقة الحديث عن تزوير توصيات لجنة الحريات، مؤكداً أن هناك توافقاً كاملاً حول قضية الحريات بشكل أساسي، وأضاف (الكلام البطلع في الواتساب لا يمثل الحقيقة)، وأشار إلى أن الحوار سيمنح مساحة حرية رأي للكل ليست حكراً على القوى المشاركة في الحوار فقط، وأكد أن اللجان التي كلفت بالترتيب للمؤتمر العام ستواصل اجتماعاتها قبل عيد الأضحى، ولفت إلى أن الاجتماع شدد على ضرورة الاتصال بالممانعين (قوى سياسية وحركات مسلحة)، كاشفاً عن دعوات قدمت لعدد من الشخصيات لحضور المؤتمر العام، فيما يقول عضو الآلية أحمد بلال إنهم يطمعون ويأملون في التحاق الممانعين بالحوار الوطني، وإنهم لن يرهنوا ذلك بالانتظار أكثر مما يجب، وأضاف أن العاشر من أكتوبر هو عرس وطني سيتفق فيه الشعب السوداني لأول مرة على كيف يحكم.

الخرطوم: جاد الرب عبيد
صحيفة الصيحة