تحقيقات وتقارير

حول المراغنة والاتحادي خلافات الزعيم ونجله.. جدل لا ينتهي!!


بادئ ذي بدء، وقبل الدخول في لب الموضوع فإن القائل بوجود خلافات علنية بين زعيم الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني ونجله الحسن، يبدو للوهلة الأولى غير قابل للتصديق، ليس لأن الخلافات بينهما لا تحدث، بل لأن الحزب الاتحادي ورافده الرئيس “طائفة الختمية” خاصة تغلف علاقات أعضائها بسياج متين من السرية، فما بالك إن كان الأمر يتعلق بوجود خلافات علنية بين الميرغني ونجله، وهما أرفع قيادات الحزب والطريقة.
وهذه سابقة، إذ لم يجرؤ أحد من المنتمين للحزب ولسنين خلت على الزعم باختلاف الميرغني مع مسؤول بحزبه علناً، ويمكن استثناء خلافه مع نائبه السابق علي محمود حسنين، لكن ما يعرف عن زعيم الاتحاديين ميله للاستعصام بالصمت المطبق في كثير من القضايا وزهده في الحديث، والرجل في هذه الناحية شديد البراعة في صنع هالة من التوقير لنفسه وسط منتمِي حزبه، حتى صار محض لقائه أمراً غير يسير، ويشد إليه الرحال نفر من رجالات حزبه في معقله ومنفاه بعاصمة الضباب، ولا تفلح جهودهم في مقابلته، بل ولا حتى الخروج بتفسير مباشر منه ولو عبر المقربين من الرجل.
تجدد الخلافات:
أمس الأول، نقلت الزميلة ” التيار” عن تجدد الخلاف بين زعيم الختمية رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني الميرغني، ونجله مساعد أول رئيس الجمهورية محمد الحسن الميرغني، وأبلغ الصحيفة مصدر لم يذكر اسمه ولكنه وُصف بأنه مقرب من الميرغني، أن المساعي جارية لاحتواء الخلاف بين الميرغني وابنه، قبل وصول الميرغني الكبير للبلاد، وتوقع صدور عدد من القرارات من رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني عقب اجتماعاته بعدد من قيادات الحزب بالقاهرة.
وفي السياق لم يستبعد عضو الهيئة القيادية بالحزب الخليفة علي نايل أن يكون لدي الميرغني موقف من المشاركة، وعدَّ إصدار الميرغني بياناً لإلغاء قرارات الفصل هو عدم اعتراف بالمشاركة، وقال نايل للصحيفة: “هذا البيان له ما بعده ونتوقع أشياء كثيرة من ضمنها قضية المشاركة التي أضرت بل أساءت للحزب”، وتوقع عضو الهيئة القيادية أن تسهم عودة الميرغني في إصلاح الكثير من التشوهات التي خدشت جدار الاتحادي.
ودار في وقت سابق من هذا العام همس في المجالس عن خلافات وصفت بالحادة بين زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني ونجله الذي يتقلد منصب مساعد أول رئيس الجمهورية، بسبب ممارسات قام بها الابن لم ترض والده، لاسيما إقدامه على إبعاد عدد من الكوادر التاريخية في الحزب، ممن وصفهم بالدواعش وإصداره قرارات حزبية أبرزها ما يتعلق بمشاركة الحزب في الحكومة دون الرجوع إلى رئيس الحزب الذي يقيم بالعاصمة البريطانية لندن منذ عامين، ووفق حديث المجالس فإن زعيم الحزب التاريخي في السودان رفض لقاء ابنه ذات مرة، على خلفية ما سبق، فضلاً عن أن لديه رأيًا مخالفاً بشأن الحوار الوطني الذي قرر عدم حضور جلساته.
وبطبيعة الحال فإن تأكيد صحة وجود خلافات تظل جزئية مبتورة، على الأقل في الوقت الحالي، بحيث إثباتها بناء على محض دلائل ومؤشرات تقديرية يبدو أمراً صعباً، قبل التثبت بدليل قاطع على شاكلة خروج الخلاف المفترض إلى السطح، تلميحاً أو تصريحاً.
غموض الموقف:
وتتسق هذه الرؤية مع ما قاله القيادي البارز بالحزب الاتحادي، ميرغني مساعد الذي قال لـ “الصيحة” إن محض التعليق على جزئية الخلاف المزعوم يبدو أمراً غير صائب، ولفت مساعد إلى أن ما يثار قد يكون محض اجتهادات كما أن إثبات صحته من عدمها لا تتعلق بأحد غير الرجلين أنفسهم، وهو ما لم يحدث حتى الآن، حيث لم يبرز ما يشير إلى خلاف بينهما.
وفي ذات الاتجاه يذهب الكادر الناشط في صفوف الحزب الاتحادي ورئيس المكتب السياسي للحزب بالكاملين محمد إبراهيم الحاج إلى القول إن الخلاف المزعوم لا يعدو كونه اجتهادات فردية لم يتم إثباتها بدليل محسوس حتى الآن، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرجلين لم يعكر صفوها سوى الأقاويل والشائعات على حد وصفه، بالرغم من إقراره بإمكانية وجود خلاف وهو أمر غير مستبعد بحسابات السياسة، ولكن الأمر لم يظهر للسطح، ومن ثم يخلص إلى القول إن الخلاف المزعوم لا وجود له على أرض الواقع.
أحاديث متكررة:
ما يثار عن خلافات للرجل الأول في الحزب الطائفي لم يكن جديدًا فالكثير من الأحاديث قيلت في هذا الخصوص وليس آخرها ما حدث قبل نحو ثلاثة أشهر، حينما فشلت قيادات تاريخية وذات ثقل ووزن في الحزب من مقابلة رئيس الحزب بعاصمة الضباب، في وقت كشفت فيه مصادر مطلعة أسباب فشل مقابلة الميرغني لوفد القيادات الاتحادية بقيادة طه علي البشير وميرغني بركات بالعاصمة البريطانية لندن، أن الميرغني امتنع عن مقابلة ميرغني بركات تحديداً ولم يكن يرفض مقابلة طه علي البشير صاحب الأيادي البيضاء على الحزب، وقالت المصادر إن الميرغني عاد واتصل بطه علي البشير بعد وصوله الخرطوم، وأرجعت المصادر أسباب الخلاف بين الميرغني وبركات لخلاف تجاري بين الأخير ونجل الميرغني محمد الحسن حول شراء شاحنات بتمويل بنكي، وقالت المصادر إن الخلاف كاد أن يصل المحاكم، وعزت تصاعد وتيرة الخلافات بينهما بسبب اجتماع أمبدة، وأشارت المصادر إلى أن الميرغني هاتف بركات لإلغاء ما عرف في وقت لاحق باجتماع أمبدة إلا أن الأخير رفض الطلب.
خلافات قديمة:
تفتح هذه الحادثة وبافتراض صحتها، قضية لطالما شكلت لغطاً كبيراً عند العديد من الأحزاب، تتمثل في تنامي ظاهرة الامتدادات الأسرية في الكثير من الأحزاب، وهو ما يفتح الباب أمام تحول الخلافات العادية بين فردين إلى خلاف حول مسائل حزبية مثل طريقة إدارة الحزب وتصريف شؤونه، عطفاً على أن وجود الأبناء في هذه الأحزاب لم يكن إلا لكونهم أبناء السادة ويتم ترفيعهم للحفاظ على مكانة الأسرة وجعلها دائماً على رأس القيادة، وهو تحليل ينطبق على الحزب الاتحادي بشكل جلي، كما ينطبق على صنوه وشبيهه حزب الأمة القومي، وفي المثالين تواترت القيادة والمواقع العليا لمخصوصين من أبناء قادة الحزب.
سوابق عديدة:
الخلافات الاتحادية ليست وليدة اليوم، حيث تشير الوقائع إلى بروز خلافات علنية بين المراغنة كان طرفاها رأس الدولة السابق الراحل أحمد الميرغني جد القيادي الحالي بالاتحادي إبراهيم الميرغني والسيد علي الميرغني، ووصلت الخلافات لحد تقديم رأس الدولة السابق شكوى في المحكمة ضد السيد علي تتعلق بحقوقهم ونصيبهم في ورثة أسرة المراغنة، ومؤخراً برزت خلافات محتدمة بين نجلي المراغنة ” إبراهيم والحسن” وصلت لحد الخصومة، وتنوعت أسبابها ما بين تفويض الحسن في إدارتها ومدى مشروعيته وحدود صلاحياته أو سواء تعلق الأمر بقضية أموال الأسرة أو في طريقة إدارة الحزب الطائفي العريق.

الصيحة