لبنى عثمان

على أعصابي تمر أيامي


جلست بين أوراقي.. وحيدة أتصفح في كتاب حياتي ورقة ورقة.. سطور من الفرح وكلمات حزينة.. نقاط عتاب ودمعة بريئة.. رثاء في رحيل حبيب.. وابتسامة غابت في هذه الدنيا العجيبة.. ثوب من الحزن تكسوه رقعة من الفرح.. ورقة كتبت فيها فرحة حياة وورقة بصمت فيها رحلة عذاب.. وقسوة زمن جارٍ وعمر لن يحتمل الانتظار..
أنا في حيرة من ذكريات الماضي ﻷنها تؤلمني.. وتخنق أنفاسي.. وسأحاول أن أفتح صفحة جديدة في ما بقي من حياتي.
أحاول أن أستقبل كل عام يمر علي بفرح غير مشوب بالحسرة والأسى على عام مضى.
ما يمضي تبقى منه الذكريات.. بحلوها ومرها ومع الوقت يخف طعم المرارة ويرتفع منسوب الحنين إلى أيام كانت ملأى جمالا وفرحا وخيرا.. هكذا تعودنا أن نعزي أنفسنا مهما كانت السنون التي عشناها قاسية ومريرة.. لست ممن يعتقد أن كل يوم يمضي لا يأتي أفضل منه.. فالحنين يجعلنا نعتقد ذلك أو ﻷن الماضي رغم كل ثقله يمسي خفيفا مع مرور الزمن فنظنه أجمل وأخف وطأة مما كان في الواقع.. ولعل كثرة العذابات والأحزان تجعلنا ندرك قيمة الحياة أكثر فأكثر.
اعتدت أن لا أعيش الحزن والأسف على رحيل عام مهما كان.. بل أشكر الخالق العظيم الذي منحني نعمة الحياة أولا.. وفرصة عيش واستقبال عام جديد وحدث جديد.. لذا لا أقول أفلت سنة أو مضت سنة.. بل أقول بدأت سنة جديدة في عمري.. عساها تكون ملأى خيرا وفرحا وحبا وجمالا.. وإن كنت أعرف أنه من المستحيل أن يمر يوم واحد لا سنة كاملة بلا أحزان ولا ومآسٍ.. بلا خوف ولا فراق ولا كوارث طبيعية وغير طبيعية.. ونهايات غير سعيدة لقصص حب وصداقات ومشاريع عمل.. هذه هي الدنيا.
لكنني وسط هذا أبحث عن القليل مهما كان بسيطا.. عن الفرح مهما كان ضئيلا.. عن الخير مهما كان قليلا.. عن الحب مهما كثرت الضغائن والأحقاد.. وإن كنت مؤمنة بأن مانبحث عنه يكمن في دواخلنا أصلا.
فالسعادة لا تأتي عبثا من مجرد شعارات كبرى أو أفكار ولا من مجرد نظرية.. إن السعادة تولد من تفاصيل يومية بسيطة.. من ضحكة طفل.. أو ابتسامة تغلفها دعوة من والديك.. أو لفتة حنان من حبيب لحبيبه.. كلمة طيبة بلا ثمن أو مقابل.. نجاح خطوة أولى في مشوار طويل.
ولندرك حقيقة مخفية أن النجاح الحقيقي الثابت يأتي من التعلم من الفشل وتحويله إلى تجربة مفيدة لا نكررها مرة أخرى.
وأن نعيش بالأمل ونضعه عنوانا ﻷيامنا.. وإن أردنا أن نبحث عن الأمل فلنبحث في ذاتنا لأن دواخلنا حبلى بالأمل.
** أمنية مغلفة بالأمل **
لو كانت الأيام تعود للوراء..
لعدت إلى منزلنا القديم.. وفتحت حقيبتي المدرسية
وكتبت واجباتي بقلم الرصاص وغفوت على ركبتي أبي وأنا أتابع أفلام الكرتون.
لكن أبي مات.. وأفلام الكرتون القديمة مات التشوق إليها..
وما بقي إلا جدران قلبي حزينة.. لكنني سأرمم تلك الجدران.. وأنقش عليها كل كتاباتي وألونها بأجمل رسوماتي.