منوعات

“اختفى صوتي”… هل هو سرطان؟


في فصل الشتاء عادة، يخفت صوتنا حتى يكاد يختفي، فنقول “اختفى صوتي!”. كثيراً ما يحدث ذلك عند الإصابة بنزلات برد أو بالتهاب حنجرة مرتبط بالتهاب في الجهاز التنفسي أو بالإنفلونزا. إلى ذلك، كثيراً ما يلاحَظ اختفاء أصوات المدخّنين، وكذلك المدرّسين وغيرهم من الأشخاص الذين يحتاجون إلى التكلّم كثيراً خلال أدائهم عملهم، أو الذين يستنشقون مواد كيميائية خلاله.

في بعض الأحيان، قد يكون الأمر أكثر من ذلك. أيّ تغيّر في الصوت قد يكون “إنذاراً” باحتمال الإصابة بسرطان الحنجرة. لذا يشدّد المعنيّون على ضرورة استشارة طبيب متخصص عندما تمتدّ فترة “اختفاء الصوت”.

استشارة ضرورية

يوضح الطبيب المتخصص في الأنف والأذن والحنجرة، الدكتور أنطوان نعمة، لـ “العربي الجديد”، أنّه “حين نتكلم عن إساءة استعمال الصوت ‏نعني بذلك الضغط على الصوت والصراخ والزعيق وجرح الحنجرة. والأمر قد يرتبط باستهلاك الكحول والتبغ‏، أو بوجودنا في أماكن يكثر فيها الدخان والغبار، أو بغياب الرطوبة والمناخ ‏الجاف”. يضيف أنّ “كلّ تغيّر في الصوت يستمر أكثر ‏من ثلاثة أسابيع، يستلزم استشارة الطبيب. وانطلاقاً من مبدأ الكشف المبكر، تبيّن المعطيات الطبية إمكانية الشفاء من عدد كبير من الأمراض، في حال معالجتها في الوقت المناسب”.

وإساءة استعمال الصوت، بحسب ما يشرح نعمة، “يؤدي إلى تشكّل عقد في الحبال الصوتية. والتخلّص من عقدة ما يكون خلال ‏الاستعانة باختصاصي في النطق، علماً بأنّ العقد في الحبال الصوتية قد تستدعي أحياناً علاجاً ‏جراحياً، ونسبة ذلك 10 في المائة”. ويوضح أنّ ‏”سرطان الحنجرة هو ورم قابل للشفاء في حال كشفه في مرحلة مبكرة. أمّا إذا أصبح السرطان في مراحل متقدمة، فإنّ فرص الشفاء تتراجع وتزداد الآثار الجانبية للعلاجات المتوافرة. وسرطان الحبال الصوتية يصيب في الأساس المدخنين بنسبة 90 في المائة ‏من الحالات”. يضيف أنّ “استعادة الصوت ‏الطبيعي أمر شبه مستحيل. لهذا السبب، لا بدّ من أن يستشير المدخنون أهل الاختصاص بانتظام، وأن ‏يخضعوا لفحص الحبال الصوتية مرّة كلّ ستة أشهر”.‏

ويعيد نعمة التشديد على “أهميّة الكشف المبكر، من خلال فحص بالمنظار، يعمد فيه المتخصص إلى إدخال أنبوب رفيع في الأنف للتأكد من سلامة الحنجرة أم لا”. لكنّ نعمة يشدّد على أنّ “تغيّر الصوت لا يعني بالضرورة إصابة بالسرطان، وقد يرتبط بالضغط أثناء الكلام أو الصراخ، أو بمشاكل هرمونية، أو الارتجاع الحمضي من المعدة. و نجده في الغالب عند المدخنين والمصابين بداء السكري وكبار السنّ، وكذلك عند المصابين بشلل في الأوتار أو تمزّق على أثر جراحة في الغدة الدرقية”. من هنا، لا بدّ من مراجعة الطبيب لتشخيص الحالة.

تجنّب كثرة الكلام

من جهتها، تقول الاختصاصية في الطب الداخلي، الدكتورة ديانا عون، لـ “العربي الجديد”، إنّ “التدخين من أبرز أسباب اختفاء الصوت وضرر الأوتار الصوتية، ثمّ تأتي اللحميات على تلك الأوتار”. وتشدد على “ضرورة تجنّب كثرة الكلام للحفاظ على الصوت، وأيضا الابتعاد عن تناول المثلجات، إذ إنّ تجلّدها يحرق الأوتار الصوتية”. وللحفاظ على صوت سليم، تنصح عون بـ “تجنّب الصراخ وإيجاد وسائل أخرى للتعبير، من دون همس وكلام مبالغ فيه. ومن المفيد محاولة الحفاظ على الصمت لمدّة عشر دقائق مرّات عدّة في اليوم. كذلك لا بدّ من ‏تجنب الإجهاد في السعال إذا تعذّر ذلك، وشرب رشفات قليلة من الماء في الوقت عينه، مع أهميّة ‏الابتعاد عن التدخين لأنّه يثير الأوتار الصوتية.‏ أمّا الكحول فيزيد من الكلام بصوت عال‏”.

وتضيف أنّ “من الضروري تجنّب الكلام في حال الشعور بألم وانكماش أو وخز في الحنجرة. فذلك يفاقم الوضع إذ تكون العضلات مشدودة.‏ والاسترخاء قدر المستطاع أمر مفيد أيضاً”.

لا مكالمات هاتفية

إلى ذلك، يقول الطبيب المتخصص في الجراحة، الدكتور رشيد رحمة، لـ “العربي الجديد”، إنّه “من المستحسن عند اختفاء الصوت لفترة طويلة، أن يأخذ الطبيب خزعة لفحصها مخبرياً والتأكد من نوع الالتهاب الذي تسبب في اختفاء الصوت. وبناءً عليه، يمكن اللجوء الى الجراحة بالمنظار”. ويشير إلى أنّ “حديثي الولادة يعانون أحياناً من مشكلة خلقية، لذا نلجأ إلى عملية جراحية كبيرة لفتح مجرى الصوت من الأنف وصولاً إلى مجرى البلع، بهدف إنقاذ المولود من أية حالة اختناق”. وينصح رحمة بـ “الابتعاد عن كثرة الأحاديث الهاتفية، إذ إنّها تؤذي كثيراً الأوتار الصوتية وتزيد من احتمالات اختفاء الصوت”.

العربي الجديد