تحقيقات وتقارير

الخرطوم.. عودة المسافرين تعيد الحيوية.. حركة دائبة


بعد التخمة التي أصابت جميع أهل الدار من جراء تناول اللحوم بكافة أشكالها وأنواعها طيلة أيام عيد الأضحى المبارك، استيقظت (سمية) باكراً وتوجهت إلى السوق بإصرار لتناول أي نوع من الأطعمة، ولكنها لم تهنأ، كما لم تستطع تلبية رغبة أسرتها، لأن سمية لم تجد حتى (قدرة فول) تبتاع منها القليل، لتعود أدراجها تكفكف خيبة أملها أو أملهم في التغيير، وأعدت لهم ذلك اليوم وجبة “كوارع” مما تبقى من الأضحية، هذا حال الخرطوم أثناء عطلة العيد الذي استمتع به الجميع عدا أهلها.

هدوء، وكأن نفخة صور أصابت العاصمة وأطرافها وحواريها، انعدام الحركة وخلو المكان جعل من العاصمة الصاخبة الضاجة بالناس نصفاً مشلولاً، أسواق مغلقة وأرصفة ترتفع فيها أكوام النفايات لتصل مداها، مواقف المواصلات خالية من المركبات والركاب معاً، لكن الازدحام كان في أماكن أخرى.. وها هي العاصمة اليوم تحتضن من جديد ساكنيها من أهل الولايات الذين تركوا فراغاً ملحوظاً بعد إجازة امتدت لأسبوع وربما أكثر بسبب المناسبات.

الدينمو المحرك
إذاً، صح القول بأن “العاصمة سودان مصغر ومتماسك” وما يدل على ذلك أن أبناء الولايات الدينمو المحرك لها، بعد أن أصيبت بسبات عميق جراء سفرهم خلال عطلة العيد وها هم ينقلبون عائدين.. (عبد الرحمن) الذي قضى عطلة العيد بمدينة القضارف يشير إلى أنه عانى أيما معاناة في الحصول على تذكرة عودة من السوق الأسود بلغ سعرها (220) جنيها، وقال: “عملي يرتبط بالخرطوم لذلك من الضروري العودة في الوقت والزمان المناسبين، لكن الزحمة في المواصلات وتذبذب التعرفة كانا أكبر العوائق، رغم أنها باتت أمراً طبيعياً يحدث بمناسبة وبدونها”، وأضاف: الملاحظ أن هذا العيد قل فيه عدد المركبات في الشوارع والمواقف لأن معظم السائقين من أبناء الولايات، ومن الملاحظ أيضا أن أي حي من أحياء العاصمة المثلثة عانى من إغلاق الدكاكين في العطلة الأمر الذي صعب الحصول على المتطلبات اليومية، وعند الذهاب إلى السوق ربما تعود خالي الوفاض لأن الكل في عطلة إلا قليلا، وهو الحال أيضا في بقية منافذ الخدمة حتى صارت الخرطوم خالية.

مركز الخدمة
“يستيقظون باكرا لأنهم أتوا كي يوفروا لأنفسهم وأهلهم مالاً وراحة بال، لا يتضجرون من غيرهم فأغلبهم من العمال والتجار والموظفين، ولو تركت الخرطوم على سكانها لظلت بائسة يائسة هذه الأيام”، هكذا بدأ عبد الرحمن حديثه، وتابع: أما بالنسبة للذين يمتعضون ويتضجرون من وجود أبناء الولايات في العاصمة ويصفون وجودهم بأنه مجرد زحام فإذا أتيحت لهم الفرصة وخرجوا أيام عطلة العيد لاتضحت لهم الرؤية واكتشفوا أنهم يعيشون بفضلهم، ولكم أن تتخيلوا إن كان ذلك هو الوضع الطبيعي فماذا كان سيحدث لسكان الولاية؟” ومضى في حديثه قائلاً: هذا يدل على أن من قدموا من الولايات لم يأتوا حتى يناموا في ضجيج العاصمة بل كان ذلك بحثاً عن لقمة العيش وإن أرادوا العطلة لتعطلوا وتبطلوا في ولاياتهم التي تعد بدون شك أفضل من الخرطوم وزحمتها وارتفاع حرارتها فضلاً عن سرعة إيقاعها وغلاء معيشتها، وأشار عبد الرحمن إلى أن الخرطوم هي وجهة أهل الولايات لأنها مركز الخدمات والتعليم والعلاج وغيرها وإذا أتاحت الدولة فرص عمل ووفرت الخدمات الأساسية هناك لما هجروها.

العائدون
في السياق قال الأمين العام لغرفة البصات السفرية عوض عبد الرحمن بحسب صحيفة المجهر السياسي: “عملية نقل الركاب تمضي بصورة سلسة دون أي مشاكل أو حوادث، وإن الموانئ البرية بالعاصمة تستقبل يومياً “400” ألف شخص عائدين من الولايات منذ رابع أيام العيد وحتى الأمس، وبدأت عمليات العودة العكسية من الولايات اعتبارا من الخميس الذي شهد ذروة التفويج العكسي بواسطة إدارة المرور”.

الخرطوم – درية منير
صحيفة اليوم التالي