تحقيقات وتقارير

الحجيج السودانيين ..تذمر في بريد الحج والعمرة


الطريق إلى أداء فريضة الحج لم يكن مفروشاً بالزهور والورد كما يظن أغلب الذين سعوا إلى الفوز بالفريضة من الحجيج السودانيين الذين نفضوا أياديهم من روتين الحياة اليومية ورهقها، قبل أن يسرجوا خيولهم باكراً، ميممين شطر وجهتهم صوب الكعبة المشرفة، تاركين البحر خلفهم والحرم المكي أمامهم عبر رحلة كانت بقليل زاد، على أن تهيء لهم إدارة البعثة زاد المأكل والمشرب والمأوى، لكنهم وقبل أن يحطوا رحالهم بالأراضي المقدسة ويشرعوا في نصب خيامهم عند مضارب المشاعر المقدسة، لم يكن ليعكر صفوهم إلا تساقط الإزار التي يتدثر به مسؤولو البعثة السودانية، وانكشاف عورة الخدمات الوضيعة التي يقدمونها لهم من الإطعام والترحيل مقابل التكاليف الباهظة التي تحصلتها إدارة الحج والعمرة .

حالة تضجر
الأمس حمل أنباء عن تضجر واستياء واضح أبداه الحجيج من رداءة الخدمات التي قدمت إليهم، وما الأصوات العالية التي صدحت بها حناجر الحجيج من بعثة ولاية الخرطوم من خلال خروجهم عن الطوق وتوجيههم لسهام النقد صوب إدارة الحج والعمرة، ماهي إلا خطوات ماضية في ذات الاتجاه من خلال اجترارهم لصنوف المعاناة التي حملوها معهم في تطوافهم حول المشاعر المقدسة، والمشقة والعنت الذي لازمهم من سوء التنظيم وعدم التنسيق مع المطوف السعودي، بجانب تكدس الحجيج المنتظرين بالبصات إلى زهاء التسع ساعات عند القدوم إلى المدينة المنورة، والخلط والإدارج الخاطيء لبعض الحجيج في قطاعات أخرى غير قطاعاتهم الأصلية فالمشهد برمته يمثل جذوة الأزمة.

رمي جمرات أخرى
لكن التفاصيل التي روتها للصحيفة إحدي العائدات من الحج كانت بمثابة رمي الجمرات في وجه إدارة الحج والعمرة وتبيانها القصور الذي لازم أداءها في خدمات الإطعام والترحيل وكشفت الحاجة (م.ن) التي سافرت عبر الحج السياحي حجم المعاناة التي لازمت الحجاج السودانيين، من الذين سافروا عبر التفويج الحكومي من الرهق والبحث عن لقمة خبز أو جرعة ماء، ماضية في سردها لمعاناة إحدى الحاجات عند مشاعر رمي الجمرات إثر دخولها إلى خيمتهم بالخطأ، وهي تتضور جوعاً رغم إصابتها بداء السكري، طالبة الغذاء، ويبدو أن احتجاجات الحجيج التي تناثرت في الساحة لهي أقوى ضربات توجه إلى صدر المعنيين بالحج والعمرة

* كشف المستور
لكن ضربات الجزاء التي صوبها الحجيج نحو شباك الحج والعمرة أدت إلى اهتزاز شباكها وإلى نزول المدير العام لإدارة الحج والعمرة المطيع محمد أحمد أرضية الملعب بحماس زائد، بغية التصدي إلى ضربات الحجيج وردها عليهم ورمي المطيع بنفسه بين الخشبات الثلاث، ليقي إدارته من الدمغ بالتقصير تجاه الحجيج، قبل أن يشهر الكرت الأحمر أمام المشككين بإدارته عبر الخبر الذي أوردته الزميلة «المجهر» بقوله إن الخطة التشغيلية للحج سارت كما هو مخطط لها، وبتعاون وثيق مع السلطات السعودية، مما أدى لاكمال الحجيج أداء مناسكهم بسهولة ويسر، مبيناً جاهزيتهم لنقل الحجيج إلى السودان، واكتمال كافة الإجراءات المتعلقة بالتفويج وفقاً للجدول الزمني المضروب، ويبدو أن المطيع أرد بهذه الكلمات إبعاد الأهداف الطائشة عن شباكه، بيد أن المعلومات التي حملها رئيس اللجنة البرلمانية لمراقبة الحج عمر دياب عبر تغريدة بصفحته الشخصية على تطبيق «فيس بوك» وكشفه عن سوء خدمات الإطعام المقدمة لحجيج البعثة السودانية المتمثلة في الفول والعدس كوجبات رئيسة تقدم في الفطور والعشاء، بجانب طبيخ من الخضروات لوجبة الغداء، مقابل خمسين ريال يتم دفعها عن الشخص الواحد، مضت إلى كشف المستور وتعرية الحج والعمرة من المساحيق الجمالية التي تزينها أمام طالبي خدمة الحج

*تكرار الاخفاقات
وبالمقابل دفعت هذه الاحتجاجات الصامتة والتندر من سوء الخدمات، دفعت قبة البرلمان إلى الترنح لبرهة، ما دفع النائب البرلماني أحمد الطيب المكابرابي ليخرج سلاحه من غمده موجهاً سيلاً من الرصاص لدن دفاعات الحج والعمرة، قبل أن يشير إلى قرعهم للأجراس من خلال تنبيههم لوزير الإرشاد والأوقاف من تكرار الاخفقات التي تدثر إدارة الحج والعمرة، من خلال التدني في الخدمات المقدمة للحجيج مقابل التكاليف العالية التي يدفعونها..
ويمضي المكابربي إلى أبعد من ذلك إلى أن ينتهي به المطاف إلى المطالبة بإقالة كافة الاصطاف المعني بأمر الحج والعمرة بدءًا بالوزير عمار وانتهاءً بالمطيع، مبرراً مطالبه تلك في حديثه لـ (آخر لحظة) بقوله إن مؤسسات الحج والعمرة أضحت مؤسسات لجباية الأموال من الحجيج، دون مصاحبتها لخدمات نظيرها، ولم يشأ المكابرابي إلا أن ينكيء الجرح النازف الذي تفرقت دماؤه بين ادارة الحج والعمرة والبرلمان فيما سبق، لكنه في ذات الوقت سعى إلى معالجة الجرح دون وضع «البنج».

تقرير:أيمن المدو
صحيفة آخر لحظة