منوعات

رؤية تحليلية للحرب الإعلامية بين وزيري خارجية ايران والسعودية


• حرب إعلامية بامتياز تدور الآن بين السعودية وإيران انتقلت إلى مستويات عليا بين وزيري خارجية البلدين وقد ابتدرها وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الذي كتب مقالا في صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية تحت عنوان (لنخلص العالم من الوهابية) هاجم فيه السعودية بضراوة واتهمها (بنشر الوهابية التي تحولت إلى أيديولوجيا تعتنقها الحركات المسلحة في العالم)، وقال (إن الصراع لم يعد بين السنة والشيعة ولكنها تحول إلى صراع بين السنة والوهابية).
• وسعى ظريف إلى ربط منشأ الإرهاب في العالم بالسعودية مركزاً على أحداث بعينها مثل أحداث 11 سبتمبر والقاعدة وجبهة النصرة والمدارس القرآنية في السعودية التي طالب بإغلاقها باعتبارها مصدر الأيدلوجية الإرهابية كما زعم في مقاله وقال إن السعودية تدعم هذه المدارس في شتى أنحاء العالم.
• رد عليه وزير الخارجية السعودية خالد الجبير اليوم 19 سبتمبر 2016م في صحيفة وول ستريت جورنال بمقال عدد فيه الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها إيران خلال مسيرتها منذ ثورة الخميني في 1979م ابتدره بمقولة يرددها الرئيس الأمريكي رونالد ريغان اقتبسها من كلمات جون آدامز الشهيرة (الحقائق أمور عنيدة).
• يقول الجبير (الحقيقة هي أن إيران دولة رائدة في دعم الإرهاب، بوجود مسؤولين حكوميين ضالعين بشكل مباشر في عدد من الهجمات الإرهابية منذ 1979، بما في ذلك التفجير الانتحاري للسفارة الأميركية في بيروت، وثكنات البحرية الأميركية في مطار بيروت الدولي، وكذلك تفجير أبراج الخبر في عام 1996، وشن الهجمات ضد ما يزيد عن عشر سفارات من ضمنها السفارة البريطانية وسفارة الولايات المتحدة الأميركية وسفارة المملكة العربية السعودية، واغتيال الدبلوماسيين حول العالم، كل هذا على سبيل المثال لا الحصر).
• ثم يقول (إذا كانت إيران تريد إظهار صدقها ورغبتها بالمساهمة والمشاركة في الحرب العالمية للتصدي للإرهاب، فيمكن لها أن تبدأ أولاً بتسليم قادة تنظيم القاعدة الذين استمتعوا بالأمان الذي قدمته لهم إيران على مدى 15 سنة بمن فيهم ابن أسامة بن لادن (سعد) وقائد عمليات القاعدة (سيف العدل) وهما من بين العديد من العناصر المدانين بتنفيذ الهجمات الإرهابية ضد السعودية والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الأهداف. وأنها لحقيقة أن سيف العدل قد أصدر الأوامر بتنفيذ التفجيرات في الرياض والتي أودت بحياة أكثر من 30 شخصاً بمن فيهم 8 أميركان، وذلك من خلال مكالمة هاتفية أثناء تواجده في إيران في مايو 2003، ومع هذا لا تزال إيران تحميه).
• ويقول السعودية قائدة في الحرب ضد الإرهاب، حيث جمعت بلادي العالم بأسره في مؤتمر عُقد في عام 2005 لمواءمة مواقف جميع الدول في الحرب ضد الإرهاب. كما ساهمت المملكة بتقديم أكثر من 100 مليون دولار أميركي لتأسيس مركز عالمي لمحاربة الإرهاب في الأمم المتحدة، وأسست تحالفاً عسكرياً إسلامياً مكوناً من 40 دولة بهدف مكافحة الإرهاب والتطرف. كما أن المملكة هي إحدى الدول المؤسسة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وتشترك في عملياته العسكرية الجارية.
• ويضيف علاوة على ذلك، أحبطت المملكة عدة هجمات كانت تستهدف الولايات المتحدة، وكان قادتها هدفاً للهجمات الإرهابية الانتحارية. إن سجل المملكة نظيف ومصادق عليه من قبل حلفائنا في المجتمع الدولي.
• ويؤكد (لكن سجل إيران هو سجل مليء بالقتل والدمار، كما يظهر ذلك عياناً في سوريا وأجزاء من العراق. الكلمات لن تغير من ذلك، بل الأفعال الملموسة سوف تفعل ذلك. أهـ انتهى مقال وزير الخارجية السعودي).
• الشئ الملاحظ خلال الفترة الماضية أن الحرب الإعلامية بين إيران والدول الخليجية انتقلت إلى الصحافة الأمريكية والغربية حيث يسعى كل فريق إلى تسويق اتهاماته للطرف الآخر وربط تلك الاتهامات بالغرب وأمريكا لكسب مواقفها وتعرية مواقف الطرف الآخر.
• لجوء الوزراء والكتاب من الخليج وإيران إلى الإعلام الغربي يهدف إلى صنع رأي عام غربي أمريكي يؤمن برؤيتها وطرحها خاصة وان الاتهامات كلها تتعلق بالإرهاب وهم يعلمون أن الرأي العام الغربي والأمريكي مصاب بفوبيا الإرهاب إضافة إلى علمهم بان التدفق الإعلامي دائما ما يكون من الغرب إلى الشرق أي ما ينشر في الغرب يصل إلى الشرق بسرعة. عكس إعلامنا الذي يتصف بالمحلية.
• وزير الخارجية السعودية كان أكثر دقة في وصف للحالة الإرهابية لإيران حيث ذكر أحداث إرهابية بالزمان والمكان والفعل كانت إيران شريك أساسي فيها مثل التفجير الانتحاري للسفارة الأميركية في بيروت، وثكنات البحرية الأميركية في مطار بيروت الدولي، وكذلك تفجير أبراج الخبر في عام 1996، وشن الهجمات ضد ما يزيد عن عشر سفارات من ضمنها السفارة البريطانية وسفارة الولايات المتحدة الأميركية وسفارة المملكة العربية السعودية، واغتيال الدبلوماسيين حول العالم.
• سعى الجبير إلى محاصرة إيران وربط إرهابها بالمنطقة وسعيها لزعزعة الأمن والاستقرار في الإقليم حيث ذكر عدة دول عملت إيران على اختراقها وزعزعة أمنها العراق، سوريا، لبنان واليمن.
• هناك نقطة مهمة جداً استطيع أن أقول إن وزير الخارجية السعودية تفوق فيها على وزير الخارجية الإيراني وهو ذكره لمواقف السعودية في مسعاها لمحاربة الإرهاب والخطوات التي اتخذتها في ذلك ونلاحظ أن وزير الخارجية الإيراني لم يسوق أي اجتهادات قامت بها إيران لمحاربة الإرهاب فقط سعى لتوجيه الاتهامات للسعودية وتكراره لكلمة الوهابية.
• قال وزير الخارجية السعودية معدداً خطوات دولته لمحاربة الإرهاب (السعودية قائدة في الحرب ضد الإرهاب، حيث جمعت بلادي العالم بأسره في مؤتمر عُقد في عام 2005 لمواءمة مواقف جميع الدول في الحرب ضد الإرهاب. كما ساهمت المملكة بتقديم أكثر من 100 مليون دولار أميركي لتأسيس مركز عالمي لمحاربة الإرهاب في الأمم المتحدة، وأسست تحالفاً عسكرياً إسلامياً مكوناً من 40 دولة بهدف مكافحة الإرهاب والتطرف. كما أن المملكة هي إحدى الدول المؤسسة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وتشترك في عملياته العسكرية الجارية، علاوة على ذلك، أحبطت المملكة عدة هجمات كانت تستهدف الولايات المتحدة، وكان قادتها هدفاً للهجمات الإرهابية الانتحارية. إن سجل المملكة نظيف ومصادق عليه من قبل حلفائنا في المجتمع الدولي).
• بينما نجد أن وزير الخارجية الإيراني اعتمد على الاتهامات المرسلة وسعي لخلق فتنة بين السنة أنفسهم حينما يقول إن (الوهابيين يقاتلون سائر السنة والعرب) وكأنه يريد أن ينقل الحرب من دائرة الصراع السني الشيعي إلى الصراع السني السني.
• هنا يمكن الربط بين ما قاله ظريف وزير الخارجية الإيراني وبين مؤتمر غروزني الذي انعقد مؤخراً في الشيشان تحت عنوان (من هم أهل السنة والجماعة؟) وتقف منظمة طابة الصوفية التي يترأسها الصوفي الحبيب الجفري والذي سعى إلى إخراج السلفيين وجماعة الأخوان المسلمين من أهل السنة والجماعة.
• ظريف أيضا سعى في خطابه إلى خلق صورة دعائية لبلاده بأنها مستهدفة من قبل السعودية، وهي محاولة منه لتوحيد الجبهة الداخلية في اتجاه دعم حزبه وحكومته ومسعى لخلق المعركة المتوهمة لساحة الشعب باعتبارهم مستهدفين من قبل الإرهاب الوهابي (كما يدعي) حيث يقول (الأمراء في الرياض يحاولون استعادة أيام المعادلة السياسية خلال حكم صدام حسين الذي كان يحصل على دعم العرب والغرب لمواجهة ما يوصف بالخطر الإيراني.. لكن هناك مشكلة واحدة، السيد صدام قد مات قبل زمن طويل وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء).
• خطاب وزير الخارجية الإيراني مزدوج التوجهات بين الداخل والخارج فقد سعى لربط (إرهاب الوهابية) كما إدعى بأمريكا وأحداث 11 سبتمبر ولم ينسى الغرب حينما يقول (إن جميع الحركات المسلحة، من القاعدة إلى بوكوحرام، استوحت الأفكار من تلك الأيديولوجيا) وقفز أكثر من ذلك إلى الأمم المتحدة حينما طالب الأمم المتحدة بالعمل بالتحرك بالعمل لأجل وقف تمويل التطرف والتحقيق في القنوات المستخدمة لنقل الأموال إلى تلك الجماعات.
• بالرغم من الهجوم القوي والعنيف الذي شنه كل وزير ضد الآخر والاتهامات المتبادلة برعاية الإرهاب لكل دول نجد أن كل منهم جنح لتأكيد أن دولته دولة سلام ومحبة وإنها لا تمانع من خلق علاقة مستقرة إذا تركت تلك الدولة ما تقوم به من دعم للإرهاب واستهداف لها. ويلاحظ أن رسالة وزير الخارجية السعودي كانت أكثر قرباً وأكثر وضوحاً إلا أن وزير الخارجية الإيراني لم يشر علاقة مباشرة بينهم والسعودية وربط ذلك بعلاقة السعودية بالغرب ووقف الإرهاب.
• يقول وزير الخارجية السعودية (موقف السعودية ظل ثابتاً فيما يتعلق بإيران، فالمملكة ترحب بعلاقات أفضل مع إيران بناء على مبادئ علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وهذا يعني أنه يتوجب على إيران التخلي عن أنشطتها التخريبية والعدائية، والتوقف عن دعمها للإرهاب، ولكن حتى الآن، سجل إيران ليس مشجعاً).
• ويقول وزير الخارجية الإيراني (رغم أن الكثير من العنف المرتكب باسم الإسلام يمكن رده إلى الوهابية ولكنني لا أقول إن السعودية لا يمكنها أن تكون جزءا من الحل. على العكس. نحن ندعو حكام السعودية إلى وضع الادعاءات حول الخوف تبادل التهم جانبا ووضع أيديهم في أيدي الغرب وسائر الأمم من أجل القضاء على لعنة العنف والإرهاب التي تهددنا جميعا).
• لا بد من ذكر أن وزير الخارجية الإيراني هو من بادر بمهاجمة السعودية ونشر مقاله في نيويورك تايمز واعتقد أن خطابه جاء كردة فعل وانفجار داخلي من نجاح السعودية في تنظيم حج هذا العام دون أي خسارات تذكر مع غياب حجاج إيران حيث هددت إيران كثيرا بإفشال حج هذا العام ولكن النجاح الباهر الذي حققته السعودية (حج بدون مشاكل) أوقد فيهم نارا أراد وزير الخارجية إطفائها بهذا المقال لحفظ ماء الوجه أمام شعبه والعالم اجمع.
• الحرب الكلامية والإعلامية لن تتوقف بين الدولتين خاصة إيران فهي تعتقد أنها عبرت من خلال موقعها الجغرافي في العراق وسوريا ولبنان واليمن لذلك ترى أن أي تراجع منها جغرافياً فان السعودية سوف تكون هي البديل ومن هنا ينبع الخوف الإيراني باعتبار أن السعودية هي العدو الأول لإيران في الوقت الحالي.

تحليل: ابراهيم ارقي
مهتم بالشان الخليجي