تحقيقات وتقارير

صراع خفي حول مناصب التشريعي وطني الجزيرة.. الإقالة والإحالة تنسف محاولة رأب الصدع


مرة أخرى تصاعدت وتيرة الخلافات بين قيادات حزب المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة، بعدما أحيل 12 قياديا من بينهم رئيس المجلس التشريعي إلى المحاسبة، لتزيد تلك الاحالة الوضع تعقيدا وتنسف كل مبادرات رأب الصدع، بينما عدّ مراقبون القرارات التي إتخذها الوالي محمد طاهر إيلا مؤخرا وخصوصا المتعلقة بإعفاء معتمد المناقل، بأنها بمثابة قاصمة ظهر لأي محاولات للتقارب بين محمد طاهر إيلا ومناوئيه في حزبه، ورجحوا استمرار الخلافات مع إشارات لصراع خفي حول المناصب القيادية بالمجلس التشريعي ورؤساء اللجان، مقرونا بارهاصات حول تشكيل حكومات ولائية جديدة.

طريق مسدود:
جاء اجتماع المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة بعد تطورات عديدة تبارى الخصوم فيها بإبراز العديد من الخطط والمناهج حيث اتخذ المجلس التشريعي من القوانين والدستور منهاجا في سبيل لي ذراع الوالي الذي جاء للجزيرة مسلحاً بالكثير من الخبرات التراكمية التى اكتسبها من خلال عمله كوالٍ لولاية البحر الأحمر ومن قبلها وزيراً إتحادياً لعدد من الوزارات أبرزها وزارة الطرق والنقل التى رسم فيها الكثير من المسارات التى قامت فى البلاد، وبالمقابل انتهج الوالى نهجا آخر في التعامل مع مخالفيه في الرأي من خلال خطاباته المتعدده التى وصفهم فيها بالكثير من العبارات التي يبدو أنه استمدها من خلال خبرته في صراعه مع خصومه منذ أن كان واليا للبحر الأحمر، وهي كلمات تمحورت فى نعوت اصبحت مألوفه للكثيرين مثل (حالمون وواهمون وفاسدون وخفافيش). وتجئ القرارات التي أحال بموجبها المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بولاية الجزيرة برئاسة والي ولاية الجزيرة محمد طاهر ايلا (12) من قيادات حزب المؤتمر الوطني للمحاسبة بعد أن كان الجهازان السياسي والتشريعي قد وصلا لطريق مسدود رفض بموجبه المجلس الانصياع لتوجيهات صادرة من نائب رئيس المجلس التشريعي وقتها تاي الله أحمد فضل الله. ومن بين الذين طالتهم القرارات رئيس المجلس التشريعي لولاية الجزيرة الدكتور جلال من الله جبريل، ورئيس الكتلة البرلمانية لنواب الحزب بالمجلس التشريعي عبد الله محمد علي وذلك بعد مطالبة عدد من أعضاء المكتب القيادي بتقديم رئيس المجلس التشريعي بإعتباره المسئول الأول عن إجهاض قرارات الحزب والذي هو عضو في مكتبه القيادي بجانب عدد من أعضاء المجلس التشريعي من بينهم البرلمانيان المخضرمان مساعد عبد الخالق ومحمد أحمد العيص وعضو المجلس التشريعي الزهاوي بشير أبوعاقلة – رئيس لجنة الشئون القانونية والعدلية الأسبق ومهندس إسقاط قانون صندوق التنمية، ورئيس قطاع التنظيم السابق بالمؤتمر الوطني خالد الشعراني. وجاءت قرارات إحالتهم للمحاسبة بناء على الصراعات التي حدثت بين حكومة الولاية والمجلس التشريعي ورفض المجلس إيقاف قيام الدورة الطارئة التي أعلن عن قيامها المجلس مؤخراً لمناقشة قضايا الخريف والسيول والفيضانات التي اجتاحت الولاية في ظل غياب الوالي الذي كان في إجازته السنوية بالقاهرة.

قرارات التصعيد
أرجأ المكتب القيادي تعديل لائحة المجلس التشريعي الخاصة بالدورات الأربع وكشف نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية تاي الله أحمد فضل الله عن إجراء تعديلات كبيرة ستطال الجهاز التنفيذي وسط الدستوريين والمدراء التنفيذيين بالمحليات والعاميين بالوزارات بعد أن أشار الوالي فى اجتماع المكتب القيادي لضعف الجهازين، السياسي والتنفيذي في الولاية، وأصدر والي الجزيرة الدكتور: محمد طاهر إيلا عددا من القرارات أعفى بموجبها وزير الزراعة الدكتور: أحمد سليمان أحمد، ومعتمد محلية ودمدني الكبري اللواء أحمد أبوزيد ومعتمد محلية المناقل عبد البديع الماحي نصر الدين ومعتمد القرشي علي يحيى وتكليف معتمد جنوب جنوب الجزيرة بأعباء محلية المناقل ومعتمد الكاملين بأعباء محلية مدني الكبرى ومعتمد شرق الجزيرة بأعباء محلية القرشي كما أصدر الوالي قرارات خاصة بإعفاء المدراء التنفيذيين بالمحليات وإعادة توزع بعضهم وتعيين مدير تنفيذي لمحلية الحصاحيصا.

وأشار عدد من أعضاء المجلس التشريعي في حديثهم لـ(الصيحة) إلى أن اجتماع المكتب القيادي نسف كل المحاولات والجهود التي كان يقودها البعض لاحتواء الخلافات في الجزيرة، مشيرين إلى أن الوالي بقراراته الأخيرة قضى على كل آمال التواصل بين الجهازين خصوصا وأن المحاسبة ستطال الكثيرين منهم وفي مقدمتهم رئيسهم الدكتور: جلال من الله جبريل. واعتبروا القرارات التي اتخذها الوالي خاصة إعفاءه لمعتمديْ المناقل عبد البديع الماحي والقرشي علي يحيى بأنه لم يجانبها التوفيق حيث يعتبر الأول من أميز الكوادر الموجودة في طاقم الوالي والدستوريين لما يمتلكه من خبرة تراكمية من خلال عمله التنظيمي داخل مؤسسات الحزب والحركة الإسلامية التي يمثل الماحي أحد كوادرها الفاعلة منذ بواكير عهده بالعمل السياسي بجانب تحمله مسؤولية المحلية في أحرج الأوقات، لكن جهوده الكبيرة -حتى أثناء غياب الوالي في إجازته السنوية بالقاهرة – لم تشفع للماحي لإبقائه في منصبه. ويعتقد البعض أن إبعاد الماحي يعود لخلافات تنظيمية مع رئيس قطاع التنظيم ونائب رئيس الحزب حول حشد معايدة الوالي وخلافات منطقة المناقل المزمنة ومطالبة البعض إبعاده وعلى رأسهم بعض القيادات المتهمة بـ (التلون) مع الولاة الذين يحكمون الجزيرة.

إلا أن هناك رأيا آخر يشير إلى أن الوالي سيدفع به معتمداً لمحلية ود مدني الكبرى مستفيدا من جهوده، وبالمقابل يرى البعض أن ابعاد معتمد القرشي يحيى هو أيضا لم يحالف الوالي فيه الحظ حيث يعتبر يحيى من المقربين للوالي وتمت تسميته من قبل رئيسا للجنة الإعلامية لـ”نداء الجزيرة” الذي أقيم بالخرطوم، بيد أن تكهنات تشير إلى أن الوالي ربما يدفع به وزيرا للشباب والرياضة، ويرى آخرون أن إبعاد معتمد ود مدني الكبرى اللواء أحمد عبد الرحمن أبو زيد ربما يعود للتقاطعات التي تحدث في المدينة وخاصة حول استقبال الوالي والذي انقسمت فيه المجموعات المستقبلة للوالي لأربع مجموعات كل واحدة منهم تريد أن تتزين أمام الوالي بثوبها الأنيق مما أدى لوجود حالة احتقان وسط بعضها الشئ الذي وُوجِه بانتقادات حادة من قبل بعض الاسلاميين الذين تخندقوا في صف المجلس التشريعي، بينما اعتبر البعض أن تراجع التنظيم داخل السوق بعد الحملات التي نظمها الوالي والتي نجحت في تنظيم السوق أعادت الأمور إلى أسواء مما كان عليه السوق بعد استبدال التجار مظلاتهم التي كانت مصنوعة من الزنك إلى المشمعات.

الصراع الخفي
وفي سعيه للملمة الأطراف كان والي الجزيرة قد دعا عددا من أعضاء المجلس التشريعي بغرض التنسيق للمرحلة القادمة لتمرير اللائحة المقترحة للمجلس التشريعي الولائي والتي يدور حولها صراع عنيف بين مؤيدي الوالي وخصومه داخل برلمان الجزيرة وهي تمثل الصراع الخفي للسباق حول المناصب داخل المجلس وصراع اللجان وكان من المأمول أن يحضر دعوة الوالي كما كان مخططا حوالي 45 عضوا إلا أن التطورات الأخيرة التي حدثت داخل المكتب القيادي باعدت بين المتخاصمين وقلصت العدد المحدد، خصوصا وأن هناك مجموعة من القيادات برئاسة الدكتور عبد الله عبد العال خوجلي وعثمان رحال معتمد البرام الحالي ونائب دائرة مدني شرق السابق بالمجلس التشريعي، كانت تقود مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الوالي ومنسوبي المجلس وعقدت اجتماعا مع مجموعة من أعضاء المجلس توصلوا خلالها إلى طرح المبادرة لكل أعضاء المجلس إلا أن قرارات الاعفاءات الأخيرة أعادت الأمور إلى مربعها الأول.

غموض الموقف:
ومع اقتراب العد التنازلي للحوار الوطني والتكهن بقيام حكومات جديدة ها هي خطى حكومة الجزيرة وواليها تتسارع لتشكيل حكومة جديدة بالرغم من تأكيدات الوالي الدكتور محمد طاهر ايلا في أكثر من منبر على ذلك، ويجري العمل على إجراء تعديلات كبيرة وسط أمانات الحزب الحاكم في الولاية والمدراء العامين بالوزارات -وما بين هذا وذاك تعيش ولاية الجزيرة حالة احتقان سياسي بين أجهزتها الثلاثة، السياسي والنفيذي والتشريعي، خصوصا وأن للحكومة الكثير من المشاريع والتقارير والخطابات التي ينتظرها المجلس للبت فيها وأولها خطاب الوالي في بداية الدورة مطلع أكتوبر القادم إذ قيل إن الوالي اعتذر عن تقديمه بسبب سفره للصين لكن الأيام القادمة ستكشف المزيد.

مدني: يس الباقر
صحيفة الصيحة