الطيب مصطفى

الغرق في شبر موية .. مرة أخرى!!


رغم طبعه الرقيق إلا أنه للأسف الشديد تنتابه أحيانا فورات وغضبات مضرية تخرجه عن سمته اللطيف.

أعني بحديثي هذا المهندس إبراهيم محمود الذي يرتكب من (الفاولات) في الوقت الخطأ ما يجعل الحليم حيران.

أقول هذا بين يدي التصريح الأخير لمساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود والذي هاجم فيه المفاوضين من قوى نداء السودان وأعلن فيه إغلاق أبواب الحوار إذا لم يتوصل المفاوضون قبل الأجل المضروب للحوار الوطني في العاشر من أكتوبر القادم إلى اتفاق مع الحكومة.

إبراهيم محمود مضى أكثر من ذلك إلى اتهام المفاوضين بتعويق الحوار عبر طرح (أعذار واهية) ناسياً أن التفاوض يكون في العادة بين طرفين يحملان وجهتي نظر غير متطابقة بما يقتضي أن يحملهما إلى منطقة وسطى يلتقيان فيها بعد أن يتنازل كل منهما ويتحرك إلى منطقة التلاقي بالرغم من أن المطلوب من الطرف الحكومي أن يكون أكثر حرصا على تحقيق الأهداف التي ابتدر من أجلها الحوار .

سبق أن سألت إبراهيم محمود في إحدى الجلسات : هل خسرتم بقبولكم التوقيع على خارطة الطريق في أديس ابابا أم أنكم كسبتم ربما لأول مرة تعاطفاً اقليمياً ودولياً بل وحاصرتم مجموعة نداء السودان ووضعتموها في ركن ضيق يصعب الدفاع عنه؟.

والله إن الحاجة إلى تلك الروح المقدامة التي تحلت بها الحكومة حين خطت بشجاعة نحو توقيع خارطة الطريق أشد وأكبر مما كانت عليه حين أقدمت على تلك الخطوة التي حققت لها كسباً سياسياً ودبلوماسياً سارت به الركبان.

نعلم جميعاً أن الحكومة تسابق الزمن في سبيل إقناع إدارة أوباما برفع العقوبات الأمريكية ذات التأثير الكبير على الوضع الاقتصادي المأزوم سيما وأنه لم يبق وقت طويل من أجل الإدارة الأمريكية الحالية التي أبدت خلال الأشهر الماضية حرصا على التعامل بإيجابية مع الملف السوداني ومن شأن التلكؤ في معالجة القضايا العالقة أن يعطل الاتفاق إلى حين وصول إدارة أمريكية جديدة لن يكون السودان من ضمن أولوياتها ، ويا لها من خسارة.

معلوم أن الإدارة الأمريكية تضع وقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية كأهم أهداف تسعى إلى تحقيقها ووالله إن من يتأمل في التلكؤ الحكومي في حسم هذه القضايا لا يملك إلا أن يستغرب ويتساءل : أي شيطان ذلك الذي يحول دون الإقدام على اتخاذ قرارات ما كان ينبغي أن يستغرق اتخاذها دقائق معدودة؟!

الحكومة تصر على عدم السماح بمرور نسبة (20) % من المساعدات الإنسانية من خارج السودان وتحديدا من (أصوصا) الاثيوبية حتى لو اشترك ممثلوها في فحص المساعدات قبل شحنها .

ما كان ينبغي أن تتردد الحكومة في الإقدام على جسر هذه الكوة الصغيرة وكسر هذا الانسداد الذي يهون في مقابل المكاسب الكبرى المتوخاة بعد كسر ذلك الحاجز الصغير خاصة وأن هناك أطرافاً كثيرة داخلية وخارجية تعمل ليل نهار للحيلولة دون التوصل إلى اتفاق يمكن أن يمهد الطريق نحو تلاقي القوى السياسية جميعها في حوار شامل ينقل السودان إلى مربع جديد يحقق السلام والحكم الراشد بعيداً عن الاحتراب الذي قعد ببلادنا وعطل مسيرتها ردحاً من الزمان.

أقولها الآن مجددا لماذا تصر الحكومة على الغرق في (شبر موية) بالرغم من علمها أن فشل الحوار يعتبر فشلا لها وماذا يفيد إبراهيم محمود بقوله إن باب الحوار سيغلق على من حضر حتى لو كان ذلك يعني أن تستمر الحرب والاحتقان السياسي وبقاء السودان في ذات المستنقع الذي ظل يتقلب في وحله الآسن محارباً ومقاطعا من قوى دولية ظالمة تمسك بخناق الاقتصاد العالمي؟.

الصيحة