الصادق الرزيقي

هل نتفاءل..؟


ثمَّة أسئلة مهمة حول ما يقال أن الولايات المتحدة بصدد مراجعة بعض عقوباتها الاقتصادية على السودان، تبدأ ضئيلة ومحدودة ثم تتوسع، ويتفاءل كثير من المتابعين للعلاقات السودانية الأمريكية والمهتمين بها، الخطوات والتحركات التي تجري هنا وهناك وآخرها الندوة التي عقدت بنيويورك يوم 19سبتمبر 2016 وشارك فيها المبعوث الأمريكي للسودان دونالد بوث وعدد من مسؤولي وزارة الخارجية بينهم مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الاقتصاد والمالية وأعضاء من وزارة الخزانة ومكتب التجارة والصناعة والأمن وعدد من موظفي مكتب متابعة العقوبات (أوفاك) ، بالإضافة لممثلين عن حكومة السودان والبنك المركزي ومؤسسات مالية واقتصادية .. بغض النظر عن ما خرجت به هذه الندوة، فإن التساؤلات المهمة في هذا الصدد تتمحور، في مدى قوة التغيير الذي طرأ على العلاقات السودانية الأمريكية مما دفع بالاعتقادات والتكهنات تقود الى هذا النوع من التفاؤل والترقب لرفع العوقبات الأمريكية، وماذا وراء هذه التطورات الراهنة إن كانت تسير في اتجاه إيجابي ..؟ فالمعروف أن السودان لم يزل مشكوكاً فيه من قبل الحكومة الأمريكية ولم تبعده عن شبهاتها، فلايزال هو البلد الرابع والأخير الموضوع من سنوات في قائمة الدول الراعية للإرهاب، كما أن قضاياه الداخلية كالحرب في المنطقتين ودارفور لم تحسم حلولها في مسارات التسوية بعد، ولاتزال بعض الجهات الرسمية الأمريكية تلوك وتمضغ كلامها القديم حو سجل السودان في مجال حقوق الإنسان . > فهل بالفعل تغيرت نظرة الحكومة الأمريكية وفق ضرورات الراهن في المنطقة تجاه السودان واقتنعت بخلو صحيفته من أية تشوهات واتهامات سابقة، أم أن الحوار الثنائي الذي يبشر به دائماً وزير الخارجية بروف غندور وصل إلى خلاصاته ونهاياته وها نحن نجني ثماره..؟. > ينبغي في كل الأحوال ألا نسرف في التفاؤل، فالإدارة الأمريكية يمكنها أن تعالج في أحسن الأحوال، قضية الأوامر التنفيذية التي صدرت من البيت الأبيض في عهد كلنتون وما تلاه، التي وُضع السودان بموجبها في القائمة الأمريكية للدول الراعية للأرهاب وبعض العقوبات الاقتصادية، فهذه الأوامر التنفيذية جرى بالفعل بحثها ونقاشها في الحوار الجاري بين الخرطوم وواشنطون، ولم يعلن بشأنها شيء رغم الزيارات المتكررة لوفود رسمية أمريكية متخصصة في هذا الشأن، بينما قانون سلام السودان الصادر من الكونغرس وإجراءات أخرى يتم التحاور حولها في أُطر مختلفة وتحتاج لتدابير تسير متوازية في اتجاه مختلف.. فحتى اللحظة لم نسمع من الإدارة الأمريكية صراحة أنه بالإمكان في الفترة المتبقية من ولاية الرئيس باراك أوباما وهي بضعة أشهر قليلات ستتم معالجة العقوبات المفروضة بأوامر تنفيذية دعك عن تلك الصادرة من الكونغرس. > وفي اتجاه آخر قد نجد عذراً للمتفائلين، فقبل أسابيع قليلة كنا في مناسبة رسمية لإحدى الوزارات المهمة، كان سفير دول عربية مهمة وذات علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، يتحدث معنا همساً كأنه لا يريد للهواء أن يلتقط كلماته، بأن شيئا ًسيتم في القريب العاجل يتعلق بمسألة العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان ولم يكتفِ بالتلميح أن بلاده قامت بدور فاعل في وصول الإدارة الأمريكية لشبه قناعة أن العقوبات لا جدوى منها وستزيد وتفاقم من خطورة الوضع الاقتصادي بالسودان، وهو بلد لا يمكن تجاوزه في ترتيبات الواقع السياسي والأمني في المنطقة العربية والإفريقية الآن .. > كما أن بعض المتفائلين من الرسميين السودانيين القريبين من هذا الملف ، يقولون في جلسات غير رسمية، إن العلاقات بين واشنطن والخرطوم، حدث فيها ارتخاء في الفترة الماضية وتوجد مؤشرات تقود الى شبه يقين أن العقوبات التي ذكر وزير الخارجية أكثر من مرة أنها قد تآكلت، سيتم رفعها أو تخفيفها قبل نهاية هذا العام . > على كل ٍنحن ننتظر، والأيام والليالي حُبلى بأن يلدن كل عجيب، ونحن نعلم كيف تمهد واشنطن للخطوة التي ستقدم عليها عندما تريد تغيير اتجاه الدفة. ففي السياسة مصالح دائمة وليست عداوات أو صداقات دائمة.

الانتباهة