أبرز العناوينحوارات ولقاءات

عمرو شعراوى :”طوكر” وقائع منسية لهزيمة المصريين فى السودان.. ترك الجنود المصريون سلاحهم وهربوا


المصريون رددوا “رحنا فى طوكر” لقرن ونصف
“طوكر ” رحلة بين هزيمتين ..وفساد الحكم المصرى السبب فى انفصال السودان
“الجاو ” ثورة منسية أُبيد لإخمادها 3 قرى
الومضات الضوئية تمكنا من إرسال رسائل للماضى
ثورة يوليو أجهضت مشروع الدولة الدستورية
أى قومية عربية نتحدث عنها وبعض الدول العربية تسعى لتقسيم سوريا!
لو سقطت السعودية ستسقط الإمارات و الكويت والبحرين
ما حدث فى الربيع العربى هو المظاهر اﻷخيرة لهزيمة 67
النشر لم يعد يحتاج رضا الدولة
التغيير نحو الديمقراطية هو أبو الاستقرار

عمرو شعراوى ..الفيزيائى الذى اقتنص جائزة مجمع اللغة العربية بأول رواياته “طوكر حكاية مائة وألف قمر ” ، هو أستاذ الفيزياء بالجامعة الأمريكية ، الذى شغف بحب الأدب ووجد فيه متنفسا من ضغوط الحياة ، وبرغم بدايته المبكرة فى الكتابة منذ الصغر ، لكنه لم ينشر أى من أعماله ، و أول عمل نشره و هو فى عقده الخامس نال جائزة مجمع اللغة العربية .

عمله الفائز ينبش فى تاريخنا المنسى ، و يكشف حقيقة مقولة ” رحنا فى طوكر ” التى رددها المصريون لقرن و نصف، والتى أصبح اليوم قلة من المصريين يعرفون ماذا فقدنا فى طوكر ، الرواية هى رحلة بين هزيمتين من ” التل الكبير ” إلى ” طوكر” ، تكشف عن المأساة التى عايشها المصريون منذ هزيمة الثورة العرابية والاحتلال الانجليزى ، والشرخ الذى أصاب الوحدة بين مصر والسودان وسعى بريطانيا الحثيث لانفصالهم ، وفساد الحكم المصرى بالسودان الذى عجل بذلك ، خاصة مع ظهور المهدى والدعوة لخلافة إسلامية ، كاشفا ما حدث لجنودنا المصريين فى أرض “طوكر” على يد أتباع المهدى .

كما شاركنا شعراوى فى لقائه بشبكة “محيط” تفاصيل رواية جديدة يعمل عليها عن ثورة منسية فى “الجاو ” بالصعيد ، لإخمادها تمت إبادة 3 قرى ، وبحثه العلمى الذى نشرته مجلات علمية عن إمكانية إرسال رسائل للماضى من خلال ومضات ضوئية ، والذى جعل منه أحد مشاريعه الروائية القادمة ، وفيما يلى نص الحوار :

ما شعورك بعد فوزك بجائزة مجمع اللغة العربية ؟

أشعر بالسعادة ، خاصة لأن الجائزة من مجمع اللغة العربية ، فخلفيتى ليست أدبية بالأساس ، فأنا أستاذ فيزياء بالجامعة الأمريكية ، وتحملت العديد من المسئوليات الإدارية بالجامعة ، وكتبت الرواية فى آخر عامين كنت فيهم العميد الأكاديمى للجامعة الأمريكية ، وهو منصب غير موجود فى الجامعات المصرية ، هو المسئول عن جميع الشئون الأكاديمية للجامعة ، و يرأس مجلس العمداء .

برغم مشغولياتك الكثيرة ، استطعت أن تكتب روايتك الفائزة ؟

بالنسبة لى كانت الرواية هى المتنفس لى من ضغوط العمل الكثيرة ، وجزء كبير منها كتب وأنا بالسيارة أثناء ذهابى للجامعة ، أو ما بين الاجتماعات .

حدثنا عن بدايتك مع الكتابة ؟

أنا مولع بالقراءة فى كافة المجالات ، و بدأت الكتابة منذ المرحلة الثانوية ، بأوائل السبعينات ، كنت أكتب القصص القصيرة ، و رغم انشغالى بعدها بالأبحاث العلمية ، لكن فى 2008 كنا عندما نستقبل ضيوف فى الجامعة كنت أقص عليهم نوادر ، وكان الأصدقاء ينصحونى بكتابتها ، فبدأت أكتب قصص طويلة تصل إلى 40 صفحة ، وكانت هذه السلم الذى أدى للرواية .

لدى أعمال غير مكتملة ، مشاريع روايات ، و لكن لم أنشر شئ ، “طوكر ” هو أول عمل أنشره ، عرضتها على بعض الأصدقاء وشجعونى على نشرها ، و بالفعل ذهبت بها لدار العين ، و لم أكن متأكدا أنهم سينشروها ، ولكنهم اهتموا بها ، وأنا فى نهاية مستقبلى المهنى كأستاذ جامعى فلم يكن لدى طموحات أن أصبح أديب ولم أهتم بتحقيق الرواية لمبيعات ، ولكنى تفاجأت بنشر الناقد د. صلاح فضل مقالتين عنها ، وهو من بشرنى بفوزها بجائزة مجمع اللغة العربية .

لماذا اخترت المجال العلمى رغم حبك للأدب ؟

أنا أحب العلوم والرياضة والفيزياء ، هذه مهنتى التى أحب ، و الكتابة والأدب هى هوايتى المحببة ، والجزء العلمى أيضا بالنسبة لى خلاق ، فنحن نحاول دوما أن نصل لنظريات وأفكار ونتائج جديدة ، وبعيدا عن الجوائز التى لا تهمنى كثيرا بمقدار أنها تعرف الناس بالعمل ، فالكتابة بالنسبة لى متعة فى حد ذاتها يمكن أكبر مما تثيره العلوم فى نفسى .

ماذا عن ” طوكر” كيف أتتك فكرة الرواية ؟

البداية كانت مع مقولة “رحنا فى طوكر” كان لدى فضول لأعرف أصلها ، معظم الناس لا يعرفون شيئا عن طوكر ، فهذه المقولة برغم أنها اختفت الآن ، و لكن رددها المصريون لأكثر من قرن ونصف ، لذا أردت أن أعرف ما هى طوكر وماذا حدث لنا هناك ، فى الألفينات بدأت قراءة كم كبير من الكتب عن السودان و المهدية وما حدث فى طوكر وحملة كتشنر ووضع مصر فى السودان .

الرواية كتبت من نوفمبر 2011 وقت محمد محمود الأولى وحتى نوفمبر 2013 ، فى وقت الثورة كان هناك ساعات طويلة لحظر التجوال ، وفى المنزل كان لدى مجال للكتابة ، وكنت أنوى أن أكتب رواية صغيرة ، ولكن وجدت الشخصيات تتبلور وتفرض نفسها ، ومن الخلفية للتاريخية التى انطلقت منها تحولت بعد ذلك لجانب إنسانى .
%d8%b7%d9%88%d9%83%d8%b1

عما تدور الرواية ؟

الرواية تدور حول الهزيمة ، و ما تصنعه بنفسية الإنسان ، ونحن شعب لا نجيد التعامل مع الهزيمة بطبعنا ، وهذا رأيناه فى حرب 1948 و فى حرب 1967 ، بل و أيضا فى حرب 1956 فنحن انهزمنا ، وانتصرنا سياسيا فقط نتيجة لضغوط الدول العظمى “أمريكا وروسيا ” على دول كانت عظمى ” بريطانيا وفرنسا ” ، و67 كانت امتداد لهذه الهزيمة ولكن هذه المرة لم يطلب أحد من إسرائيل الانسحاب .

“طوكر ” تحكى عن ضابط حارب مع عرابى فى التل الكبير وكان من المشاركين فى الحملة المصرية على “طوكر” ، وكيف نالت منه الهزيمة ، فالرواية رحلة بين هزيمتين من ” التل الكبير ” إلى ” طوكر” .

ما الفترة التى تناولتها الرواية ؟

الرواية تدور فى 18 شهر ما بين معركة التل الكبير وطوكر ، ففى ذلك الوقت تكون الحزب الوطنى بقيادة مصطفى كامل ، و تكون أول برلمان مصرى ، و أول دستور مصرى ، وحدثت فروقات بين القوى المدنية والعسكرية ، واستغلال القوى الخارجية لذلك للتدخل فى مصر ، والاحتلال الانجليزى لمصر ، وذيوع فكرة المهدية فى السودان وأفكار إقامة خلافة إسلامية، بمقابل أفكار المدنية و التحضر لدولة محمد على .

وهى رواية تعكس لحظة فارقة فى التاريخ الوطنى المصرى ، فهذه اللحظة التى تكون بها الوجدان المصرى ، و تكونت بها أهداف الوطنية الكبرى ، وهم الاستقلال ووحدة مصر والسودان وحياة نيابية دستورية سليمة ، وحتى الآن لم نحقق الكثير ، بل بالعكس أضعنا السودان ، والسودان ضيعت جنوب السودان ، والحياة النيابية الدستورية مازلنا نجاهد لتحقيقها ، وكذلك بالنسبة لاستقلال القرار المصرى .

تلك الأهداف الثلاثة تحورت فى ثورة 1952 ، التى أجهضت مشروع الدولة الدستورية ، فالوزارة كانت تشكل من نواب البرلمان ، وكان رئيس الوزراء هو من يحكم وليس الملك كما يظن البعض ، ولكن كان الملك يملك قرار حل الوزارة ، كما خسرنا السودان ، وضاعت الأهداف الثلاثة ، واتجهنا لأحلام أكبر منا فارتطمنا بالحائط ، والقومية العربية فشلت لأن كل دولة كانت تفكر فى مصلحتها ، ولم تكن هناك إرادة ، فأى قومية عربية نتحدث عنها وبعض الدول العربية الآن تسعى لتقسيم سوريا .

”رحنا فى طوكر” أعطى لنا نبذة عن أزمة طوكر وسبب ترديد المصريين لهذا المثل 150 عاما ؟

مصر كانت لها حاميات فى السودان ، وفى الوقت الذى انهزمت فيه الثورة العرابية فى مصر ودخول الإنجليز ، ظهر المهدى فى السودان ، وعندما شعرت مصر بخطورته أرسلت له حملات تطارده ، وقام وقتها المهدى بتقليب القبائل ضد الحكم المصرى ، الذى كان يعيبه الفساد الإدارى ، و انجلترا كانت تضغط على مصر لمنع تجارة العبيد فى السودان ، و هى تجارة كانت تدر دخل كبير للقبائل الكبيرة المستوطنة هناك ، كما احتكرت مصر تجارة العاج وسن الفيل ، وزودت الضرائب ، بالإضافة للسياسات الإنجليزية التى زكت الانقسام بين مصر والسودان لأطماعهم فيها ، مما جعل القبائل السودانية تضيق بالحكم المصرى و تتبع المهدى .

و استطاع المهدى أن يستولى على مدينة الأُبيض فى كردفان ، و أرسلت مصر حملة بقيادة هيكس باشا ومعه 8 الآف جندى مصرى ، ولكن الدليل توه الحملة فى الغابات وهجم عليهم أتباع المهدى وقتلوهم جميعا ، هذا النصر للمهدى ، جعل القبائل فى شرق السودان تخرج على الحكومة المصرية وتحاصر حامياتها ، وأراد الخديوى توفيق فك الحصار ، وبعثوا حملة بقيادة بيكر باشا بها حوالى 2500 جندى من قوات الشرطة مسلحين بالبنادق ، وأرسلوهم لسواكن ومن بعدها ” طوكر ” هجم عليهم أفراد القبائل بالسيوف والرماح ، فترك الجنود المصريون سلاحهم وهربوا ، مما تسبب فى ذبح على الأقل 2000 منهم ، وترتب على ذلك انسحاب الحاميات من شرق السودان .

هل لديك مشاريع أخرى قريبا فى الكتابة ؟

أعمل على رواية تغطى الفترة التاريخية من 1967 إلى عام 1977 ثورة الخبز الذى أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية ، هذه الفترة غنية كمادة روائية ، و لم أحتج للاستعانة بالكتب التاريخية ، فكنت شاهد عيان على تلك الفترة ، التى أرى أنها لم تأخذ حقها فى اﻷدب ، نجيب محفوظ وإبراهيم عبد المجيد ورضوى عاشور من القلة الذين تحدثوا عن تلك الفترة ، بالإضافة لعمل بديع باللغة الإنجليزية “IN THE EYE OF THE SUN – فى عين الشمس “ ﻷهداف سويف ، وهو أول عمل أشعر أنه يتحدث عن جيلى .

وفترة السبعينات نقلت إلينا فى اﻷدب من وجهة نظر الكتاب اليسارين الذين ركزوا على خلافهم مع السادات ، و لكن لم نراها من وجهة نظر الرجل العادى ، كما رأينا ثورة 1919 فى ” بين القصرين” لنجيب محفوظ .

ما حدث فى 1967 أن عرب هزموا عرب ، و هذا ما قاله نجيب محفوظ فى ” الكرنك ” ، النموذج السعودى “الدولة الدينية القبلية” هزم النموذج المصرى ” الدولة الحديثة” كنموذج يحتذى به فى العالم العربى ، فى 1967 كانت مصر فى حرب مع السعودية فى اليمن ، لم نكن نحارب إسرائيل فقط ، فتجرعنا هزيمتين من إسرائيل والنموذج السعودى .

الشيوعيين يمثلون 80 % من المنطقة الشرقية بالسعودية التى تحوى على البترول ، فلو ثاروا ستسقط السعودية ولذلك هى تخشاهم ، و إن سقطت السعودية ستسقط الإمارات و الكويت والبحرين ، و لذلك تقف الإمارات بجانب مصر ، فجميعهم نموذج واحد للدولة القبلية ، وليس لديهم نظام مؤسساتى قوى له جذور ، بينما على الرغم من عيوب نظام البيروقراطية المصرية و لكنها مؤسسات لها جذور و استطاعت أن تسير البلاد من 2011 و حتى 2013 وحدها عندما لم يكن هناك من يسير الدولة .

وما حدث فى الربيع العربى هو المظاهر اﻷخيرة لهزيمة 67 و نموذج الدولة الحديثة ، فنتيجة انهزام هذا النموذج وعدم رضا الشعوب ، حدثت ثورات الربيع العربى ، و الثورات ستتكرر وتستمر حتى إقامة دولة حديثة .

وهناك رواية أخرى تاريخية فى الجاو هى ثلاث قرى فى الصعيد نشبت فيها ثورة قادها أحمد الطيب، وحاكم أسيوط بعث قوى لإخماد الثورة ، ولكن الثورة انتصرت ، فبعث الخديوى حملة قضت على الثورة ، وقتلت كل من شاركوا فيها ، وهجرت كل سكان الثلاث قرى فى دمياط ومسحت الثلاث قرى من الخريطة وبنوا قرى أخرى ، ولا يعرف الكثيرون عن هذه الثورة ، ولكنى لن أكتبها بشكل تاريخى فالوقائع التاريخية عنها قليلة ولكنى سأكتبها بشكل فنتازى .

هل هذا يعنى أن ميولك تتجه للرواية التاريخية ؟

لا ، فلدى رواية أخرى أعمل عليها تنتمى للخيال العلمى ، فعملى بالفيزياء بالأساس ، أعمل على الومضات الضوئية ، بعض تلك الومضات مركزها أسرع من سرعة الضوء ، وصار العلماء اليوم قادرون على خلق تلك الومضات فى المعمل وقياسها .

ومن خلال تلك الومضات نستطيع أن نرسل رسائل للماضى ، وكتبت مقالتين عن ذلك تم نشرهم فى مجالات علمية ، وروايتى تدور حول تلك الفكرة ، وهناك علماء كبار يؤكدون أن هذا ممكنا ، ولكنهم لم ينجحوا فى تحقيقه بعد ، لذلك يظل خيالا علميا .

بعد انتهاء مسيرتك العلمية ، هل تفكر فى التفرغ للأدب ؟

حاليا تركت المناصب الإدارية وعدت للتدريس فيزياء وتفكير علمى ، و لم يتبقى لى الكثير فى مسيرتى كأستاذ جامعى ، ولكنى لا أؤمن بأن هناك ما يسمى بالتفرغ للكتابة ، فالكتابة هى حالة ، ولا يصلح معها تفرغ ، فبالنسبة لى “طوكر ” كانت نتاج لضغوط العمل ، والمشاعر المتناقضة التى صاحبت الثورة من غضب وفرح كلها ترجمت فى الكتابة ، فالكتابة لى ملهاة عن ضغوط الحياة .

ونجد أن فى الـ 15 عام الماضية كمية الكتابات زادت ، هذه كلها نتاج الإفرازات المجتمعية من الضغوط والعشوائية و التخبط ، فتعطى ثراء لمن يريد الكتابة ، بعكس المجتمعات المرفهة ، وحاليا النشر متاح للجميع ، و لا يحتاج لرضا الدولة ، حتى لو اضطر الشباب للدفع لنشر أعمالهم ، فهذا أفضل من أن تظل حبيسة الأدراج ، وكما قال الغيطانى ” الأدب مبيأكلش عيش ” .

فى الختام .. كيف ترى مستقبل مصر ؟

مصر إمكانياتها جبارة بشعبها ، قال لى صديق يمنى بعد الثورة ، ” أنتوا 90 مليون محدش هيقدر يعملكم حاجة ” ، ولكن صناعة التغيير تحتاج لإرادة شعبية ، نحن نلف وندور حول أنفسنا منذ زمن طويل دون أى نتائج ، وأصحاب المصالح هم من يسيرون على نغمة اﻻستقرار ، و لكن السير على خطوات الديمقراطية السليمة هو أبو اﻻستقرار .

حاورته – شيماء فؤاد
موقع محيط

الصورة اعلاه
عمرو شعراوى مع محررة محيط


تعليق واحد

  1. محمد علي ليس مصريا ودولته لم تكن قطرا مصريا ذا سيادة بل إقليما يتبع رسميا للباب العالي في اسطنبول. ثم جاء الإنجليز وطردوا حتى ذلك الوجود المصري التبعي فإلى متى الوهم بأنكم كنتم تحكمون السودان؟ بل كنتم مستعمرة عثمانية بريطانية ولكن لا عقلاؤكم ولا عامتكم يفهمون ذلك