تحقيقات وتقارير

استخراج الشهادات الجامعية.. حركة سلحفائية في الإجراءات.. ملل وانتظار


يبدو أن صفوف الانتظار هي القاسم المشترك بين كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة، فإلى جانب الملل من طول الصفوف والانتقال من نافذه إلى أخرى؛ ينتظر المواطن وقتا طويل لانتظار استلام أوراقه ومعاملاته، التي قد تستمر إلى عدة أيام وأحيانا إلى شهور.
من هذه المعاملات السلحفائية التي تؤرق الجميع هي شهادات التخرج الجامعية، والتي ينتظر فيها الخريج فترة تتراوح ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع، وقد تطول الفترة أكثر من ذلك إذا ما عانت الجامعة من أي مشاكل إدارية أو طلابية، وبالتالي يطول انتظار الطالب للشهادة التي قد تُفيده أو لا في ظل عدم توفر الوظائف المنعدمة سلفا.
لكن ما يثير ضجر الطلاب هو لم لا تسير أمور استخراج الشهادات بصورة أسرع؟ ومن هو السبب وراء هذه المماطلة التي لم تنته في معظم الجامعات السودانية؟ وما هو وجه الاختلاف بين سيناريو استخراج الشهادات قبل ثلاثين عاماً وبين الوضع الحالي.
تذمر وشكاوى
استلام الشهادة يستغرق مابين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وعلى أسوأ الفروض شهر، وغالبا لا نهتم باستخراج وثائقنا أولا بأول، وفنهرع إلى استخراجها حين تطلبها منا جهة ما، ما يجعل مسألة السباق مع الزمن أمرا فارقا في حصولنا على فرص دراسية أو عملية، بحسب رأي حنين الفاضل – خريجة كلية الدراسات التقنية والتنموية قسم الإدارة- وهذا ما حدث معي تماما، فأنا لم أستخرج شهادتي فور تخريجي مباشرة، لكن بعد أن رشحني أحد أقاربي لوظيفة متواضعة تتناسب مع انعدام خبرتي العملية، هرعت إلى الجامعة التي استمر فيها مسلسل انتظار استخراج الشهادة إلى قرابة الـ 21 يوما، في الوقت الذي أمهلتني فيه الشركة عشرة أيام إلى حين إكمال أوراقي، كما رفضوا قبول وثيقة إكمال دراسة من مكتب مسجل الجامعة، ما تسبب في ضياع الوظيفة، حينها اتهمني الجميع بالتسبب في ضياع هذه الفرصة، لعلم الجميع المسبق بأن موضوع استخراج الشهادات يتطلب وقتا طويلا.
بطء العمل
ظللنا نداوم على المجيء إلى الجامعة بعد عام ونصف من تخرجنا لمتابعة إجراءات استخراج شهاداتنا، حتى أصابنا الملل والاستياء من سلحفائية العمل في أمر هذه الشهادات، ولم يكن باليد حيلة سوى انتظار حسم الفوضى التي كانت تعم مكتب المسجل في تلك الفترة، هكذا ابتدرت نشوى الفاضل – خريجة كلية الإنتاج الحيواني بجامعة السودان حديثها، وواصلت قائلة: بحكم حضورنا الدائم إلى مباني الجامعه علمنا بأن هنالك مشكلة إدارية عطلت أمر التوقيع على شهاداتنا، وأن الكلية طوال هذه الفترة لم تستخرج شهادات الخريجين، ولم نستلم شهاداتنا إلا بعد قرابة العامين من تخريجنا، وأضافت: يعلم الجميع أن إكمال المعاملات في المؤسسات الحكومية أو الخاصة داخل السودان؛ يندرج تحت قائمة الاأوضاع المملة والتي تستغرق وقتا طويلا.
اختلال في الموازين
دكتور فتح العليم عبد الله رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة أمدرمان الأهلية يقول : في السابق كانت تستخرج هذه الشهادات من الأقسام وذلك بعد مراجعة دقيقة جدا بعد إجازة مجلس الإدارة لها، ومنها إلى مكتب السكرتير الأكاديمي الذي يعمل فيه خمسة موظفين يقومون بمراجعة هذه الشهادات ونسخها بالكربون إلى أكثر من ثلاث نسخ، واحدة تُحفظ بعيدا عن مكاتب الكلية تحسبا للحرائق والتلف، وأخرى تُعطى للطالب وثالثة تبقى في أرشيف القسم، وأضاف: أما اليوم فقد اختلت الموازين، فبدلاً من أن تُسهم التكنولوجيا في تسهيل الإجراءات حدث العكس، فأصبح الإهمال هو السمة الغالبة في معظم الجامعات، هذا وقد تغير نظام إعداد و إخراج الشهادات، فتخرج من الأقسام ثم إلى مكاتب المسجلين ومنهم للشؤون العلمية، الذين يقومون بمراجعة الشهادات التي تمتلئ بالأخطاء على سبيل المثال (خطأ في الاسم، التقدير، عدد ساعات الكورس، وغيرها من البيانات)، وفي تقديري أنها تحدث بنسبة 50%، وعلى ما يبدو أننا الشعب الوحيد الذي يطبق نظرية (كلما توفرت معينات الإنتاج، كلما تدنى مستوى الأداء)

اليوم التالي