تحقيقات وتقارير

عقبات تحول دون آمال الخرطوم بالتصالح مع واشنطن


بعد التفاؤل الذي وصف ب”المفرط” من قبل الحكومة السودانية تجاه علاقتها مع واشنطن، عاد القلق للأوساط السودانية عقب إصدار محكمة أميركية غرامة مالية ضد السودان، وفي انتظار رفع العقوبات الأميركية سيظل ماراثون المفاوضات مستمرا وقائمة التنازلات مفتوحة.

قطعت محكمة أميركية الطريق أمام آمال الحكومة السودانية في رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب ورفع الحظر الاقتصادي الأحادي المفروض على السودان منذ العام 1997، وذلك بعد فرض غرامات مالية على السودان.

ووفق متابعين، فإن سفينة العقوبات الأميركية على السودان تمضي مبحرة إلى حيث تريد واشنطن رغم تعاون الخرطوم في مجالات من بينها مكافحة الإرهاب بشهادة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

ويأمل السودان بنجاح حواره المستمر مع واشنطن في تليين موقف الأخيرة لإيقاف العقوبات -على الأقل- التي تسببت بتدمير كثير من المؤسسات الاقتصادية الوطنية.

لكن المحكمة الأميركية اتخذت الجمعة قرارا قضى بتغريم السودان 314 مليون دولار أميركي لصالح أسر 17 بحارا أميركيا قضوا بسبب مهاجمة انتحاريين للمدمرة الأميركية “يو أس أس كول” قبالة عدن عام 2000، الأمر الذي يوضح أن التقارب بين الإدارتين ما زال بعيدا.

وكان 15 بحارا أميركيا وثلاث من زوجاتهم قد رفعوا قضية في واشنطن على السودان عام 2010، واتهموه بتقديم دعم مالي لتنظيم القاعدة ساعد في تسهيل الهجوم على المدمرة الأميركية.

ولم يكن إعلان ترحيب المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي الاثنين الماضي بجهود السودان التي بذلها في التعاون لمكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة، واتخاذه خطوات مهمة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية والمجموعات الإرهابية الأخرى وعرقلة تحركاتها عبر السودان، إلا تمهيدا “لصعقة” لم تتوقعها الحكومة، وفق محللين.

وكان كيربي استبق قرار المحكمة بثلاثة أيام ليقول إن تعاون السودان المستمر سيعزز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

ترحيب سوداني
وإثر ذلك رحب المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الخميس الماضي ببيان الخارجية الأميركية الذي عبر عن تقديره لجهود السودان في مجالات التعاون، وأكد عبر نائب رئيس الحزب إبراهيم محمود حرص السودان في المضي بالعلاقات مع أميركا في مسارها الصحيح بما يحقق مصلحة البلدين.

وتضع واشنطن السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب وتجدد عقوبات اقتصادية عليه منذ عام 1997 لأسباب مختلفة من بينها الحرب في بعض أجزائه وتحفظاتها على بعض قضايا حقوق الإنسان.

ويرى متابعون أن لأميركا أيادي مختلفة للضغط على الخرطوم بعيدا عن الحوار الذي يدور منذ مدة بين الطرفين لمعالجة الخلافات بينهما.

الكاتب والمحلل السياسي محجوب محمد صالح يرى أن السودان قد حقق أحد مطالب واشنطن، وهو التعاون في مواجهة الإرهاب، لكنه لا يزال بعيدا عن تحقيق المطالب الأخرى ممثلة في فض النزاعات الداخلية بالسودان وحماية حقوق الإنسان والمصالحة الوطنية الداخلية وتحقيق الاستقرار الداخلي.

ومع ذلك توقع في تعليقه للجزيرة نت تخفيفا للقيود المفروضة على السودان بمجالات التحويلات البنكية كبادرة وإشارة بأنه لا تطبيع لمجرد التعاون في محاربة الإرهاب، وأن هناك أجندة أخرى لابد من معالجتها.

تفاؤل مفرط
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم محمد نوري الأمين فيقول إن توقعات الخرطوم تجاه واشنطن تظل مفعمة بالأمل خاصة بعد الضغوط التي مارستها إدارة أوباما مؤخرا ضد المعارضة السودانية ومدحها تصرفات الحكومة.

ويرى الأمين وجود عوامل أشعرت الخرطوم بأن الأمور بينها وبين واشنطن تسير باتجاه إيجابي “ما دفع الحكومة السودانية إلى أن تفرط في التفاؤل الذي لم يكن مدروسا”، حسب قوله.

وبعيدا عن أحقية المحكمة بمعاقبة السودان من عدمها كما يقول الأمين للجزيرة نت، فإن دبلوماسية السودان تظل محل تساؤل الجميع بعدم قراءتها وبحصافة للسياسة الأميركية تجاهها.

لكنه يعتقد أن قرارا أميركيا ربما يصدر بنهاية الحوار القائم بين واشنطن والخرطوم يخفف من وقع قرار المحكمة دون أن ترفع العقوبات بشكل كامل لعدم وجود أساس موضوعي لذلك كما تقول مؤسسات أميركية مهمة، بحسب الأمين.

عماد عبد الهادي-الخرطوم
موقع الجزيرة


تعليق واحد

  1. مادام النظام غشيم وشطارته علي المواطن الضعيف، فلن ترفع العقوبات التي هي جزاء بماكسبت ايديهم من ظلم علي الشعب