الطيب مصطفى

الغلبا راجلا تأدِّب حماها !!


لكي أحكي لكم عن عجائب البرلمان أرجو أن تقرؤوا الخبر التالي المنشور في صدر الصفحة الاولى بالانتباهة والذي حمل عنواناً مثيراً يقول: (البرلمان يُهدِّد مصانع السيخ بالملاحقة القانونية).. يقول الخبر: (وجهت لجنة العمل بالبرلمان مصانع حديد التسليح (السيخ) بوضع ختم على منتجاتها للتحقق من مطابقته للمواصفات والمقاييس وهددت بمساءلة المصانع المخالفة قانونياً وفتح بلاغات جنائية ضدها)!.. علامة التعجب التالية للخبر من عندي.

بالله عليكم ما هي علاقة اللجنة البرلمانية بمصانع الحديد حتى توجهها وتهددها بالمساءلة الجنائية؟!

لقد بحَّ صوتنا ونحن نكتب ونصرخ (ونكورك) مطالبين بالفصل بين السلطات خاصة السلطتين التنفيذية والتشريعية باعتبار أن ذلك من أهم مقومات الحكم الراشد الذي ظللنا ندندن حوله ونحاور ونناور في بحثنا عن حل للأزمة السياسية الخانقة التي قعدت بالبلاد وتسببت في تخلفها بين الأمم.

أيها البرلمانيون.. أقولها مجدداً إن البرلمان لا علاقة له البتة بمساءلة مصانع الحديد التي توجد سلطة تنفيذية مخولة بالقانون أن تراقبها وتحاسبها وتعاقبها هي هيئة المواصفات لكن البرلمان يصر على أن يتخلى عن دوره الدستوري في مساءلة السلطة التنفيذية ومراقبتها (ومرمطتها) بل وسحب الثقة من وزرائها المقصرين وبدلاً من ارتداء ثوبه الفضفاض ليزأر في وجه السلطة التنفيذية يصر على (الانحشار) في جحر ضيق اختاره لنفسه ليمارس من خلاله دوراً آخر أصغر يتغوَّل به على سلطات أخرى أدنى مقاماً وأقل شأناً.

خلال الأسابيع الأخيرة رأينا نماذج من الهوان والازدراء الذي يمارس على البرلمانات الولائية ليضاف إلى ما ظل البرلمان المركزي يتلقاه من صفعات فقد كانت البرلمانات الولائية التي تسمى بالمجالس التشريعية (ملطشة) يتدرب الولاة على رياضة الكراتيه في وجهها وجسدها المنهك صفعاً وركلاً فقد تبارى، على سبيل المثال، كل من علي أحمد حامد ومحمد طاهر ايلا واليا البحر الأحمر والجزيرة في إثبات هوان نواب (الشعب) أمام سطوتهما وجبروتهما وبدلاً من أن (يمثل) الحزب الحاكم دور الكيان الديمقراطي ليتباهى ولو زوراً بأنه حزب ديمقراطي شوري يعلي من شأن نواب البرلمان ويمنحهم سلطة رقابية حقيقية على الحكومات الولائية، وبَّخ البرلمانيين وحذرهم (ليرعوا بي قيدهم) ويلزموا حدودهم سيما وأن هناك انتخابات ستجرى مستقبلاً لن يكون (للمشاغبين) فرصة ليرشحوا ويدعموا لخوضها إن هم تجاوزوا حدودهم !

ما يحدث في البرلمان والمجالس التشريعية الولائية يثبت لنا كل حين بل كل يوم أنه ما من أمل في أن ينهض البرلمان، سواء كان مركزياً أو ولائياً، بدور حقيقي وفقاً لمطلوبات الممارسة الديمقراطية التي تقيم الحكم الراشد وتحد من سلطة الجهاز التنفيذي وتكبح من سلطته المطلقة إلا بإصلاح سياسي هو الذي ينبغي أن نعمل جميعاً على إقامته بعيداً عن الاحتراب والتنازع والتباغض الذي نخشى أن يورد بلادنا موارد الهلاك.

مشار وإعلان الحرب

بإعلان زعيم المعارضة الجنوبية رياك مشار الحرب على سلفاكير يدخل مسلسل الموت في دولة جنوب السودان طوراً جديداً، لكن ما يعنينا في ذلك تأثيراته على الأوضاع في السودان.

الجنوب أخذ في الاشتعال مرة أخرى بصورة أشد ضراوة ولكن هذه المرة ستدخل الاستوائية الكبرى وكذلك بحر الغزال التي كان الدينكا بعتبرونها محصنة من الاختراق فإذا بالفراتيت يحيلونها إلى بؤرة صراع جديدة ربما لأول مرة منذ اندلاع القتال الجنوبي الجنوبي في ديسمبر 2013.

الأمر يحتاج إلى أن يعالج في مقال أطول فإلى اللقاء إن شاء الله.

الصيحة