مقالات متنوعة

فضيحة وكيل النيابة فضيحة وكيل النيابة


* يبدو أن الأزمة التي تعيشها بلادنا لم تقف عند تدهور الإقتصاد والتعليم والصحة والسياسة، بل توشك أن تمسك بعصب العدالة، الشيء الوحيد الايجابي المتبقي في دولة السودان، بتجاوزات بعض منسوبي مهنة القانون.
* ففي واحدة من سوابق جلسات المحاكم التي شهدتها الخرطوم أمس الأول، أيقن الجميع أن العدالة في السودان أمام خطر داهم وأننا مقبلون على سقوط مهني سيتسبب فيه أحد المحسوبين علي مهنة المحاماة بموقفه غير الكريم والذي سيؤدي إلى تشويه صورة العدالة بمعناها السامي مالم يتم إتخاذ موقف قوي ومعاقبته تجاه ما قام به.
* ففي سابقة جديرة بالوقوف عندها، قرر قاضي محكمة جنايات الخرطوم شمال، منع ظهور ممثل الإتهام مستشار النائب العام (عبدالرحيم الخير) بجانب محامي الدفاع الشيخ حسن، أمامه وحرمانهما من تمثيل الاتهام والدفاع في قضية الطالب عاصم عمر الذي يواجه عقوبة الإعدام بإتهامه بقتل شرطي عمليات أثناء أحداث جامعة الخرطوم الأخيرة، والسبب يعود لتنبيه (المتهم) للقاضي بأن الشاهد لا يدلي بافاداته، وإنما يجيب من ورقة كان يكتب عليها وكيل النيابة الإجابات للشاهد رغم أنه على اليمين.
* ما حدث يمثل أسوأ أنواع التضليل والتحايل على القانون ولي عنق الحقيقة من أحد منسوبي (الديوان) وممثل النائب العام، بخلعه ثوب العدالة الناصع وإستبداله بثوب الإنحياز المهترئ الذي يكشف عورة العقليات التي منحت الضمير الإنساني والمهني إجازة مفتوحة، لإشباع شهوة دنيئة، وإرضاء (لصاحب المقام الرفيع).
* الواضح للجميع من خلال الجلسة المثيرة، أن المستشار ومن خلال مناكفاته المستمرة مع القاضي ومحامي الدفاع، أن كل ما يهمه ويستميت لإجله هو إيصال المتهم (للمقصلة) بأي ثمن بغض النظر عن كونه برئ تم تلفيق التهمة له ليكون كبش فداء، أو أنه مجرم حقيقي يستحق الشنق.
* من وجهة نظري ونظر الكثيرين ممن تابعوا الجلسة، فإن هذا السلوك القبيح مؤكد أنه سيمنح الحق لأي شخص أن يفكر ما يشاء أو أن يقدح فى عدالة ونزاهة الإجراءات التي سبقت المحاكمة باعتبار أن الجهة التي قامت بالإشراف على التحري و إصدار أوامر القبض و توجيه التهمة والاحالة للمحاكمة هى النيابة .
* العيب كل العيب لمن ولجوا هذه المهنة في غفلة وأتوا بمثل هذه الممارسات الشائهة، وأتوا بسلوك يتنافي مع ميثاق وأخلاقيات مهنة المحاماة التي يفترض أن يلتزم بها المستشارون ومن هم في وضعهم، ترسيخاً لمبدأ العدالة وسيادته، ومنعاً لأن تكون هذه المهنة مطية لأصحاب الغرض والنفس الصغيرة.
* بعد هذه الحادثة، فمن حق أي شخص أن يعتبر ماحدث يعتبر دليلاً قاطعاً على أن التهمة ضد المتهم (ملفقة) وان الاتهام يسعى للحصول على أهوائه.
* إستئصال مثل هذه الممارسات من قبل القضاة هو الذي سيمنع ظهور الفوضي لمنسوبي النائب العام.
* وقبل ذلك دعونا نسأل السيد النائب العام عن مصير شهداء أحداث سبتمبر الـ 200، لماذا لم تجتهد سيادة النائب العام في ملاحقة الجناة والقبض عليهم ومحامتهم خصوصاً الأسر التي طالبت بالقصاص أم أن دماء رجال الشرطة أطهر من دماء المواطنين ؟

هنادي الصديق

الجريدة