مقالات متنوعة

أوركني وأصدر نفسك وجنح المغفلين


أعلنت القيادة العليا لحزب المستقلين القومي، تصريحاً على لسان زعيم الحزب البروف مالك حسين قال فيه: إنّ حزب المستقلين القومي يأخذ أمر نداء السودان بحذر لأنها مُرتبكة، وتسعى إلى المحاصصة الرخيصة، وتبيع قضايا الشارع، وتريد أن تقيم جبهة علمانية عريضة لحكم السودان (والأيام بيننا) وتكوينها هَشٌ ومُتناقضٌ.
ولعل القارئ الكريم المُتابع لعمود “الصفر البارد” يعلم بأني ذكرت قبل أسابيع في عمودي هذا بأنّ هنالك مجموعة من التكتلات الحزبية في الساحة السودانية، بعضها لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بقضايا الشعب السوداني، وهم طلاب مال وسلطة في المقام الأول، ويستعينون بكل (شياطين الأرض) من أجل (قفل باب المحاسبة بأثر رجعي) لأن بعضهم قد تمسهم المحاسبة وإن كان البعض الآن في صفوف المعارضة، والخوف والوجل كله من المحاسبة.
وقد تم تغيير القانون بحيث لا يحاسب كل من يصل إلى عمر السبعين عاماً من العمر، إلا إذا ارتكب جريمة قتل جنائية، وكل ذلك لأنّ مُعظم من يجب مُحاسبته أو استجوابه بقانون (من أين لك هذا) قد بلغ فوق السبعين خريفاً أو اقترب منه، وبالتالي لا تقع عليه أية مساءلة قانونية.
فرضخ البعض في لجان الحوار لتمرير الإبقاء على ذات البرلمان إلى نهاية الفترة القادمة (2020م) ربّما مُقابل الحُصُول على المناصب الدستورية (في اتفاقيات الغرف المظلمة – المحاصصة) أو ربما يمتلك البعض ناصية الجهل عن أهمية البرلمان في التغيير القادم المطلوب لتأسيس دولة المُؤسّسات والقانون ومُساواة الناس في المواطنة، ولذلك لا يبالي.
والمُحاصصة هدفٌ نبيلٌ للبعض في بعض تلك التكتلات، بل هو الهدف الأول والأخير، وقاعدتهم الشعبية على قلتها فهي قاعدة مخدوعة بالشعارات والإعلانات والتطبيل عالياً بالصوت والبيانات النضالية المُزيّفة في الإعلام وغيره بأنهم حماة الشعب القادمون بقوة، وهم في جل مما قالوا ويفعلون لا يهمهم إلا المنصب الدستوري لهم دون غيرهم.
بالطبع أمثال هذه المُعارضة أعلاه، هم أرخص من أن تكون لهم قيمة في عُقول أصحاب النزاهة الإسلامية والوطنية وفي عُقول الطبقة المُثقّفة، وسُرعان ما ينكشفوا في أول مُنعطف للاتفاقيات الثنائية من خلال بحثهم الدؤوب على المال عبر الامتيازات والمناصب الدستورية.
والآن نحن نعيش حالياً في زمن المحاصصة (فتاريخ انعقاد الجمعية العمومية للحوار اقترب، ونحن حالياً في زمن الاتفاقيات السرية بنظام (اوركني وأصدر نفسك وجنح المغفلين)، وكأن الوطن في خيالهم مجرد (دجاجة) مطبوخة لتؤكل على مائدة المُحاصَصَة، والبعض يستعجل بسُرعة ليرمي بَاقي المُعارضة بعيداً عن تشكيل الحكومة المُرتقبة حتى يُتاح له ولحزبه أكبر عدد مقاعد ممكنة ولن تشرك قواعدهم المُتوهِّمة بنضال قياداتها ورسالاتهم الديمقراطية الوهميّة، والحكومة تستعجل للظهور بدور من انتهى الصراع على يدها وذلك بفضل اختيار شخصيات بعينها، وها هُم يهرولون خلف مُشاركة الصادق المهدي ليتباهى الحزب الحاكم بأنّه أحضر معارضاً ذا ثقل نوعي، وهو في الأصل معهم منذ زمنٍ بعيدٍ، وينطلق موسم الإصفاء والإقصاء لينهي دور المعارضة تماماً في الساحة، وتصمت الأصوات فلا تسمع إلا همساً.

جلال الدين محمد

التيار