عثمان ميرغني

حرية لله يا محسنين!!


سألت – أمس- السيد حامد ممتاز أمين العلاقات السياسية بحزب المؤتمر الوطني ما فائدة كتابة وثيقة جديدة للحقوق والحريات.. في وجود دستور مترع بالحقوق والحريات؟..
ممتاز كان صريحاً فقال إن الحقوق والحريات ستظل مجرد نصوص معلقة في الهواء طالما في البلاد حرب.. فهو يرى أن الحرية للأسوياء – من الأوطان – التي لا تعاني حرباً ولا توترات أمنية..
مثل هذا المسلك والتفكير غريب إلى أقصى درجة.. أولاً.. الحريات والحقوق الأساسية حتى في حالة الحرب لا تعلق هكذا حسب المزاج والتقدير.. الدستور والقانون يبين كيف تجتزأ الحريات والحقوق.. فلا يمكن أن تتحوّل الحقوق والحريات إلى مجرد قرارات تمنح وتمنع حسب الرضا أو الغضب..
وثانياً.. في بلاد كثيرة تُعاني من ويلات التمرد في بعض أجزائها ومع ذلك الحُقُوق والحريات مصانة.. ليس لمجرد الوجاهة بل لأن صيانة الحقوق والحريات هو أقوى ترياق ضد التوتر والتمرد..
الأمر في تقديري لا علاقة له بالتوترات في بعض الولايات.. فالخرطوم هنا لا حرب فيها ومع ذلك تقاسي من تضاريس الحقوق الأساسية للإنسان السوداني..
والآن ونحن على بُعد خطوات من استكمال الحوار الوطني.. يظل السؤال.. هل ستخضع الوثيقة التي قد يتمخّض عنها الحوار إلى حالة الحرب في بعض الولايات.. فتعلق الحريات إلى حين ميسرة من التسوية السياسية الكاملة؟.. هل سننتظر آخر متمرد ليضع السلاح.. حتى تنهض وثيقة الحقوق الأساسية كاملةً من غير نقصان؟..
في تقديري أن الشعب وحده هو من يفرض حقوقه.. كل الشعوب المستنيرة التي تتمتع بكامل حقوق الإنسان لم تكن منة من حاكميها.. فلا حاكم يرغب في سماع طنين الشعوب.. لكنها حرَّمت حرماتها بيدها وجعلتها خطاً أحمر غير قابل للكسر..
نحن في حاجة لإدراك أن الطريق إلى النهضة لا يمر بمحطات تغييب العقل والرشد لصالح تمكين الحاكمين.. الحُقوق الأساسية والحريات ليست مجرد ترف لتزجية الوقت وتفخيم الذات.. هي من صلب مطلوبات أية أمة لتعبر مستنقع التخلف إلى فضاء الرفاه والكرامة الوطنية.. ولو انتظرنا الحكومة التي تنتظر المجهول لتمنحنا الحق في الكرامة… فلن نخرج من ظلام النفق الطويل الذي يكبل بصرنا وبصيرتنا..
يا شعب السودان.. لا تتسوّلوا حريتكم من أحد..!!

الانتباهة