مقالات متنوعة

حتى حدود الله


تواصل الحكومة (شغلها) في القوانين بهمة ونشاط ولا ندري متى ستنتهي وتتوقف عن التفصيل والتوسيع والتضييق، ويبدو أن الأمر لن يتوقف عند القوانين وحدها، بل سيطال حتى حدود الله المنصوص عليه في القرءان.
يوم الخميس الماضي 29/9 صادق مجلس الوزرء على مشروع القانون الجنائي 2016 وبمقتضاه تم تشديد العقوبة على بعض الجرائم مثل الإضرار بالاقتصاد الوطني، والشغب وحيازة السلاح والتعامل مع الخمر والتستر على الجناة والسطو الليلي، وأعمال الدجل والشعوذة والسحر، وتظهير الصك المردود، كل هذا أمر عادي فهي قوانين وضعها البشر وستظل دائماً تحتاج إلى التعديل بما يحقق المصلحة العامة، ومع أن الحكومة لا تعدل قانون أبداً من أجل المصلحة العامة إلا أنه يظل التعديل أمر لا غرابة فيه، ولكن الغرابة أن تعدل حدود الله المنصوص عليها في القرءان بالبساطة التي تعدل بها تلك القوانين، فقد صادق مجلس الوزراء على تعديل حد الزنا من الرجم إلى الإعدام من غير أي تردد، و مجلس الوزراء الموقر، أما لأنه يجيز كل شيء يعرض عليه من سكات ودون الاضطلاع عليه، أو أنه لا يفرق بين القوانين وحدود الله وعليه لم يتعرف على أن هذه العقوبة حد من حدود الله، ولذلك لم يتوقف عندها. ويغض النظر عن التفاصيل إلا وزير العدل أن الله عندما وضع حدوده للمسلمين كان يعلم تماماً أنها في مصلحتهم، فهل يعقل أن تكون حكومته أرحم من الله على أمة محمد؟.
السؤال الذي يفرض نفسه ما هو الضرر الذي تعرضت له الحكومة بسبب هذا الحد فهي في تاريخها لم يحدث أن قامت بتطبيق عقوبة الرجم على أحد، لأنها لم تتمكن من إثباتها لا على محصن أو غير محصن، ومعلوم أن طريقة إثبات الزنا حسب الشرع صعبة جداً ولم يحدثنا الإسلام عن أشخاص أقيم عليهم الحد بعد أن ضبطوا متلبسين بالطريقة التي حددها إلا لمن اعترفوا على أنفسهم.
أهم من كل ذلك ما هو السبب وراء تعديل هذا الحد، هل اكتشفت الحكومة فجأة أن تعاليم الإسلام لم تعد مناسبة معها، أم أنه جزء من فروض الولاء والطاعة التي تقدمها طمعاً في كسب رضا الأسياد وعليه فهي لا تتردد في أن تعدل حتى الأحكام المنزلة من عند الله، وهي بذلك تشاركهم العداء للإسلام من حيث تدري وستفتح الأبواب مشرعة أمام التشكيك في حدوده ومن ثم تفتح باب الجدل في تعديلها وتصبح هي أول حكومة في التاريخ تعدل حدود الإسلام.
حكومة المؤتمر الوطني وصل بها العجز والفشل للدرجة التي بدأت تستخدم حدود الله في المساومة السياسية، فمنذ متى وقفت حدود الله عائقاً أمام نجاح الحكومات، وهل هذا يعني أنها على استعداد لتعدل حدود أخرى مثل القصاص، وحد السرقة والخمر وغيرها، ليس مستبعداً فهي أصلاً جاءت إلى السلطة وهي ترتدي قناع الإسلام الذي انكشف وأثبت حقيقتها، والآن أصبحت لا تخجل ولا تتردد في أن تستغل حتى حدود الله.
سيعرض التعديل على البرلمان الأيام القادمة لإجازته ولا أظن أنه سيمانع أو يخالف مجلس الوزراء، فالبرلمان الذي بصم للحكومة بالعشرة وصفق وهلَّل وكبَّر لها وهي تعدل القوانين والدستور لن يقول لها لا، حتى لو عدَّلت المصحف الشريف

اسماء محمد جمعة

التيار