عالمية

هل تقع الحرب بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا؟!


بعد ما يقارب العام على نشر أنظمة صواريخ “أس-400” في قاعدة حميميم الجوية في سوريا، نشرت روسيا الثلاثاء أنظمة دفاع مضادة للطيران من نوع “أس-300” في طرطوس شمال غرب سوريا حيث تملك منشآت بحرية عسكرية، في خطوة لم تلقَ ترحيباً من الولايات المتحدة التي سبق أن اتخذت قراراً بتعليق مفاوضاتها مع روسيا بشأن سوريا هذا الأسبوع.

والمعروف أنّ منظومة “أس-300” روسية الصنع تُعدّ من الأنظمة المتطورة في العالم ضمن ميادين الدفاع الجوي لقدرتها على رصد وتدمير الصواريخ الباليستية، ولكونها مجهزة برادارات قادرة على تتبع 100 هدف والاشتباك مع 12 هدفاً في الوقت نفسه، وتحتاج المنطومة إلى 5 دقائق فقط لتكون جاهزة للإطلاق، وصواريخها لا تحتاج لأيّ صيانة على مدى الحياة.

قرار روسيا نشر منظومة “أس 300” تزامن أيضاً مع إرسالها سفينتين حربيتين للانضمام إلى أسطولها الموجود في البحر المتوسط.

فماذا يعني هذا “الحشد” العسكري الروسي؟ وهل يُعدّ رداً على تصعيد واشنطن موقفها وتعليق المفاوضات مع موسكو أم يتعدّاه إلى ما يجري الحديث عنه عن إمكانية وقوع مواجهة عسكرية بين هاتين الدولتين العظمييْن على الأرض السورية؟!

ممّا لا ريب فيه أنّ الخطوة الروسية هذه تأتي كردّ على تفاقم الأوضاع في سوريا، لا سيّما بعد التهديدات الأميركية التي أعلن خلالها أحد المسؤولين الأميركيين أنّه يمكن أن يحمل الروس جنودهم أشلاء وأن تتعرّض روسيا لاعتداءات من الإرهابيين، لذلك أخذ الروس هذه التهديدات على محمل الجد، لا سيّما أنّهم يعرفون الارتباط الوثيق بين الاستخبارات الأميركية والجماعات الإرهابية، ما يؤشر إلى تصميم القيادة الروسية على الدفاع عن دمشق والجيش السوري، يؤكد الخبير في الشأن الروسي اسكندر كفوري لموقع “الجديد”.

ويرى كفوري أنّ انضمام السفينتين إلى القطع الحربية الروسية في المتوسط يأتي تعزيزاً لهذا الأسطول في المرحلة الحالية التي يبدو أنّها تتطلب قطعاً حربية معيّنة، لا سيّما أنه من المعروف أنّ لكلّ قطعة من هذه القطع وظيفة محدّدة. كما أن موسكو علقت اتفاقية التعاون العلمي والبحثي النووي مع واشنطن في إطار المزيد من الضغط عليها بعد مواقفها التصعيدية الأخيرة.

ولكنّ اللافت أنّ الولايات المتحدة لم تتجرّأ بعد على قطع محادثاتها بشكل كلي مع روسيا رغم قرارها الأخير بتعليق التعاون معها، فقد جرى الأربعاء اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف وجون كيري “بمبادرة من الجانب الأميركي تبادلا خلاله الآراء حول الوضع في سوريا”، وفق بيان وزارة الخارجية الروسية، الأمر الذي يفسّره كفوري بتيقّن الأميركيين تيقنوا من صلابة وجدية الموقف الروسي تجاه سوريا، لذلك يرى أنّه لا يمكن للولايات المتحدة إلا أن تعود في النهاية إلى القرار السلمي خاصة أنّها على أبواب انتخابات رئاسية. والتصاريح الأميركية ما هي إلا للضغط والتهويل والابتزاز. ويؤكد أنّ الجانب الروسي مصرّ على بذل الجهود كافة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية في سوريا على عكس الجانب الأميركي الذي كان دائماً يغذي الجماعات الإرهابية، والعبارات التي استخدمت من قبل الجانب الأميركي كانت خارجة عن المألوف الدبلوماسي، فيما الروس لم يستعملوا قط عبارات كهذه ولم يتخطوا المنطوق الدبلوماسي.

وفيما يذهب البعض إلى الحديث عن إمكانية حدوث مواجهة عسكرية بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا مستنداً على الأحداث الأخيرة، يستبعد كفوري حصول مقارعة بين الجبارين لأنّ أيّ توتر عسكري بينهما سيؤدي إلى حرب مدمّرة وفناء البشرية بأسرها، وتوازن الرعب في العالم لا يسمح لهما بأن تنصرفا إلى حرب من هذا القبيل.

وأقصى ما يمكن أن تلجأ إليه الولايات المتحدة هو الإضرار بالعلاقات بين الدول، بحسب كفوري، وهي افتعلت المشكلة الأوكرانية كي تحدث خصاماً وشقاقاً بين الأوروبيين والروس، لأنّ أيّ تحالف بينهما يخيفها. أما أن تلجأ واشنطن إلى العقوبات ضدّ موسكو، فذلك مستبعدٌ لأنّ هذه الخطوة لم تثبت جدواها سواء في كوبا أو كوريا الشمالية، فكيف الحال مع دولة عظمى كروسيا؟!

الجديد