منى ابوزيد

خيال خصب ..!


“على الدولة أن ترفع الضرائب عن العزاب، فليس من العدل أن يكون بعض الناس أكثر سعادة من غيرهم” .. أوسكار وايلد ..!
ليس أكبر سعة ولا أكثر خصوبة من خيال امرأة ـ غاضبة ـ تدعو على رجل ـ مغضوب عليه ـ .. الدعاء على الآخر ثقافة نسائية شائعة مبعثها قلة الحيلة ..فإذا ما أغضبت منك اللبنانية دعت عليك بالشلل مع طول العمر.. وإذا ما استشاطت منك السورية، دعت عليك بطول الحمى.. ولك أن تتخيل نزعة السادية في الدعاء عليك بالمرض مع طول العمر ..!
أما إذا ما كنت رجل حياة المغربية ثم انقلبت عليك، فهي تستقبل القبلة، ثم تخص رجولتك الغالية بأبشع أنواع الدعاء (ربي اجعلو حيط.. والنساء خيط.. وحشمو مع كل مرا).. وهل أنكى من ذلك الهوان ..؟!
أما السودانية ـ الهدية الرضية ـ فهي تفضل تفريغ شحنات السخط في الدعاء على صغارها.. بينما لا تتجاوز صيغ الدعاء المستحيلة.. المضمنة في الطنطنة والنقة الغاضبة ليس إلا.. (يقلقلك في الحر).. (تطلع روحك).. (نعامة تزوزي بيك).. (عمى يلايسك).. حتى إذا ما مسك أدنى سوء بكت عليك، ودعت على نفسها بالويل والثبور، ونذرت على نفسها إنفاق كل عزيز كرامة شفاء ..!
في طفولتي المبكرة سمعت إحدى الجارات في الحي وهي تزعق بالنداء على أحد أولادها، فأجابها الصبي بكلمة نعم باهتة، فما كان منها إلا أن عقبت على رده المتخاذل بأغرب جملة غاضبة سمعتها في حياتي (نعامة ترفسك) ..!
وقد بقيت تلك الجملة ـ قابعة في خلايا مخي الرمادية ـ دونما تفكير في معناها أو مدى الأضرار الناجمة من تحقق فكرتها ـ إذا ما استجاب الله لدعاء السائلة ـ إلى أن قرأت ذات يوم خبراً طريفاً في إحدى الصحف عن ذات المعنى، كان مفاده أن إحدى المحاكم الأمريكية قد أصدرت حكماً بالسجن خمسة أشهر على شاب قتل نعامة داجنة رمياً بالرصاص انتقاماً لكرامته الجريحة.. وذلك بعد أن ركلته شر ركلة، على مرأى من مجموعة فتيات جميلات كان يسير بمحاذاتهن وهو يسعى جاهداً إلى لفت أنظارهن ..!
ويبدو أن الشاب اقتحم مزرعة النعام متبختراً ..مُنتفشاً كمصيبة في أطوارها الأولى ..منشغلاً بمحاولة التقرب من الفتيات، فشعرت النعامة بالفزع وركلته في أضلاعه وأسقطته أرضاً، وقد أصيب جراء ذلك بخدوش ورضوض لا يستهان بها .. وعوضاً من التعاطف مع جراحه، ضحكت الشابات على منظره ..!
وهكذا .. وبعد أن أوجعته رفسة النعامة بذات القدر الذي آلمته به ضحكات الفتيات قرر الانتقام لكرامته المهدرة بإعدام النعامة الباغية رمياً بالرصاص .. بعد التأمل في حادثة الشاب والنعامة- موضوع الخبر – لم أجد أكثر خصوبة ولا سادية من خيال امرأة تدعو على رجل برفسة نعامة ..!

اخر لحظة