منوعات

هكذا يؤثر “فيسبوك” في الانتخابات الأميركية


أصبح موقع “فيسبوك” لاعباً فاعلاً ومؤثراً في الانتخابات الرئيسية الأميركية، رغم أن الشركة قالت سابقاً إنّ “العملية الانتخابية في صلب الديمقراطية، ونعتقد أن بإمكاننا المساهمة في دفع المجتمع إلى المشاركة الإيجابية في هذه العملية، لكننا شركة محايدة، لم ولن نستخدم الموقع للتأثير على كيفية المشاركة”.
تتيح “فيسبوك” منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2008 خيار “أنا أصوّت” (I Voted)، إذ يُخبر المستخدمون أصدقاءهم أنهم قاموا بالتصويت في الانتخابات عبر هذا الزر، ويتشاركون صورهم معهم، مما يشجع المستخدمين الآخرين على القيام بالشيء نفسه، إذ أجرى مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا دراسة أفادت بأن الزر الذي استحدثه الموقع دفع 340 ألف منتخب إضافي إلى صناديق الاقتراع في انتخابات الكونغرس عام 2010.
كما أجرت شركة “فيسبوك” العديد من الدراسات والتجارب، التي أثبتت أن التحكم في نوعية الأخبار التي تظهر للمستخدم على صفحته الخاصة، يمكن أن يغير في اهتماماته وآرائه السياسية، وبالتالي يؤثر على رأيه في صندوق الاقتراع.

وقام الموقع عام 2010 بإجراء اختبار أرسل بموجبه لـ611 ألف مستخدم (نسبتهم 1 بالمائة) رسالة “إخبارية” أفادت بعدد المصوّتين ومكان التصويت الخاص بهم ومربّع “صوّتُّ” للضغط عليه في حال صوّت المستخدم، بينما أرسل لـ98 بالمائة من المستخدمين رسالة “اجتماعية” تحتوي، إضافة إلى ما وجد في الرسالة الإخبارية، على صور ستة من أصدقاء المستخدم الذين صوّتوا، بينما بقيت نسبة 1 بالمائة من دون أية رسائل. وأظهرت النتائج أنّ من شاهدوا صور أصدقائهم كانوا أكثر ميلاً للتصويت.
وكان الموقع قد قدّم تجربة عملية على 1.9 مليون مستخدم أميركي، خلال الأشهر الثلاثة السابقة لانتخابات الرئاسة في 2012، فكثفت من معدل ظهور الأخبار السياسية الصعبة، وأثبت تحليل البيانات فيما بعد أن هذا الأمر جعل المستخدمين أكثر ارتباطاً بالمجتمع، وأحرص على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، بدافع الواجب الوطني والرغبة في تغيير الأوضاع البائسة.
أما في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيدفع الموقع الكثير من الناخبين أيضاً إلى صناديق الاقتراع. فتتوقع صحيفة “واشنطن بوست” أن يصوت معظم هؤلاء لمرشحة الحزب الجمهوري، هيلاري كلينتون. ويرى كثيرون أن السبب يعود إلى التوزيع الديمغرافي للمستخدمين على الموقع، إذ يشكّل الشباب والنساء القسم الأكبر من المستخدمين على الموقع، وتميل الفئتان أكثر نحو التصويت لكلينتون. ويحصل الأمر المعاكس تماماً على موقع “Airbnb” الذي يشكل كبار السن والبالغين البيض القسم الأكبر من مستخدميه، ويرجح أن يصوت معظمهم لصالح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب.

وقال أستاذ علم البيانات في جامعة موناش في أستراليا، مايكل براند، إن “فيسبوك يمكن أن يؤثر على ملايين الأصوات الانتخابية بكبسة زر حرفياً”، وأضاف في حديث مع صحيفة “واشنطن بوست” أن “أي قرار يتخذه الموقع حيال المحتوى السياسي على صفحاته يحمل طابعاً سياسياً تلقائياً”.
في نهاية الأسبوع الماضي، عرض “فيسبوك” لافتة تذكيرٍ دائمة بآخر الأخبار، تشجّع المستخدمين على التسجيل من أجل المشاركة في يوم الانتخابات في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ونشر عدد قليل من الولايات الأميركية بيانات حول تسجيلات الناخبين منذ أن بدأ الموقع بعرض اللافتة، لكن الأرقام المنشورة حتى الآن ضخمة، إذ دفع التذكير إلى حصول 200 ألف تسجيل في ولاية كاليفورنيا، 30 ألفاً في ولاية إنديانا، و25 ألفاً في ولاية كنتاكي، حيث زادت طلبات الناخبين بمعدل 10 مرات منذ الأسبوع الماضي، وشهدت ولاية مينيسوتا 27 ألف طلب في يوم واحد فقط، وهذا الرقم الأكبر في تاريخ الولاية.
وفي حين يتوقع أن يؤثر “فيسبوك” على الناخبين الشباب والناخبات النساء، يبدو أن الموقع يملك تأثيراً أيضاً على الناخبين الجمهوريين، مما يمكن أن يؤثر لصالح ترامب، فيما تبقى فرضية أن يُسجّل هؤلاء على “فيسبوك” من دون الذهاب للاقتراع يوم الانتخابات، موجودةً.

لذا لا شك في أنّ الموقع يؤثر على مسار الانتخابات، لكن شكل هذا التأثير ليس واضحاً جداً حتى الآن. وكان مدير الاتصالات في منظمة “الديمقراطية تعمل”، براندون نايلور، قد صرّح أن الجهود التي يقوم بها “فيسبوك” تؤثر في العملية الديمقراطية بشكل إيجابي، وكانت الجمعية قد حققت أخيراً شراكة مع “فيسبوك”، “airbnb”، “أوبر”، “فور سكوير” و”ليفت” في مشروع يطمح إلى زيادة الإقبال على مراكز الاقتراع إلى 80 في المائة، بحلول عام 2020.
وتجدر الإشارة إلى أنه ضمن الاستفتاء الأسبوعي الذي تجريه الشركة أسبوعياً، حصل سؤال محدد عن مسؤولية من “فيسبوك” للحيلولة دون وصول ترامب إلى البيت الأبيض على المرتبة الخامسة من بين الأكثر حصولاً على أصوات موظفي الشركة، خلال شهر مارس/آذار الماضي، وفقاً لموقع “غيزمودو” الذي نشر صورة عن نتيجة الاستفتاء الداخلي.

وبعد أن نشر الموقع نتيجة الاستفتاء، عقدت لجنة من الكونغرس اجتماعًا لتباحث الأمر والاستيضاح من مسؤولي الشركة حول الأمر، خاصة أن المؤسس والمدير التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرغ، هاجم الحملة الإعلامية لترامب خلال كلمته الافتتاحية في مؤتمر المطورين السنوي للشركة F8، كما دافع عن المسلمين ضد عنصرية ترامب في خطاباته عبر منشور له، مما أثار تخوفات أنصار ترامب من انحياز الموقع لصالح كلينتون، وتلاعبه بالأخبار.

العربي الجديد