اقتصاد وأعمال

السلطات تفرض عليها رسوماً متعددة التجارة.. المعوقات وتذبذب الأسعار يهددان القطاع الحيوي


شكا عدد من مستوردي السلع الغذائية في الفترة الأخيرة من تزايد المعوقات التي تواجههم، مؤكدين على أن تذبذب أسعار العملات المستمر وعدم استقرارها يلقي عليهم بظلال سالبة ويكبدهم خسائر مستمرة، ليس آخرها الزيادات التي طرأت على أسعار الألبان المجففة التي تأتي من أسواق خارجية حتى وصل سعر العبوة زنة 2 كيلو ونصف إلى 150 جنيهاً، وكانت حتى منتصف الأسبوع الماضي لا يتجاوز سعرها 120 جنيهاً.

في وقت وصف فيه التاجر محمود عبد الله الرسوم المتعددة المفروضة على المستوردين بالمرهقة، مشيراً إلى أن كثرة وتعدد الرسوم والجمارك وما يعرف برسوم المساح الدولي للسلع المستوردة تسهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار السلع والمنتجات المستوردة، مؤكداً تضرر التجار منها، لافتاً الى أن التجار في انتظار ما يسفر عنه اجتماع اتحاد الغرف التجارية مع هيئة المواصفات والمقاييس لوضع حلول للإشكالية التي تسببها هذه الرسوم ورهن انخفاض الأسعار بالتغلب على مشكلة الرسوم المعروفة بالمساح الدولي مستبعداً صدقية أي حديث عن انخفاض في الأسعار بغير معالجة المشكلة المتمثلة في الرسوم، وقال إن الاستيراد في الأصل يرتبط بحسابات معينة ووفق تكاليف مدروسة للتاجر وفي حال زيادة هذه التكاليف فمن الطبيعي أن ترتفع أسعار السلع المستوردة، مشيراً إلى أن السلع والمنتجات المحلية لم تسلم أيضاً من إشكالية تعدد الرسوم وارتفاعها، وهو ما يؤدي بالمجمل إلى رفع الأسعار لمقابلة تكاليف الإنتاج أو الاستيراد، وإلا كانت الخسارة واقعة عل، التاجر، مبدياً أمله في أن يخرج اتحاد الغرف التجارية بحلول مناسبة تراعي تزايد التكاليف وتعمل على تحجيمها بشكل واضح، وقال إن الخطوة إن تمت ستكون في صالح المستهلك والدولة أيضاً.

ويرى الأمين العام لغرفة المستوردين باتحاد الغرف التجارية علي صلاح أن رسوم المساح الدولي متعارف عليها على المستوي العالمي، معتبراً أن هذه الرسوم تذهب لعدة جهات منها هيئة المواصفات والمقاييس والشركة الدولية بالسودان مؤكداً أن العديد من الدول تطبقها في الاستيراد، وعزا تأخير ظهور الناتج عقب الفحص الذي قد يستمر لأكثر من 20 يوماً إلى نقص المساحين بالبلاد، مؤكداً أن السودان في الوقت الحالي لا يوجد به أكثر من 6 مساحين وأشار إلى أن الرسوم التي تدفع للمساح الدولي يمكن أن تسهم في تطوير نظم الفحص في هيئة المواصفات لا سيما وأن هذه الرسوم تدفع بالعملات الأجنبية وليست بالجنيه، فيما تبرز إشكالية أخرى تتمثل في أن التأخير في الفحص وإعلان النتيجة بالموانئ البرية يتحمله المستورد ويسدد مقابله مبالغ تصل لـ 500 جنيه عن كل يوم تأخير. وبطبيعة الحال هذه المبالغ ستضاف لقيمة البضائع عند تصريفها في الأسواق مما يعني أنها ذات أثر سلبي على الأسعار وتؤدي بشكل مباشر لارتفاعها.

وتشير الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم إلى أن مسألة ارتفاع وانخفاض الأسعار لا يمكن تناولها بمعزل عن السياسات الحكومية الكلية السائدة مؤكدة على إمكانية التحكم في الأسعار ومنع ارتفاعها ولو بشكل نسبي، وقالت إن تدخل البنك المركزي لضبط سوق العملات الأجنبية سيعود بفوائد إيجابية على شريحة المستوردين وعلى السوق المحلي ككل، واشارت إلى أن المستهلك هو الأكثر تضررًا من تعدد وكثرة الرسوم، وكل المشكلات المتعلقة بالاستيراد يتحملها المستهلك وقالت إنه مضطر للشراء مهما ارتفعت الأسعار خصوصاً للمنتجات الاستهلاكية الأساسية، وشددت على أهمية الاهتمام بالقطاعات المنتجة ودعمها بما يمكنها من سد حاجة السوق المحلي من المنتجات الاستهلاكية وتقليل الاستيراد بالعملات الصعبة التي قالت إنه من الممكن الاستفادة منها في تطوير القطاعات المنتجة خصوصاً الزراعة والصناعات التحويلية.

ويرى خبراء اقتصاديون تحدثوا للصيحة أن الدولة مطالبة أكثر من أي وقت مضي بالصرف على القطاعات الإنتاجية وخاصة الزراعة التي تعتبر مغذية للصناعات التحويلية، وهو ما يسهم في حدوث انفراج ولو نسبي في أسعار السلع الواردة.

فيما يعزو تجار وموردون ارتفاع الأسعار لأسباب تتعلق بالحكومة نفسها، إذ ليس سراً أن المنتجات تأتي من الأسواق الخارجية بأسعار عادية، وفي متناول اليد، ولكنها ترتفع هنا فور دخولها السوق نظراً لتحصيل السلطات مبالغ متعددة عن السلع، سواء كجمارك ورسوم عبور وجبايات متعددة، وهي جميعها قد تؤدي لرفع سعر السلعة إلى الضعف في بعض الأحيان، كما أن السلعة الواحدة تنتقل بين العديد من التجار حتى تصل للمستهلك النهائي. وبطبيعة الحال لكل منهم نصيبه من الفائدة، وتنطبق هذه الجزئية على سلعة السكر على سبيل المثال، فسعر الجوال بحسب مقربين بميناء بورتسودان لا يتجاوز 340 جنيهاً في أبعد الأحوال شاملاً تكاليف الترحيل إلى العاصمة، ولكنه يصل للمستهلك بأكثر من 550 جنيهاً.

الثابت أن معالجة معوقات الاستيراد تتمثل بحسب بعض المستوردين في ضبط سوق النقد الأجنبي أولاً، وتوفير العملات للمستوردين بالسعر الرسمي لكافة المستوردين، وهي إشكالية تعاني منها هذه الشريحة بشكل بائن، فالعديد منهم شكا من صعوبة الحصول على العملات الأجنبية اللازمة للاستيراد بالرغم من إقرارهم بعدم وجود أزمة في الصرافات في الوقت الحالي.

وقال تاجر إن العملات متوفرة بالصرافات بيد أنه استدرك بالقول إن بعض الصرافات ليست مستعدة لإمدادهم بكل ما يحتاجونه من عملات في كل الأوقات، مؤكدًا على أن الحصول على العملة لا يمكن الجزم فيه برأي قاطع بالإيجاب أو النفي مشيراً إلى أن الصرافات تبيع بالسعر الرسمي بيد أنها تخلو من العملات في بعض الأحيان، مما يضطر المستورد للجوء للسوق الأسود لإكمال معاملاته التجارية.

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة