مقالات متنوعة

سنار الآن


ظلت قضية ملكية الأرض القاسم المشترك لكل أسباب فشل مشاريع الاستثمار في ولاية سنار، يضاف إلى هذا السبب الجوهري أسباب أخرى أبرزها على الإطلاق، غياب الدراسات الفنية الكافية، وكذلك التعقيدات البيروقراطية، والوسطاء (سماسرة الاستثمار) إلى جانب غياب التشريعات التي من شأنها حماية وتحفيز المستثمر…

صحيح أن ولاية سنار تمتلك رصيدًا هائلاً في مجال الاستثمار الزراعي، فهي على الأقل تحظى بأراضٍ زراعية صالحة تبلغ مساحتها “5”ملايين فدان، منها “4.5” مليون فدان مخصصة للزراعة المطرية و500 ألف فدان للقطاع المروي… لكن للأسف فشلت معظم مشاريع الاستثمار الزراعي في الولاية للأسباب التي سبقت الإشارة إليها..

أزعم أنني عايشت التجارب الفاشلة في مجال الاستثمار الزراعي بالولاية وتابعت “تراجيديتها” المحزنة بكل تفاصيلها المحبطة، مما يجعلني أجزم أن الأسباب التي ذكرتها كانت هي القشة التي قصمت ظهر بعير الاستثمار بالولاية.

الآن تنظم وزارة المالية بالولاية ورشة عمل حول قضايا وأولويات الاستثمار والتي تنعقد اليوم بمدينة سنحة، أقول من المهم جداً أن تستصحب هذه الورشة التجارب الفاشلة بغية تجنب أسباب الفشل السابقة، فليس أقسى على مواطن الولاية سوى تكرار سيناريو التجارب الفاشلة التي ناءت بحملها الولاية سنين عددا..

أعود وأقول إن المطلوب الآن لتأسيس قاعدة صلبة لمشاريع استثمارية ناجحة في المجال الزراعي هو إشراك المواطن صاحب الأرض وإنصافه واحترام حقوقه بوصفه شريكاً مكافئاً ومهم جداً، وقبل كل ذلك رفع الوعي الشعبي بأهمية الاستثمار والعائد منه على المواطن صاحب الأرض، فالهدف من الاستثمار التنمية، لكن ما فائدة التنمية إذا لم يكن تستهدف الموطن..

فشلت المشاريع الاستثمارية السابقة لأن حكومة الولاية تعاملت مع المواطن صاحب الأرض بشيء من التسلط والتخويف والقهر ..

فشلت المشاريع الاستثمارية في مجال الزراعة لكون العلاقة بين المواطن صاحب الأرض والحكومة علاقة فوقية أو غامضة قائمة على التعتيم وعدم الوضوح، الأمر الذي زاد من شكوك ومخاوف المواطن الذي ظل يقابل أي خطوة حكومية في هذا الصدد بالتوجس والظنة التي تصور له أن الحكومة جاءت لتسلب وتنهب أرضه وساعد على تعزيز تلك الشكوك تصرفات بعض المسؤولين وتخبطهم وارتباكهم وتناقضاتهم.

أخلص إلى القول بأن المطلوب من الخبراء المجتمعين اليوم بحاضرة الولاية مناقشة هذه القضايا المعقدة وصولاً إلى الرضا الكامل من جهة أصحاب الأرض وإنصافهم والتعامل معهم كشركاء محترمين .

ثم يبقى القول إن هناك “سوسة” ظلت تنخر في عود الاستثمار الأخضر وهي “السماسرة”وفي رأيي أن أي استثمار مهما توفرت له البيئة المناسبة سيظل مهدداً بالفشل إذا تكالب عليه السماسرة والطفيليون والوسطاء، وحيث ما يوجد ” سماسرة الاستثمار” يوجد الفساد والرشاوى والبيروقراطية وتعقيدات لا لها أول ولا آخر وسيصبح المناخ طارداً لأي مستثمر من فرط روائح الفساد النتنة… اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقابك في الساجدين.

احمد يوسف التاي

الصيحة