تحقيقات وتقارير

الجبنة أخت الوقت تُحْتَسى على مهل.. العالم يحتفل بالقهوة


ثمة مقولة نرددها كثيرا (القهوة طقس)، والبن، من أبرز المكيفات التي تحدث تأثيراً كبيراً في مزاج السودانيين، ليس لأنها ذات مفعول قوي فحسب، وإنما لها من طقوس مصاحبة، وأجواء أقل ما توصف به أنها خاصة.
في الأول من أكتوبر الجاري احتفل العالم بـ (اليوم العالمي للقهوة ) بالرغم من تغير طعمها ونكهتها وطقسها في العديد من الدول العربية التي تشهد تقلبات سياسية، إلا أن للقهوة مدلولات تدل على رمزية الكرم والقيم الأصيلة، في السودان لا تجد منزلاً يخلو من ذائقة القهوة بتنوع طريقة تحضيرها وجلسة المزاج الخاصة.

تجمع الجارات
في البيوت السودانية تحتفظ الأسر بأدوات صنع القهوة ودائماً ما تنطلق الجلسات الخاصة عند الظهيرة حيث تجتمع الجارات مع بعضهن في المكان المخصص وغالبا ما تكون (راكوبة ) من القش والحصير تطورت مع الزمن لتصبح (مظلة) أو في شجرة بالنسبة لبعض ولايات البلاد المختلفة، ثم تبدأ إحداهن تخصصت في صنع (الجبنة) أواشتهرت بطريقة (القلاية) ،وتبدأ أولى مراحلها بقلي البن حيث تحرص النسوة على (شم القلوة) ويعتبر هذا الطقس هو الأهم فالكثيرات يصيبهن الصداع والخمول في حال عدم شم القهوة ويطلقون على هذه الحالة (رامياهو القلية )، ومن ثم يبدأ سحن البن في (المدق) وهو من أدوات القهوة المصنوعة من الخشب.

أغنيات الجلسة
تشتهر الكثير من القبائل (بتنتنة) البن بأغان جميلة ومن ثم وضع الماء في “الشرغرق” (المصفاة) وكل هذا على نار الفحم في (المنقد)، وهذا يشكل الاختلاف الحقيقي في طقوس القهوة قديما وحالياً حيث تعد الآن على عجل في نار البوتجاز وتبقى القهوة بطعمها المميز وأجوائها الخاصة، ليست مشروباً للكيف و(ترويق المزاج) فقط.

حضارة سودانية
وبحسب البروفسير عبد الله الطيب فإن القهوة كانت جزءا من الحضارة السودانية وكانت تعرف بذرة البن بالكافا نسبة لمملكة كافا ثم انتقلت ثقافة القهوة إلى الحضارة العربية ثم التركية و منها إلى أوروبا و أخذت اسمها المعروف في اللغة اللاتينية «كوفي» إذن فإن تاريخ القهوة في السودان تاريخ ممعن في القدم و التأصيل، بالرغم من ذلك نسمع تحذيرات كثيرة من الإفراط بشرب القهوة إلا أن هنالك دراسة أثبتت أن القهوة تحتوي على مضادات أكسدة تساعد على منع مجموعة من الأمراض وأنها وسيلة ممتازة لتعزيز وظيفة الدماغ وبالطبع لها آثار سلبية حال تناولها بكميات كبيرة.

قطيعة نسوان
كشفت دراسة أمريكية أن النساء الأكبر عمراً واللاتي يشربن من كوبين لثلاثة أكواب من القهوة يومياً قد يصبحن أقل عرضة للإصابة بالخرف وغيره من أشكال الضعف الإدراكي، قعدات الجبنة وسط الأحياء السودانية في مختلف المدن باتت ثقافة ولعلها صنفت بالعادة الحميدة لأنها تجمع الناس من حين لآخر ويتبادلون أخبارهم وأحوالهم وإن كان بعضهم لديه رأي مغاير ويصفونها أنها تجمعات للنميمة وباللغة البسيطة (القطيعة) والنساء يتجاذبن فيها أطراف الحديث الذي تمتد تفاصيله إلى أدق الأمور وقد ينتهكن خصوصيتهن دون مبالاة، والقهوة في السودان تشرب على طريقة أهلنا الحنان على ثلاث مراحل الفنجان الأول يسمى البكري والفنجان الثاني يسمى «التني» وما يزيد عن الثاني يعرف بالبركة.

الخرطوم ـ عرفة وداعة الله
صحيفة اليوم التالي