الطيب مصطفى

هلا اتقينا الله في وطننا وشعبنا؟


الآن وقد تم إقرار توصيات مؤتمر الحوار الوطني من قِبل عدد كبير من القوى والتنظيمات السياسية أقولها ، وكلي ثقة ، إن الإمام الصادق المهدي أو مناوي أو جبريل أو حتى قطاع الشمال لن ينكروا ضخامة وقوة تأثير القوى المشاركة في الحوار والموقعة على الوثيقة الوطنية الأمر الذي يحتم على تحالف نداء السودان التحلي بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية وبالصدق الكافي لمواجهة الحقيقة مهما بلغت درجة مرارتها.

لن أزايد وأكابر لأتجاهل رئيس المؤتمر السوداني المهندس عمر الدقير بعد أن عُيّن من قِبل تحالف نداء السودان رئيساً لوفد التفاوض ولذلك يمتد خطابي إليه من منطلق ديني ووطني، فالرجل لا يزال يحتل عندي احتراماً وتقديراً لم تعكر صفوه سوى اختلافات قليلة في وجهات النظر تبادلنا فيها بعض التراشقات التي لم ولن تُفسد للوُد قضية.

أقول إن الأولوية الأولى لواجب المرحلة الحالية والتي ينبغي أن نتصدى إليها جميعاً في الحكومة والمعارضة ينبغي أن تُمنح لوقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات ولضم تحالف قوى نداء السودان والتي من شأن انخراطها في العملية السياسية أن يجعل الحوار شاملاً بالنظر إلى أهمية بعض تلك القوى.

صحيح أن هناك تفاوتاً كبيراً في مواقف مكونات تحالف قوى نداء السودان ولعل الناس يذكرون كيف تحدث رئيس الجمهورية إلى الإمام الصادق المهدي قبل الجلسة الإجرائية التي انعقدت صباح الأحد السابق لليوم الختامي للمؤتمر وكيف خاطب المهدي المؤتمرين عبر رسالة تلاها الأمين العام للحوار الوطني بروف هاشم علي سالم وهو سلوك راقٍ ومحترم لا يمكن توقعه من بعض قوى نداء السودان التي يقف “عرمانها” في الطرف الأقصى رافضاً أي تقارب أو تصالح أو اتفاق.

بالرغم مما بلغني من كلمات العتاب بل والغضب من المنصورة د.مريم المهدي التي وجهتها لي من خلال اجتماع انعقد مؤخراً وضم بعض أحزاب قوى المستقبل للتغيير وتحالف نداء السودان بالداخل جراء مناصحتي للإمام عبر مقال كتبته في هذه الزاوية والتي اعتبرتها د.مريم قاسية على والدها الحبيب فإنني أقولها بصدق إن الرجل صاحب القلب الكبير قادر على التفاعل الإيجابي مع كلماتي التي يعلم الله وحده أنني لم أقصد بها إلا الخير له ولحزبه ولدوره ومكانته في التاريخ.

قناعتي الراسخة التي استقيتها من معلومات شتى يعضد بعضها بعضاً أن كلاً من جبريل ومناوي يرغبان في السلام ولا يمكن بأي حال المقارنة بين مواقفهما وموقف عرمان الذي ينطوي على مشروع إقصائي قديم ومتجدد لن يتخلى عنه قبل أن يدخل الجمل في سم الخياط هذا فضلاً عن طبيعة الرجل الخلافية التي يعلم كل من عايشه أنها لا تسعد إلا باستدامة الصراع سيما وأنه مرتبط بأجندة أيديولوجية وخارجية من بينها علاقاته بالحزب الشيوعي السوداني وبالحركة الشعبية التي تتخذ من جوبا محضناً لها منذ أيام زعيمه قرنق وليس أدل على ذلك من عبارة (قطاع الشمال) التي تتصدر اسم حركته والتي تكشف علاقته الإستراتيجية بالحركة الحاكمة في دولة جنوب السودان.

لن أمل التذكير بالتسريب الذي صدر عن ناطق عرمان الرسمي مبارك أردول والذي كشف فيه عن علاقته (الإستراتيجية) بمستر (نو) عبدالواحد محمد نور الرافض للسلام وبالحزب الشيوعي ممثلاً في أبوعيسى وغيره كما كشف عن علاقته المصلحية (التكتيكية) المؤقتة بقوى نداء السودان الأخرى (الإمام وجبريل ومناوي) وهل أدل على ذلك من رفض قطاع الشمال التنازل عن رئاسة الجبهة الثورية للحركات الدارفورية والذي فضح التوجهات الدكتاتورية لقطاع الشمال أو قل للحركة الشعبية (لتحرير السودان)؟.

أقولها مجدداً إنه لمن الخطأ الفادح أن يربط بين مطلوبات وأجندة القوى المكونة لنداء السودان رغم تباعد مرجعياتها السياسية والفكرية ذلك أن أزمة دارفور لها مسار مختلف عن ذلك المتعلق بالمنطقتين فلماذا الإصرار على دمج المسارين؟ .

الإمام لا علاقة مباشرة له بقضية المنطقتين أو أزمة دارفور ولا يتفاوض حول المسارين مع الحكومة فلماذا يربط نفسه بالقضيتين ويرهن نفسه لإرادة مفاوضي دارفور والمنطقتين؟.

أقول بكل صدق إن الهوة ليست كبيرة بين مواقف بعض أطراف نداء السودان والطرف الحكومي سيما إذا تم تفكيك قضايا مكونات نداء السودان وتم التفاوض حولها بصورة منفصلة عن بعضها البعض حتى لو تم الاحتفاظ بالتحالف ككيان سياسي يجمع بين أطرافه.

أقول للإمام الصادق المهدي : تذكر يا أخي نصيحتك الغالية للمرحوم بإذن الله الدكتور الترابي قديما (من فش غبينتو خرب مدينتو) وأعجب أن ينتصح الرجل الكبير بنصحك وتنكص عنه على غرار من يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.

باشمهندس عمر الدقير ..جاء دورك يا أخي لدخول التاريخ كما دخلته ذات يوم خلال شبابك الباكر فهلا فعلتها مترفعا عن سخائم النفوس ومراراتها؟.

الصيحة