تحقيقات وتقارير

عوض الجاز .. فتح (بلف) السلطة


في الفاتح من فبراير الماضي أصدر رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قراراً قضى بتعيين الوزير السابق د. عوض أحمد الجاز مسؤولا عن ملف الصين بدرجة مساعد رئيس جمهورية .. لم يكن القرار مفاجئاً لجهة العلاقة الوثيقة بين الجاز وبكين، والتي تعود لتولي الجاز لحقيبة النفط في الفترة من (1995-2008)، وغادر بعدها لوزارة المالية ثم رجع إلى النفط مرة أخرى قبل مغادرته في حكومة التغيير في أواخر العام 2013.
الجاز أسندت إليه مهاماً جديدة تتمثل في ملفي العلاقات مع روسيا والهند، وهما دولتان لهما ثقلهما الاقتصادي الذي لا يستهان به، بل إن مصادر أكدت للصحيفة أن الرجل سيسند له ملف البرازيل، ومعلوم أن المكانة الاقتصادية الكبيرة التي باتت تحتلها البرازيل عالمياً.

عودة قوية
واضح جداً أن عودة الجاز للحكومة هذه المرة أقوى وذات ثقل كونه يتحرك بمظلة الرئاسة – درجة مساعد .. لكن العودة القوية للجاز وبطريقة هادئة تسترعي التساؤل ما السر في عودة عوض وبهذا الشكل المختلف ؟؟
مما لا شك فيه يعد الجاز من أقوى العناصر الإسلامية والإنقاذية، وتبوأ مواقع مهمة منذ مجيء الإنقاذ، بل ويكفي أنه ظل وزيراً للنفط قرابة الثلاثة عشر عاماً، ووزيراً للتجارة والتعاون والتموين في العام الأول لبزوغ شمس الإنقاذ، ووزيراً لشؤون الرئاسة ثم لرئاسة مجلس الوزراء، ويعد أكثر الشخصيات التي مكثت في الوزارة، علاوة على أنه ظل ممسكاً بملفات مهمة وحساسة في التنظيم.
لكن قد تعتبر عودة الجاز ردة عن مشروع التغيير الذي أعلنته الحكومة في نهاية العام 2013، والذي بموجبه خرج الكبار من الحكومة أمثال النائب الأول على عثمان محمد طه، مساعد الرئيس د. نافع على نافع ووزير الزراعة د. عبد الحليم المتعافي وآخرين.

غير مستهدف
عودة الجاز تؤكد أنه لم يكن معني بالتغيير، وأن خروجه جاء وفق تقاطعات وتنافس خفي مع من غادروا مواقعهم، وأن الأمر وقتها كان يتطلب أن يغادر الجاز مع من غادر، ومن ثم يدير وجهه شطر الباب الآخر ليدخل مجدداً الحكومة.
يعتبر الجاز كاتم أسرار الإنقاذ، ويكفي أن ملف النفط هو العالم ببواطن أموره، وبعدها أدار المالية، قطعاً إنجازات الجاز غير منكورة، ويعد من أكفأ وأنجح الوزراء، وربما خلفية الرجل لها أثر في ذلك، حيث يمتلك خبرة إدارية واقتصادية كبيرة، وقد تخرج من جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد بدرجة الشرف الأولى، ونال الماجستير في الإدارة والدكتوراة من الجامعات الأمريكية وعمل في مجال البنوك، فتوسعت مداركه ثم كانت المسيرة الطويلة بالحكومة.

منصب قادم
أقرب ماتكون توطئة لتسميته رئيساً للوزراء، تقوية الرئيس البشير لنفوذ الجاز توحي وكأن الرجل سيتولى موقعاً سيادياً في الفترة القادمة، رئيس الوزراء على سبيل المثال، لجهة أن الجاز يدير كل أربعاء مجلس وزراء مصغر، حيث يجتمع بوزراء في عمل ذي صله بملفاته الثلاث (الصين وروسيا والهند)، ويحضر الاجتماع الذي يعقد بمكتب خصص له في مقر وزارة النفط قبالة شارع النيل وزراء كل من المعادن، المالية، الخارجية، الزراعة، الاستثمار، الدفاع، الثروة الحيوانية ومحافظ بنك السودان.

ثقة غير محدودة
واضح أن ثقة الرئيس البشير في الجاز غير محدودة، فإذا نظرت لمواقع أخرى تجد الجاز حاضراً فيها، وقد ظل عضواً بالبرلمان بجانب الوزارة، وعضواً بالمكتب القيادي للحزب الحاكم وبشورى الوطني، وفي الحركة الإسلامية ولسنوات طويلة.
لكن المهم في ذلك أن الرجل لم تنتاشه يوماً سهام الشائعات بأن له فريقاً داخل الحكومة أو الحزب الحاكم أو قطب صراع، ودونكم الحديث الكثيف الذي يدور عن صراع محموم بين تيار على رأسه على عثمان وأخر يقوده د. نافع علي نافع، رغم أن الرجلين نفيا جملة وتفصيلاً ذلك، وقيادات بالوطني نفت هي الأخرى.

كل هذا الحراك والمناصب المتعددة التي شغلها الجاز في وقت سابق والملفات الجديدة التي أمسك بها تجعلة شخصية محورية.
لماذا الجاز ؟
قد يقول قائل لماذا كل هذا التمدد للرجل، ولماذا حجز مساحات شاسعة من الثقة لدى الرئيس البشير، نقول: يتميز الجاز بشخصية قوية وصارمة، وواضح أن البشير يريد أن يريح الرئاسة من عناء ملفات بعينها ذات بعد خارجي، خاصة على الصعيد الآسيوي (الصين والهند)، وقد تلقى تكريماً من الصين ضمن أفضل عشر شخصيات ناجحة في العالم في كافة المجالات الاقتصادية والعلاقات الدولية وهذه لها أثرها، كما أن الجاز مهاب وصوته مسموع وقراراته منفذة ويصعب تجاوزه، وهي صفات معلومة لكل من عمل معه، وقد أحدث اختراقاً كبيراً عندما تولى وزارة المالية وضبط المال العام بشكل مذهل، وحتى عندما كان بالنفط حقق نجاحات غير منكورة، وتذكرون إعادة تشغيل آبار النفط في هجليج عقب الاعتداء عليها من الجنوب، وحسمه للامر لاحقاً بإغلاق (بلف) النفط بتوجية من الرئيس، ومما هو خاف على الكثيرين أن انتاج النفط الآن في تراجع.
ومهما يكن من أمر فإن الأيام القادمة قد تكشف سر المكانة الكبيرة التي حظي بها.

الخرطوم :أسامة عبد الماجد
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد