عثمان ميرغني

لقاء القمة..!!


ليلة أمس تابعنا حواراً نادراً ربما لأول مرّة.. الأستاذ حسين خوجلي ينفرد بالرئيس عمر البشير.. على مرأى من ملايين المشاهدين.. حوار بين القمة الرئاسية والقمة الإعلامية في بلادنا.. لقاء القمتين!

أستاذنا حسين خوجلي إعلامي ومحاور من الدرجة الممتازة.. لكن يبدو أنه لم يستعد جيداً بقراءة دقيقة لإحداثيات الملعب والمشهد والتوقيت.. على نقيض الرئيس البشير الذي يبدو أنه درس جيِّداً الموقف وحدد بدقة أهدافه الإعلامية من اللقاء.. وسدد الكرة في شباك حسين خوجلي..

من مُتابعتي للقاء يبدو أنّ الرئيس البشير كان يركز على التأكيد أنّ عهد ما بعد الحوار لن يكون كما قبله.. ولهذا أرسل إشارات في عدة اتجاهات..

الأولى لحزب المؤتمر الشعبي بقاعدته الإسلامية وفحواها.. أن الترابي كان (شيخنا)! وهو – أي البشير- ظل حافظاً له السبق والمعروف.. وأن الترابي أوصى البشير بوحدة الإسلاميين.. وخلاصة رسالة البشير هنا تنهي تماماً حقبة (المؤتمر الشعبي) وتستعيد عضويته إلى ملعبها الأول.. حزب المؤتمر الوطني.. فالبشير أراد أن يقول إنه أصلاً لم يكن هناك خلافٌ، بل مُجرّد اختلاف في التقدير والآن زال السبب ووجب رفع العتب والعودة إلى البيت.. ويبدو أنّ ذلك ما سيكون في الفترة القريبة – جداً – القادمة.. وداعاً المؤتمر الشعبي!!

الإشارة الثانية.. اختار لها البشير أقصى ركن في الملعب.. الحزب الشيوعي.. فقرأ البشير – بحفظ صم – قصيدة كاملة من أدبيات الحزب الشيوعي وأغدق الثناء على رمزه الأستاذ مُحمّد إبراهيم نقد واستخدم كلمة عاطفية قوية فقال إنه – أي البشير – (يحب!) الراحل نقد ويستمتع بحديثه ويأنس إليه.. هذه الإشارة – بالطبع – لا ينتظر البشير أن يمطر سحابها في أرض الحزب الشيوعي.. بل هي للآخرين لينظروا كيف أن (أبعد بعيد هو في قلوبنا قريب)..!! إشارة لتقرأ مع المرحلة الجديدة!!

وفي الطريق إلى الحزب الشيوعي، لم ينس البشير بعض الإشارات الإيجابية للعروبيين والبعثيين والاتحاديين بزعامة الميرغني.. وكلها إشارات تعني الانفتاح نحو الآخر السياسي..

أمّا الإشارة الثالثة.. فهي إلى عُموم قاعدة الشعب السُّوداني.. الذين تُؤثِّر فيهم المواقف العاطفية بعيداً عن السِّياسة وألوانها المُتنافرة.. فأرسل البشير إشارة إيحائية للمُزارعين بحديثه عن حُبِّه للزراعة واهتمامه بحيازة مزرعة.. وسَدّدَ الكرة الأخيرة في حلق المرمى عندما قال إنه مُحتاجٌ لعائدات مزرعته لسد فجوة المُرتّب الرئاسي!!

والإشارة الأخيرة هذه قد لا تجد لها صدىً كبيراً في أوساط النخب والمُلتصقين بالملعب السِّياسي.. لكنها أصلاً لم تبث على الموجة المُوجّهة إليهم.. هي رسالة تستهدف جمهوراً واسعاً من الشعب السُّوداني البسيط الذي يتأثّر كثيراً بمثل هذه الإشارات الإيحائية العاطفية..

خلاصة المُحاورة .. كل (العنب!) كَانَ في سلة الرئيس.. وخرج أستاذنا حسين خوجلي بـ (أجر المناولة)..!!

التيار


تعليق واحد