مقالات متنوعة

حتى لا نلدغ من جحر مرتين


في مطلع السبعينات تم التخطيط لقيام مشروع زراعي بمنطقة الدندر لتوفير الحبوب الزيتية والمحاصيل النقدية الأخرى على أن يروى من ترعة الرهد التي تشق مئات الآلاف من الأفدنة ذات الخصوبة العالية، والأراضي المسطحة، الإ أن عدم تجاوب أصحاب الحيازات ونظرة الشك والريبة التي أكلت صدورهم تجاه الحكومة حالت دون قيام المشروع رغم اكتمال الدراسة وكل الترتيبات الخاصة به، كان الصوت الذي يرفد الشائعات ويغذي شكوك أصحاب الأرض عاليا، بينما صوت الحكومة بدا خافتاً ومرتبكاً ويشوبه الغموض من كل جانب الأمر الذي عزز الريبة ووسع مرقدها في صدور الناس أجمعين، وقد تنادى الناس وتواصوا على مقاومة تنفيذ المشروع وفي أذهانهم أن الحكومة جاءت لتنهب أراضيهم كما بدا لهم الأمر.. لذلك ضاع على أهلنا في محلية الدندر مشروع ضخم كان يمكن أن يكون الأساس الذي ترتكز عليه تنمية ونهضة منطقة تعتمد على الزراعة المطرية وتعاني تقلبات الأمطار وشحها في بعض المواسم، وتكابد قسوة الجفاف والمجاعات…

قبل عامين قام أيضاً مشروعان آخران في نفس المنطقة وفشلا فشلاً ذريعا لذات الأسباب إلى جانب غياب الدراسة والتخطيط …

فشل المشروعان في المنطقة لاتساع نظرة الشك التي أوصلت أصحاب الأرض إلى الاستعداد 100% للموت الزؤام وقد تسلحوا بالفتاوى “أن تموت في أرضك في مواجهة الظلمة والطغاة فأنت شهيد” تماماً كالذي يسقط ذوداً عن عرضه وماله …

هذه كانت واحدة من أكبر المشكلات والمتاريس التي كانت تعترض سبيل الاستثمار الزراعي في المنطقة… إذن المطلوب هو تطمين أصحاب الأرض والتأكيد على أنهم شركاء مكافئون.. ولابد أن يدرك أصحاب الأرض أنهم أصحاب الكسب الأكبر في أية عملية استثمار هم أحد أطرافها، ولابد أن يصلوا إلى قناعات راسخة بأنهم أول من سيجني الثمار، ولكن هذا ما تفشل في إيصاله الحكومة إليهم دائماً ثم تأتي لتعلق فشلها على شماعة الإعلام “الكاذب” الذي “لا يستحق الحياة”.

أذكر أن هذه الأزمة تكررت بصورة أبشع في منطقة أبو حجار حيث قاوم أصحاب الأرض المشروع ودمروا آليات المستثمرين الأجانب وتكرر الأمر في مناطق أخرى، فما كان تبرير الوالي السابق أحمد عباس إلا أن اتهم بعض خصومه بتحريض المزارعين، ولكن هل كانوا سيستجيبون للتحريض إذا لم تكن هناك فجوة بين الحكومة والمزارعين.

المطلوب الآن وحكومة الولاية تروج للاستثمار أن تكون هي الأقرب للمزارعين بغرض إشراكهم ومشاورتهم في كل صغيرة وكبيرة وبشيء من الاحترام لتنال رضاهم، فهذا هو سر نجاح أي مشروع استثماري هم طرف فيه..

اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.

أحمد يوسف التاي

الصيحة