الفاتح جبرا

إنتخبوا الحمار


في قصة يسردها الكاتب العراقي جواد غلوم في مقال له بعنوان ( وللديمقراطية حميرها ), يسرد الكاتب القصة قائلاً أن هنالك ملك يستانس بوزيره عن احوال الطقس كلما عزم الذهاب الى الصيد ، وفي نهار مشرق اصطحب معه عائلته وحاشيته بعد ان اكد له وزيره ان يومه سيكون ممتعا وصحوا , لكن فجاة تغير الطقس واكفهر الجو وامطرت السماء على حين غرة تصاحبها ريح عاتية فذهب الملك مع اسرته الى كوخ مزارع ليحتمي به فوجده راقدا في فراشه .
فساله عن سبب عدم نهوضه وذهابه الى حقله فاجابه : ( بانني انظر الى اذني الحمار فان كانتا نازلتين مبسوطتين اواصل عملي لانهما تنذراني باعتدال الجو وخلوه من الريح العاتية والامطار . وان كانتا نافرتين عاليتين اوقن ان الجو ليس على مايرام فاعتكف في بيتي ولا اخرج كمثل هذا اليوم الذي زرتني فيه ). وما ان سمع الملك بهذه المعلومة حتى اصدر امرا بتعيين الحمار وزيرا ومستشارا (للإرصاد طبعن) وقابلا للترشيح في اية انتخابات برلمانية مقبلة .
وعطفاً على القصة فإن العبدلله يعتقد أن هنالك فؤائد لا تحصي من دخول الحمير إلى البرلمانات العربية ، فالحمار (يتحمل) المشاق والعمل في أشد وأحلك الظروف وليس لديه كثير غرض بأجهزة التكييف والتبريد ، كما أنه يمكنه السير لمسافات طويلة مثقلاً بالأحمال دون المطالبة بعربات فارهة .

كما أن الحمار أقرب للإحساس بحاجة الفقراء والكادحين والمقهورين مما يجعله قريبا من نبض الشعب و (حاسي بي حسسهم) ، لذلك فهو لا يتطلع للأخذ من أموال الشعب (الغلبان) في شكل حوافز ورواتب ومخصصات وإمتيازات وجوازات سفر دبلومسية وتذاكر للنائب وأسرتو ومواكب و(هيلمانه) وبذلك نقلل من (المنصرفات) وأصلو الميزانيات تعاني من شح الموارد . ليس هذا كله فحسب فالحمار شخصية لاتعرف الكذب والنفاق ولا التدليس و(كسير التلج) وهو بحكم تكوينه الفيزوليوجي لا يستطيع (التصفيق) حتى إن أراد ذلك لذا سوف يكتفي عند التصويت على القرارات عن طريق رفع الاذن اليمنى للموافقة على القرارات , ورفع اليسرى في حالة الرفض ورفع الذيل في حالة الامتناع عن التصويت أما عند الإجماع (السكوتي) فسوف يسكت عن (النهيق) !

ومن ميزات (الحمار البرلماني) أنه لايعرف الفساد المالي والاداري ولا يهمه الظهور على التلفزيونات والمحطات الفضائية والتحقيقات على صفحات الصحف .
بالطبع لن يكون هناك نائب برلماني (حمار) يطالب بعدم إقامة حفل لفنانة أو يطالب بعدم بيع (الواقي) بالصيدليات أو يحرض على عدم قيام فريق سيدات لكرة القدم فالنواب (الحمير) بفضل معايشتهم للمواطنين في الطرق والأسواق وإلتصاقهم بهم يعلمون تماماً أن مثل هذه القضايا قضايا إنصرافية وأن الشعب لديه مشكلات أكثر إلحاحا وضرورة لحلها من خلال طرحها في البرلمان .

ولأن القانون (حمار) فإن (الحمير) أولى بتطبيقه بل سوف يكونوا حريصين على تطبيقه بالحرف لذا سوف يجد كل فاسد جزاء ما إرتكب من فساد وتختفي من البرلمانات حكاية (خليناهو لي الله)، كما سوف يقوم النواب الحمير بتطبيق مقولة (مفيش يمة أرحميني) ويقومون بنكش كل (المركون) من القضايا التي برع في (إخفائها بنو البشر) وتقديمها إلى الأجهزة العدلية .

كسرة :
ما أجمل منظر النواب (الحمير) وهم يخرجون من مبنى البرلمان بعد جلسة عاصفة متجهين إلى الأسواق لمواصله أعمالهم … مش ذي نوابنا خلو أشغالهم (الواحد شغال نائب وبس) !!
• كسرة ثابتة (قديمة) :أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 84 واو – (يعني ليها سبعة سنوات بالتمام والكمال) ؟
• كسرة ثابتة (جديدة) :
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 43 واو (يعني ليها ثلاث سنوات وسبع شهور)

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة