عثمان ميرغني

مطلوب وزير زراعة أمريكي!!


أفرك عينيك جيداً لتقرأ هذا الخبر.. ثم بعده تحسس رأسك جيداً لتتأكد أنه موجود في مكانه.. يقول الخبر (وصلت إلى ميناء بورتسودان حاضرة ولاية البحر الأحمر، سفينة الشحن “ليبرتي” وهي تحمل على متنها كميات من الذرة، مقدمة من المعونة الأميركية من أجل دعم الأمن الغذائي في السودان عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة) .

الشحنة ليست كمبيوترات أو تراكتورات أو حتى أفلام هوليود.. هي شحنة (ذُرة) بالضمة وليست الفتحة فوق الحرف الأول حتى لا تظن أننا دولة (نووية)!

وليس مفجعاً أن تساعدنا أية دولة في العالم، فالبشرية أصل ومصير واحد، لكن المخجل أننا دولة زراعية يحلم العالم أن نكون سلة غذائه لنرفع عنه وزر الجوع فـ(كيف يهون) أن نتلقى الغذاء ومن أقاصي الدنيا الجديدة!

لو في الأفق تباشير خطة زراعية لما جاز التباكي على الحال، لكن ليس بين أيدينا إلا التصريحات.. كانت وزارة الزراعة منفى الوزراء المغضوب عليهم.. ثم تحولت إلى ملاذ الوزراء الغاضبين.. وبين هذا وذلك ابتدعت الحكومة ما أسمته (النفرة الخضراء) حتى آخر رمق من حر مال فقرنا المدقع.. ثم غيرت الاسم إلى (النهضة الزراعية).. ولم يتغير الحال..

ليس لدينا سياسة زراعية بل زراعة سياسية.. نأكل مما نصرح به في الإعلام.. نقتات من (اليوميات) بلا استراتيجية أو مؤسسات قادرة على صناعة خطة لمستقبلنا الزراعي..

رغم أن الدول الصديقة مدت لنا يدها بيضاء بالتكنولوجيا والخبرات بل وحتى التمويل (الهند مثلاً) إلا أننا نتقن فن الفرص الضائعة.. لا نعمل ولا نترك غيرنا يعمل.. ولا نستفيد من الأرض البور الشاسعة ولا نترك غيرنا يستفيد.. على رأي سفير عربي سابق في الخرطوم قال لي ما معناه (إن الله سيدخلكم الجنة لأنكم يوم القيامة سترجعون الأرض عذراء كما خلقها الله..)

بعد الإقرار بفشلنا الزراعي الوخيم.. أقترح (تدويل) منصب وزير الزراعة.. فكما تبحث الحكومة أحياناً عن خبراء أجانب في تخصصات نادرة لماذا لا (تأجنب) منصب وزير الزراعة.. فليكن هندياً أو برازيلياً أو تركياً.. أصابنا اليأس من العقلية التي ورثت أفضل مشروع زراعي في العالم من المستعمر البريطاني لتفتك به وتحوله إلى أفشل مشروع زراعي في العالم..

بدلاً من أن نأكل من (يد) الأجنبي.. لماذا لا نستعين بـ(عقل) الأجنبي لإدارة شأننا الزراعي.. فالغذاء في عالم اليوم مملوك على الشيوع لكل البشرية..

مطلوب (تدويل) الزراعة في السودان.. كفانا فشلاً !!

صحيفة التيار