مقالات متنوعة

السودان في محطة الجوع


قبل سنوات من اليوم كان السودان يتبوأ موقعا مميزا ضمن الدول التى ترفد العالم بمنتجاتها ، وتحقق الأمن الغذائي لنفسها بل وتعتمد عليها دول أخرى ، ولكنه تراجع حتى أصبح واحدا من الدول التى تهددها المجاعات بسبب أن القطاع الزراعي والرعوي يواجه إهمالا غير مسبوق مما انعكس على الاقتصاد و الحياة المعيشية فأصبح أمنه الغذائي مهددا على الدوام ، ، بالرغم من أنه يعتبر واحدا من الدول المؤهلة لتوفير الغذاء لنفسها والمساهمة العالمية . .

يقول تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) لدول الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، صدر عام 2015 ، إن هناك 15 دولة من دول الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تمكنت من تحقيق هدف الألفية الخاص بمكافحة الجوع بتحقيق الأمن الغذائي الكامل لمواطنيها، بنسبة جوع 0%، تلك الدول ليس من بينها السودان بلد النيلين والوديان والسهول ، بلد المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية الذي كان يحلم قبل 27 سنة بأن يكون سلة غذاء العالم ، فحكومة الإنقاذ لم تلتزم بتحقيق أهداف الأمن الغذائي كأهم شرط لتحقيق الاستقرار الاجتماعي ، بل لم تلتزم بأهداف الألفية لمحاربة الجوع التى وضعتها الأمم المتحدة التى التزمت بها كل الدول ، بالرغم من أنها أول ما رفعت من شعارات كان شعار نأكل مما نزرع ، ولكن بسبب سياساتها ضاع الحلم وسقط الشعار .

السودان حسب تقرير الفاو 2015 – يقع ضمن حزام الجوع، ومن المناطق التي تعاني من نقص التغدية المزمن الذي يعنى أن الشخص في وضع لا يسمح له بالحصول على ما يكفي من غذاء لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الطاقة الغذائية اليومية لمدة عام واحد، وتعرّف الفاو الجوع باعتباره مرادفاً لنقص التغذية المزمن.

هذه الايام يحتفل العالم باليوم العالمي للغذاء والسودان واحد من الدول التى فتحت الأبواب مشرعة ليدخل إليها الجوع ، وتشير الدراسات سنويا إلى أن سوء التغذية واحد من الأمراض التى تتصدر أسباب الوفيات مثل الملاريا والنزلات المعوية وغيرها ، وسوء التغذية يعتبر الأخطر من كل تلك الأمراض لكونه يتسبب في عاهات للاطفال ، ويؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية، والعشى الليلي، والأنيميا، وأمراض القلب، و نقص النمو الذي يؤثر على نموهم الطبيعي.

تحتفل الدول هذا العام باليوم العالمي للغذاء وهي تتبارى بما نفذت من خطط مشاريع وبرامج تضمن لمواطنيها تحقيق الأمن الغذائي وقد قطعت شوطا بعيدا نحو هدفها إلا حكومتنا التي ما زالت تقف عاجزة لا تفعل شيئا رغم التحذيرات والمساعدات التى تقدمها لها المنظمات العالمية.

إن الأموال التى صرفتها الحكومة على كثير من البرامج التى تعتقد أنها ستعالح أزمات السودان كان يمكن أن توجهها نحو تحقيق الأمن الغذائى فهو الوحيد الذي يمكن أن يضمن للمواطنين حياة مستقرة ويفسح لها المجال لتحسن قطاعات الحياة الأخرى وتحقق الرفاهية ، وما زال السودان حتى اليوم مؤهلا لأن يغادر محطة الجوع التى ظل يقف بها 27 عاما ليحقق أمنه الغذائي ويصبح سلة غذاء العالم ولكنه يحتاج إلى حكومة مؤهلة لذلك .

اسماء محمد جمعة

التيار