زاهر بخيت الفكي

هكذا يموت الناس في بلادي ..!!


ذهب أحدهم وعلى عجل لفك أسر إبنة شقيقته العشرينية من قيود
حديدية وضعها فيها أحد مشايخ والدها طلباً للشفاء من علة ألمت
بها ، حررها من قيودها ثم ذهب يسأل عن الشيخ (المُعالج) وكانت
المفاجأة أنّ الشيخ ذهب للعلاج خارج البلاد ، تركها ومن معها
فريسة للجوع وسوء التغذية ورُبما الضرب ..

اللهم نسألك اللُطف بعبادك…
من يُحررنا نحن يا تُرى من هذه القُيود ..؟
كم من طائرة أقلعت تحمل مسؤول أو طبيب يبحث عن علاج خارج
البلاد..؟
كم من جُثمان إستقبلناه لهؤلاء في المطار..؟
سألنا من قبل لماذا يذهب هؤلاء للعلاج وقد أصبح العلاج مُمكناً
في مُشافيهم (الفُندقية) وهكذا حدثونا وأفاضوا في الحديث عن
تمزيق فاتورة العلاج بالخارج كما مزقوا قبلها من الفواتير ، لماذا
وفي مقدورهم العلاج هُنا بلا سفر ولا رهق ولا عُملات حُرة وكثير
من الأسئلة حيّرى كانت تدور وعنها كُنا نُجيب وبظنٍ حسن رُبما
يذهب هؤلاء للوقوف على تجربة مشافي الدول الكُبرى واستجلاب
ما استحدثته التقنية عندهم لمشافينا ولا بأس من مراجعة الحالة
الصحية لمن يذهب منهم ..
وكان الرد بالفعل لا بالكلام..

ذهبنا بشقيقتي إلى المُستشفى بعد جلطة لم تمنعها في بدايتها
الكلام ولم تُغيب بسببها عن الوعي ، لم تكن هي الأولى وقد خرجت
من سابقتها بسلام ، ذهبنا بها علّنا نجد من يُعيننا على مداواتها
في مستشفى أمضت فيه ليلتها تلك في نقالة وحولها بعض الأطباء
الصغار أما الكبار فلا آثر لهم وحالتها الخاصة تتطلب وجود
إستشاري بحثنا عنه في كُل مكان ولم نجده ، ظلت تُقاوم بلا علاج
حتى أمضت ليلتها تلك ثم غابت عن الوعي بعد أن فَعَلت فيها
الجلطة فَعَلتها ، ذهبنا بها مُباشرة إلى مُستشفى مُتخصص لم تجد
فيه غير سرير في غرفة طوارئ صغيرة وبعض الكوادر الطبية
المُساعدة وما من إستشاري أو حتى طبيب عمومي يُمارس بعض
خبراته عليها..

عُدنا بها مرة أخرى إلى مُستشفى لا تنقُصه الفخامة وفيه كُل
أسباب الراحة عدا العلاج ، لم يقف على حالتها أحد غير صغار
الأطباء وما من سبيل للدخول إلى غرفة العناية المُكثفة إلا بواسطة
الإستشاري وموافقته بعد الإطمئنان على أنّ ما معنا من مال يكفي
ويجب أن يُدفع (نقداً) وشيك ضمان في حال أن وافقوا على دخولها
وقد أعددنا العُدة وفي أيدينا حملنا أموالنا ، لم يرُد الإستشاري على
هواتف أطباء وحدته ومضت ساعات من الليلة الثانية وهي بلا أكل
ولا شُرب ولا علاج فاعل حتى إتصل عليه من لا يستطيع رفض
مكالمته ووافق بعدها على دخولها غُرفة العناية المُكثفة بعد مُضي
يوم كامل بليله ونهاره وما زالت فيها..
أسالوا الله لها الشفاء..
ولنا عودة بتفاصيلها..

بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة