منوعات

الطوابي السودانية.. أبنية وحصون لمواجهة الغزاة


هي عبارة عن أبنية وحصون واستحكامات عسكرية دفاعية وبأبراج وأشكال مختلفة، ترمز إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي وإلى روح التحدي لدى السودانيين.

النشأة والبناء
أنشئت الطوابي في أم درمان عام 1896، وصنعت من الطوب والطين والحجارة في شكل خندق وساتر فوق سطح الأرض بفتحات صغيرة تبعد كل فتحة عن الأخرى بنحو متر ونصف المتر تقريبا، وتعرف باسم “المزاقل”.

الموقع
تقع في ولاية الخرطوم على طول الضفة الغربية لكل من نهر النيل والنيل الأبيض قبالة مدينة الخرطوم وغرب مدينة الخرطوم بحري، وتعتبر طابية أم درمان هي الأشهر وتقع على بعد نحو خمسمئة متر من شاطئ النيل.

وتماثل الطابية حذوة الحصان بيدين ممتدتين كجناحين طول الواحد منهما نحو 15 مترا بعرض مترين وارتفاع مترين ونصف المتر، ويحتوي كل جناح أو طرف على فتحة تسمى المزقال تحتوي على مدفع واحد تتبعها مزاقل أخرى بالعدد ذاته من المدافع.

وحملت الطوابي أسماء عدة منها طابية بيت الأمانة، وطابية السجن، وطابية بوابة عبد القيوم، وطابية الباب الكبير، و طابية المقرن، وطابية توتي الشمالية، وطابية توتي الجنوبية.

الاستخدامات
بنيت الطوابي بالقرب من النيل -وهي كثيرة- في عهد المهدية مثل طابية للدفاع عن أم درمان التي تعتبر عاصمة الدولة المهدية حينها، وطابية الحفير التي أعاقت تحرك الجيش الإنجليزي بقيادة قائده العسكري كتشنر باشا الذي لم يتمكن من عبورها إلا بعد مساعدة مدفعية أسطول النهر البريطاني في عام 1896.

واستخدمت طابية أم درمان المبنية على هيئة مرتفعة عن الأرض أثناء حصار المدينة، وذلك بهدف إغراق سفن القوات الغازية الأجنبية.

وأنشئت العديد من الطوابي في أم درمان وكذلك في الخرطوم والخرطوم بحري لتصبح أكثر من 17 طابية بمحاذاة النيل من جهة الغرب حينما استد الضغط على المدينة حينها.

يقول باحثون إن الطوابي مثلت أهم الأدوار في العمليات العسكرية والمواجهات المسلحة بين القوات الوطنية ممثلة في جيش المهدية والقوات الأجنبية التي حاولت استعمار السودان.

كما أنها أصبحت في ذلك الوقت ركيزة الدفاع المهمة والأولى، حيث شكلت الملاذ الآمن لجنود المهدية في عملية مراقبة حركة العدو والتعامل معه من وراء الطابية مثل ما حدث في عدة معارك بينها معركة تحرير الأبيض عام 1882 الأولى وحصار وتحرير الخرطوم يوم 26 يناير/كانون الثاني 1885.

ويرجع باحثون سودانيون الاهتمام بالطوابي والحصون للفترة الأخيرة من عمر الدولة المهدية لكون العدو كان يسير عبر البر والبحر، فكان لا بد من وجود طوابي على شواطئ النيل لدحره.

وكانت الطوابي ونقاط المراقبة والمراصد محل اهتمام خليفة المهدي عبد الله التعايشي، فكانت هناك تقارير ترفع إليه عن الطوابي واحتياجاتها.

ويؤكد أستاذ التاريخ في جامعة النيلين فيصل موسى أن الطوابي شيدت في أم درمان وبحري وجزيرة توتي عام 1897، قبل عام من الحملة الإنجليزية على السودان، بهدف مواجهة الغزو الذي وقع عن طريق السفن النيلية.

ورغم بدائية بناء الطوابي بالمقارنة بالعتاد والمدافع الحربية الإنجليزية، فإنها نجحت في إغراق بعض السفن الإنجليزية، مثل سفينة تل هويني في منطقة السبلوقة التي ما زالت غارقة في قاع النيل حتى اليوم بحسب ما صرح به فيصل موسى للجزيرة نت.

المخاطر
جرى ترميم الطوابي عام 1959 في عهد الفريق إبراهيم عبود وفي عام 1984 جرى عمل صيانة لها استعدادا للاحتفال بذكرى كرري.

غير أن وجود الطوابي السودانية بات مهددا بمخاطر عديدة بحسب خبراء آثار، من أبرزها فيضان النيل الذي ساهم في هدم بعضها، في ظل عدم وجود عمليات ترميم دورية لها.

وشددت مديرة متحف بيت الخليفة نعمات أحمد الحسن في تصريح للجزيرة نت على أن أكبر الأخطار التي تواجه الطوابي هو خطر فيضان النيل، مناشدة هيئة الآثار ضرورة ترميم الطوابي مرة كل عام على الأقل بعد موسم الفيضان، خاصة بعد أن دمرت المياه إحدى الطوابي في جزيرة توتي.

وفي السياق ذاته، حذر موسى من وجود مخاطر كبيرة أخرى تهدد الطوابي، من أبرزها المباني الحديثة على شطر النيل وبمستوى أعلى من الطوابي، وفي موسم فيضان النيل، فإن المياه ستصل إلى الطوابي المبنية من الطين، مما يشكل تهديدا كبيرا عليها.

موقع الجزيرة