تحقيقات وتقارير

سوق أمدرمان.. خليط من الجنسيات الأجنبية.. تجارة مزدهرة


الأصوات المنبعثة من هنا وهناك توحي بأصالة المكان ورائحة العطور المعتقة التي تفوح بين الحين والآخر تعبر عن العراقة رغم إحلال الرواكيب المميزة للسوق وإبدالها بالأبنية العالية، فسوق الشوام لم تعفه سنوات إنشائه الطويلة من مد يد التغيّر التي غيرت ملامحه، ولم يبق منه سوى الاسم وقليلاً من البضائع المتنوعة وبعض سحنات الوجوه المألوفة.

يعود تاريخ سوق أمدرمان إلى نحو قرنين من الزمان، أي فترة ما قبل الاستعمار، ويتميز بطرقه المستقيمة والمتقاطعة بشطل هندسي غاية في الجمال، بيد أن الأزقة الضيقة بداخله اصطفت فيها محال ودكاكين شوام وأقباط ونقادة جاءوا حاملين بضاعتهم ليبيعوها في ذلك السوق الذي توسط المدينة وأطلق على ذلك الزقاق (شارع الشوام).

خليط من الجنسيات
استطاع الشارع الحفاظ على شكله ومحتوى بضاعته، وظل صامداً حتى أواخر العام (1995م)، ليواكب المتغيرات التي حدثت ليس على مستوى شارع الشوام فقط، بل على السوق بأكمله، لكن لا يزال هناك بعض صغار التجار والترزية يتبوأون أماكنهم في الشارع، بجانب الهنود والأقباط الذين جاءوا من صعيد مصر ولا يزالون يستوردون المنسوجات والمفروشات والأقمشة من كتان وحرائر وشاموه، وكل ما هو جديد في هذا الشأن، حتى جاء التجار الجدد وأصبحت محلات الأقمشة على مقربة من المحطة الوسطى، وبات للكلف والمفروشات سوق خاص منفصل ومنعزل قل فيه وجود التجار الأصليين.

أسماء منسية
محمد علي الذي قضى (14) عاماً في شارع الشوام قال: يبدأ السوق من محلية أم درمان وينتهي عند البوستة وسمي بشارع الشوام لأن تجاره كانوا شواماً سوريين وأقباطاً ونقادة (الجابو توب الكريب). وأضاف: اشتهر الشارع بمحال الأقمشة المختلفة بأنواعها وخاماتها، أما الآن احتلت محال العطور (80%) منه. ومضى محمد في حديثة قائلاً: كان بالشارع أربع ماكينات خياطة كانت تعمل حتى عام (1995م)، ومنذ ذلك العام وحتى الآن اختلف الوضع تماماً، وسيطر تجار العطور على السوق بعد استيرادها من السعودية ودبي بالإضافة إلى عطور محلية صنعت في دبي فأخذت أشكالاً تسويقية جميلة، وفي فترة ما اتجه التجار لاستيراد عطور من الصين لم يتقبلها السوق لرداءتها. وأردف: “اختفى الشوام والنقادة من السوق”. وبحسب محمد، فإن هجرة البعض وموت الآخرين هو سبب ذلك، لكن أكبر تجار الأقمشة لم يعد لهم مكاناً في السوق. وقال: “أذكر من التجار القدامى على سبيل المثال لا الحصر محمد مساعد والصادق عوض الله وعبد الماجد أبوعمار وتاج السر علي الشيخ”.

أمدرمان – درية منير
صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد