منوعات

الإنترنت ليس مساحةً حرةً كما تعتقد.. محركات البحث قد تكون عنصريةً أيضًا!


في فبراير (شباط) عام 1996 بمدينة دافوس السويسرية، قرأ جون بيري بارلو لأول مرة إعلان استقلال الإنترنت، الوثيقة الشهيرة التي مثلت في هذه الفترة توصيفًا لما يجب أن يكون عليه «الإنترنت» في المستقبل، وكيف أن الإنترنت يشكل لمستخدميه حريةً مطلقةً بعيدًا عن سيطرة الحكومات والشركات، وكذلك يسمح للمستخدمين بالتجول بحرية دون الإعلان عن هوياتهم الحقيقية. تحدى بارلو في هذه الوثيقة حكومات العالم أن تسيطر على الإنترنت، وأخبرها أن هناك جيلًا كاملًا يسعى للتحرر من قبضتها باستخدام تقنية حديثة ومجهولة بالنسبة لعدد كبير من الحكومات حول العالم تُدعى الإنترنت.

كانت هذه الوثيقة بالطبع في بداية ظهور الإنترنت، ولم يكن بارلو يدرك حينها أن الإنترنت سيتحول تدريجيًّا إلى عكس ما تصوره تمامًا، فقد أصبح الإنترنت مع الوقت مساحة مقيدة بضوابط المواقع الكبرى، والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى عدم الخصوصية التي أدت الى تداول المعلومات الشخصية بدون ضوابط مقيدة، والحصول عليها من قبل الحكومات والشركات لاستهداف المستخدمين من خلال الإعلانات.

يستخدم العالم الآن الإنترنت للقيام بالكثير من المهام اليومية، ويمكن القول إنه في بعض الأحيان يشكل الإنترنت المنفذ الرئيسي لكثير من الناس للعمل والتواصل الاجتماعي، وحتى الشراء وقضاء وقت الترفيه. يقضي العالم ساعات طويلة يوميًّا في تصفح الإنترنت، وخلال تلك المدة يشارك الناس معلومات غاية في الخصوصية، مثل بيانات بطاقاتهم الائتمانية، وآرائهم السياسية، وصورهم الشخصية، ووضعهم الاجتماعي. كل تلك البيانات متاحة لخوارزميات مصممة بعناية للاستفادة القصوى من هذه المعلومات، وتوظيفها بشكل يسمح لهذه الشركات بجني الكثير من الأموال. الجانب الآخر لهذه الخوارزميات هو أنها تتعلم وتتطور من خلال عادات المستخدمين اليومية.
هل الإنترنت الخاص بك يبدو مشابهًا للإنترنت الخاص بي؟

يتحدث إيلي بارازير في كتابة الشهيرة «ماذا يخفي الإنترنت عنك؟»، عما بات يعرف بالإنترنت الخاص، وهو مصطلح يصف العملية التي تقوم بها المنصات الكبرى لتصميم صفحات رئيسية تتلاءم مع رغباتك الشخصية. إحدى التجارب التي قام بها إيلي هو أنه طلب من اثنين من زملائه كتابة كلمة «مصر» في محرك البحث الشهير جوجل، والمفاجأة أن النتائج التي ظهرت كانت مختلفة تمامًا في كلا الحالتين. بالنسبة للشخص الأول جاءت النتائج تتحدث عن الأماكن السياحية الشهيرة في مصر، وكيفية زيارتها، ومواقع للحجوزات الفندقية، والشخص الثاني ظهرت له نتائج تتحدث عن الاضطرابات السياسية والعمالية، والوضع الاقتصادي السيئ في مصر. يقول إيلي إن الشركات الكبرى تتعمد إخفاء نتائج بحث معينة حتى تقود المستخدمين في اتجاه معين، وفقًا لتاريخ استخدام العملاء للموقع.

«فيسبوك» على الجانب الآخر يقوم بنفس العملية من خلال إظهار المنشورات التي يكتبها الأشخاص الذين عادة ما تتفاعل أنت مع منشوراتهم، سواء بالإعجاب أو التعليق. ما يفعله فيسبوك حرفيًّا هو خلق صفحة رئيسية مليئة بالأفكار والآراء التي تعجبك فقط، ويحجب عنك الأفكار التي لا تروق لك، حتى تستمتع أكثر باستخدام المنصة. يقول إيلي إن هذه التقنيات تخلق أمام المستخدمين عالمًا أحادي الأبعاد. يمكنك ملاحظة هذا الأمر عندما تدخل على حسابك على الفيس بوك، فتجد أن الجميع يشاركون نفس المنشور ويتحدثون في نفس القضية، والحقيقية أن هذا ما يريدك فيسبوك أن تراه، في المقابل هناك العشرات وربما المئات من أصدقائك على فيسبوك لا يهتمون بهذه القضية ولا يناقشونها، لكن فيسبوك يحجب آراءهم عن صفحتك الرئيسية بناءً على تاريخ تصفحك وتفاعلك على الموقع.
محركات البحث والعنصرية

أظهرت تجربة قامت بها إحدى الأساتذة بجامعة هارفارد الشهيرة، أن محركات البحث تتبنى وجهة نظر غالبية المستخدمين، وتتعلم من تاريخ تصفحهم. خلال التجربة كُتبت أسماء منتشرة بين مجتمع السود في أمريكا، وأسماء عادة ما تكون منتشرة بين مجتمع البيض، وجاءت النتائج صادمة، حيث أظهر محرك البحث أسماء الأشخاص ذوي اللون الأسود مقترنة بمواضيع مثل الجرائم السابقة، والصحيفة الجنائية، وأخبار الاعتداءات، في المقابل جاءت نتائج الأشخاص ذوي البشرة البيضاء مقرونة بمواضيع عن تاريخ العمل، والخبرات السابقة، وروابط لشبكات التواصل الاجتماعي.

يظهر البحث أن نتائج الخوارزميات المعتمدة على تاريخ تصفح المستخدمين قد يهدد العدالة الاجتماعي، إذ من الممكن أن تقوم شركة بالبحث عن أسماء المرشحين للتوظيف، وبشكل غير واعي تستبعد أحد الأسماء بسبب المواضيع المقترنة باسمه على الإنترنت، وتخلص الدراسة إلى أن الإنترنت ليس مكانًا محايدًا كما يعتقد الكثير؛ بل إن شبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الشهيرة تقود المستخدمين للاطلاع على محتوى معين يتناسب مع رغباتهم الشخصية، ويحفزهم لاستخدام المنصة استخدامًا أوسع.
الحقيقة من منظور منصات الإنترنت

لم يعد محتوى الإنترنت عشوائيًّا كما كان في السابق، أصبحت هناك أنساق معينة يمكن ملاحظتها في الكثير من المواقع حتى المنصات الخبرية، هذه أنساق يتم تحديدها بشكل مسبق من منظور القائمين على المنصة. في المرة القادمة التي تبحث فيها باستخدام جوجل ربما عليك سؤال نفسك عن النتائج، وهل تعكس هذه النتائج كل وجهات النظر المتوقعة عن الموضوع أم لا؟ هناك الكثير من المحاولات للمهتمين بحرية الإنترنت لكتابة قواعد منظمة لخوارزميات المنصات الإلكترونية، لكنها تظل محدودة وغير فعالة في عالمٍ مفتوحٍ للجميع.

ساسة بوست


‫2 تعليقات

  1. دي حقيقة عن تجربة ؟؟!!!…

    zool

    2016/10/22 at 1:51 ص (UTC 3) رابط التعليق

    الاخوة الشماليين العرب .. الامر جدي .. الامر مقصود.. لاحظو وشوفو .. انا قبل اربعة سنة او يزيد استعرضتا بالصور هنا في النيلين.. زمن التعليق متاح بالصور .. استعرضتا نتيجة البحث عن صور شعب السودان في قوقل .. وكانت النتيجة انو .. مافيها صورة شمالي واحد ؟؟!!.. يعني قدر ما تنزل لي تحت ما تلقي ؟؟.. وانا كل العملتو صورة الشاشة وعرضتها هنا بدون تعديل .. ونبهت للامر وقلتا انو الامر مقصود بي فعل فاعل ؟؟!!.. انحنا عرب ابا عن جد عن جد عن جد … ولينا شرف الانتماء الي النبي العربي الامي محمد صلي الله عليه وسلم .. سودانيين عرب .. ما افارقة ..

  2. ي زول انت لسه زاكي الموضوع دة ناس النيلين حزفو الصفحه ونزلو خبر خاصه بالانترنت وانت لسه في موضوع الكودة شكلو الموضوع ماكل معاك جمب .. خلاص ي زول اهدا انتو عرب من سلاله قريش كمان اوكي خلاص ارتحت يلا حبيبي حاول نوم اليوم الموضوع انتها