اقتصاد وأعمال

أربع ساعات تطاولت إلى أكثر من شهر السوق المركزي.. آثار ما بعد الإغلاق


تجار: المحلية أغلقت السوق بغرض النظافة ولكنها لم تعاود الظهور

مواطن: التجار يفترشون الأرض في بيئة غير صحية

شكاوى من فقدان البضائع والممتلكات الخاصة بعد تكسير المحال التجارية

من ينظر إلى إغلاق السوق المركزي، سيجد أنه مرّ بمرحلتين، فقد قامت المحلية بإغلاقه لمدة أربع ساعات بغرض نظافته من الأوساخ، قبل أن تقوم بفتحه مجدداً، بعدما حاولت إزالة النفايات التي تراكمت على جنباته. وما هي إلا أيام حتى قررت السلطات إغلاق السوق مجدداً في يوم 19سبتمبر، بغرض تطويره وتحسين بيئته، وتقنين أوضاعه بعد أن أصبح السوق مزدحماً بالأوساخ التي تنافس الخضروات والفاكهة المفروشة على الأرض. ولكن يلاحظ أن عملية الإغلاق جاءت بنتائج عكسية، إذ أن الأماكن التي خُصصت للتجار بعد أن تم نقلهم من السوق مغطاة ببعض المشمعات والجوالات والذين يبدو أنهم بذلوا فيها قصارى جهدهم ومع ذلك لا تحميهم من الشمس والأتربة.

بدأت جولتي بالسوق المركزي في بعض محلات الخضر والفاكهة للوقوف على انعكاسات إغلاق السوق على التجار، وقد لفت انتباهي مرور دفار يحمل كمية من الخضر والفاكهة وبعض السلع، دفعني فضولي أن أسأل أحد الباعة الذي بدأ متضجراً من سؤالي له عن تلك العربة أجابني واليأس يكسو ملامحه قائلاً: ديل ناس المحلية برفعو في البضائع المفروشة في الأرض، ثم تركته لأكمل جولتي في السوق الذي تطاول أمد إغلاقه.

المواطنون غير راضين
وقد أبدى المواطن أحمد الطاهر استياءه وهو ينظر إلى الطماطم المفروشة على الأرض، وقال متضجراً “ياخ اسع الزول يشتري كيف والخضار ده مفروش في الأرض”، فأجابه البائع غاضباً إن بإمكانه أن يوجه السؤال نفسه للمحلية والمعتمد على وجه الخصوص، وليس للتجار لأنهم مغلوبون على أمرهم، على حد تعبيره.

*السبب مدير السوق
أما التاجر محمد نور الذي بدأ يشرح لنا أسباب إغلاق السوق أو تحويله من مكانه القديم، مبينًا أن المدير الجديد للسوق هو من أمر بإغلاقه بادعاء أن السوق يحتاج لنظافة تفادياً للإسهالات إضافة لبعض الإصلاحات في مجاري السوق، وعبر محمد نور عن أسفه من تحويل السوق من مكانه القديم وقال إن ذلك أدى لتعرض التجار لمعاناة قاسية، وزاد أن السوق تم إغلاقه لعدة أسباب منها إزالة “المصاطب والبرندات “العشوائية، كاشفاً عن الضرر الكبير الذي تعرض له التجار والخسارات المادية الضخمة.

*خسائر كبيرة
ويجزم التاجر محمود بأن ما حدث كان خدعة من المعتمد الذي وعد التجار بأنه سيقوم بنظافة السوق، إضافة لبعض الإصلاحات في مدة لا تتجاوز أربع ساعات، ولكن ما حدث غير ذلك، حيث فوجئ التجار بتكسير الدكاكين وإتلاف البضائع، مضيفاً: (فقدنا أغراضنا الشخصية من ملابس ومبالغ مالية إلى أمانات وغيرها)، مؤكداً أن المعتمد لم يعط التجار مهلة أو إنذاراً حتى يتمكنوا من حفظ ممتلكاتهم، وقال إن ” الكراكات” دخلت السوق بصورة سريعة. وأخذت في تكسير الدكاكين غير مبالية بما بداخلها، وتحسر على أنه فقد ملابس جديدة قيمتها 600 جنيه، مؤكدًا أن المحلية لم تتركهم وشأنهم حتى بعد خروجهم من السوق، وذلك لأنهم يعتبرون الجلوس في الشارع وفرش البضاعة مخالفة، وعلى ذلك يتم أخذها من التجار لأنها مخالفة للقوانين، مشيراً إلى أنها لم تعوضهم أي أماكن يجلسون فيها إلى حين يتم إرجاع السوق.

*مشردون
التاجر علي بدأ حديثه معنا بأنه يجب على الإعلام أن يعطي موضوع إغلاق السوق مساحة كافية حتى يتم حل المشكلة لهم، كاشفاً أن التجار أصبحوا مشردين ورغم ذلك لا تغيب عربات “الكشة” من السوق التي حرمتهم أقل حقوقهم، أما عن إغلاق السوق، أكد أن المعتمد ادعى أن السوق به كثير من الأوساخ والبيئة غير ملائمة في نظره، لذلك أمر بإغلاقه إلى أن تتم صيانته.

*قرار صائب
أما التاجر إبراهيم أبكر فهو من المؤيدين لإغلاق السوق لوجود دكاكين عشوائية لا تصلح لمباشرة البيع، وقال إن ما حدث هو من مصلحة المواطن أولاً ثم التجار ثانياً، مؤكدًا أن السوق الآن تتم نظافته من المخلفات والأوساخ المضرة بصحة المواطن إضافة لإعادة إنشاء الدكاكين بطريقة أفضل مما كانت عليه سابقاً، وأكد أنه سيتم إرجاع الدكاكين للتجار الذين يملكون أوراقاً ثبوتية وتصديقات، أما بقية التجار فسيمنحون مدرجات صغيرة أو مصاطب على حد علمه، وأقر بتعرض التجار عند نقلهم من السوق لفقدان الزبائن ومبالغ مالية وغيرها، ولكن التجار الآن في انتظار قرار جديد من المعتمد.

*إيجارات قديمة
التاجر نصر سيلمان تحدث بغضب، وقال: “الناس ديل ما بخافوا فينا الله ياخ” مضيفاً أن السوق مغلق من تاريخ 19/9 إلى يومنا هذا، مؤكداً أنه فقد دكانه في السوق القديم، وذلك رغم أنه تمت مصادرة الرخص الخاصة بهم ومطالبتهم بإيجارات قديمة، وقال إن كل ما يعلمونه من أسباب متعلقة بإغلاق السوق هو توسعته ونظافته ومن ثم إعادته للتجار وحتى الأن لم يتم تنفيذ أي وعود وأصبح التجار مثل الأطرش في الزفة، شاكيا من تعرض التجار لأشعة الشمس المباشرة والبضائع التي تتلف عند تعرضها للشمس.

خسائر مادية
ويروي التاجر الطيب بريمة تفاصيل إغلاق السوق قائلاً: (في تمام الساعة العاشرة مساء بتاريخ 19/9 جاءت مجموعة من مسؤولي المحلية على رأسهم المعتمد وأمروا بإخلاء السوق حالياً إلى مدة تتراوح بين أربع إلى خمس ساعات وذلك لنظافته، موضحاً أنه عندما تمت المدة التي وعدوا بها لم يتم إرجاع السوق لهم حتى هذه اللحظة ولم يوضحوا لنا الأسباب الحقيقية لإغلاق السوق الذي أسهم في تلف البضائع.

وتأسف بريمة لتجاهل المحلية التام لأمر التجار ومستحقاتهم وعدم وعدهم بـأي قرار، كاشفاً عن معاناتهم من سرقة ونهب البضائع إن لم تتم حراستها على مدار اليوم حتى ساعات الليل المتأخرة إضافة إلى الأوساخ والمخلفات والبيئة غير الصحية، موضحًا أنه خسر بضاعة في حدود تسعة آلاف جنيه، وذلك لتعرضها للشمس، مناشدًا المعتمد أن يراعي حالة التجار ويعيد السوق إلى مكانه القديم في أقرب وقت ممكن حتى لا يتعرضوا لخسائر أكبر.

التاريخ يعيد نفسه
ويوضح التاجر عباس أن المعتمد عند زيارته المفاجئة للسوق أصدر قراراً بغغلاق السوق من الساعة السادسة مساء إلى الثانية صباحاً بغرض النظافة والتنظيم، وادعى وجود مشكلة بيئية وهي تلوث الأطعمة التي أدت لانتشار الإسهالات المائية، وتم فتح السوق في الساعة الثامنة صباحاً، وفي صباح اليوم التالي تم إغلاق السوق مرة ثانية بغرض إزالة بعض الدكاكين العشوائية، إضافة إلى إزالة دورات المياه داخل السوق، وقال إن المعتمد قدم لهم بعض الاقتراحات من ضمنها تنظيم الدكاكين حتى تكون هناك تهوية جيدة وتنظيم الممرات وإزالة المصاطب والبرندات، ولكن انطلقت هذه الوعود ولم يتحقق منها شيء حسب حديثه، ولم تتكرر زيارة المعتمد للسوق مرة أخرى ليقرر لهم مصيرهم، وقال إن ما يحدث الآن هو نفسه ما حدث سابقاً عندما تم إغلاق السوق لمدة سنتين، ولم يحدث أي تأهيل أو إعادة إنشاء للسوق، وأشار إلى بعض الأحاديث التي تشير لتحويل السوق لمنطقة أبو آدم، مشيرًا إلى وجود لجنة منتخبة بالسوق ممثلة باسم الشعبية قامت بتقديم اقتراحات للمعتمد بتعديل بعض القرارات من ضمنها حفظ مستحقات التجار من الدكاكين، مناشداً المعتمد والجهات المعنية أن تترك الناس (تلقط رزقها).

فقدان إقامة وتذكرة وجواز
ويعدد التاجر آدم الأضرار التي لحقت به عند إغلاق السوق، من فقدان وتلف بضاعة تقدر بمبلغ ضخم، وفقدان إقامة وجواز وتذكرة، وذلك غير الخسائر المادية والأغراض التي كانت بداخل الدكاكين قبل أن تكسر، واستنكر عدم إجراء أي إصلاحات أو نظافة للسوق حتى الآن وأبدى أسفه لقصر المهلة التي منحت لهم إذ لم تمكنهم من تأمين ممتلكاتهم، وقال إن القوة الشرائية انخفضت كثيرًا من السابق بسبب فقدان الزبائن، مناشداً الجهات المعنية أن تفتح السوق في أقرب وقت ممكن ويتم إرجاع التجار لأماكنهم التي اعتادوا عليها.

تجوّلت فيه: فاطمة أمين
صحيفة الصيحة