جمال علي حسن

داعش والشيعة.. طرة وكتابة


لا خلاف حول حملات التحذير من نشر الفكر الشيعي في السودان، وليس ذلك من باب مصادرة الحريات الدينية والمذهبية لأن مجتمعنا السوداني لا توجد به حالة طائفية دينية ولا يوجد فيه مكون ديني شيعي من الأساس، وبالتالي فإن نشر التشيع السياسي الإيراني في بلادنا هو مشروع لزراعة ألغام الفتنة الدينية في السودان.
لكن وبنفس المستوى ونفس الحماس وعلى نفس اللافتة يجب إضافة شعارات التحذير من التطرف والتكفير والذي يعني تلقائياً التحذير من الكثير من هؤلاء الذين يقودون حملة التحذير من الشيعة أنفسهم.
لا ينبغي أن نجعل المتطرفين والإرهابيين يخرجون علينا في ثياب الواعظين من التطرف والإرهاب نفسه، وليس مقبولاً أن تجمع حملة التحذير من التشيع في السودان الآن تشكيلة متناقضة من العمامات الدينية التي تبدأ من أقصى أدغال داعش إلى أعلى مرتفعات الإسلام الوسطي المعتدل في السودان في حملة واحدة ضد الشيعة.
جميعنا نحذر ألف مرة من الشيعة والتشيع لكننا لسنا في صف واحد مع هؤلاء الدواعش الذين تظهر أسماؤهم هذه الأيام ويعلو صوتهم في حملة التحذير من الشيعة في السودان.
ومثلما أقرت وزارة التربية والتعليم بضرورة تنقيح مناهجها من سموم الشيعة فإن علينا أن ننقح حملاتنا التحذيرية ضد الشيعة من سنان وخناجر الفكر الإرهابي التكفيري المتطرف في حملة موحدة أو نسخة منقحة من الحملة الحالية لتحذر من التشيع ومن التطرف في نفس الوقت.. تحذر من الخمينيين ومن التكفيريين في آن واحد.. جربوا أن تعلنوا أو تنظموا مثل هذه الحملة وسترون أن أعداداً كبيرة من الذين يصطفون خلف الحملة الحالية غير موجودين في صفوف حملتكم المشتركة.
بل هناك يقين جازم الآن في الخليج بأن داعش هي صنيعة شيعية لضرب الإسلام السني بقوة دفع ومباركة من أصحاب مشروع التقسيم.. من اللاعبين الكبار رعاة المشروع الأمريكي الصهيوني مشروع الشرق الأوسط الجديد.
هؤلاء يدعمون برنامج إيران التوسعي ويتجنبون في نفس الوقت ضرب داعش والقضاء عليها بشكل كامل.
وهناك ملاحظة ذكية من أحد الكتاب الخليجيين في مقال طالعته قبل يومين بصحيفة أخبار الخليج البحرينية يطرح فيه الكاتب عبد المنعم إبراهيم سؤالاً موضوعياً جداً: (لماذا طرد داعش من الموصل وليس القضاء عليها؟) وهذا سؤال مهم جداً.
إذا أن هناك فعلاً لغة مختلفة استخدمها التحالف الدولي بقيادة أمريكا في معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش وهي لغة (طرد داعش من الموصل) وليس (القضاء على تنظيم داعش في الموصل).. والفرق واضح والهدف بديهي بأن من يتحدثون عن القضاء على الإرهاب منذ عام 2001 يستبدلون الكلمة ومعناها الآن.. لأن القضاء على الإرهاب يختلف عن طرد الإرهابيين من مكان محدد إلى مكان آخر لتحقيق هدف واضح جداً هو تغيير التركيبة السكانية لمدينة الموصل السنية وتوطين مليشيات الحشد الشعبي الشيعي مكانها بعد فتح ممرات آمنة لتنظيم داعش لينتقل إلى منطقة أخرى وهكذا..
وقد كان النظام العراقي التابع لإيران قد سحب جيشه قبل سنوات من مدينة الموصل وترك سلاحه لتنظيم داعش قبل أن يعود إليها اليوم بطائرات التحالف الأمريكي التي ترفع شعار (طرد داعش) بعد أن أكملت مهمتها هناك..!!
علينا أن نحذر من التشيع ومن التدعش في حملة واحدة وفي لافتة واحدة يكون من تخلف عنها مشتبها بدعمه للدواعش.. وستعرفون حينها من هم رعاة التطرف والإرهاب في السودان إذا كنتم حتى الآن لا تعرفونهم.

اليوم التالي