منوعات

كيف تجيب على سؤال «أين ترى نفسك بعد 5 سنوات؟» الذي يُحيِّر الجميع؟


نقضي خلال حياتنا في العمل وقتًا أكثر من غيره، لذا من الهام أن يشعر المرء بتحقيق ذاته من خلال عمله، يبدو هذا رائعًا، أليس كذلك؟ ولكنَّني أعرف أنَّ الوصول إليه ليس سهلًا.

يكمُن التحدِّي في أنَّ تغيير الوظيفة قد يكون تجربةً مؤلمة، فتواجه رحلة إرسال السيرة الذاتية وخطابات التغطية وإجراء المقابلات، وكل هذا وسط بحر من المُتقدِّمين الآخرين المُتعطِّشين للوظيفة. ولكن المشكلة الأكبر هي أنَّك على الأرجح لا تعلم ما الوظيفة التي ستُسعِدك حقًّا، من الصعب معرفة ذلك حقًّا.

أنت لستَ وحدك، ولذا هناك جزء واحد لطالما أعجبني من رحلة البحث عن وظيفةٍ، وهو يأتي دائمًا خلال مرحلة المقابلة الشخصية. إنَّه سؤال طُرِح علينا جميعًا، هل تعرف ما هو؟ «أين ترى نفسك بعد 5 سنوات؟»

لقد رأيتُ عددًا لا يُحصى من المُتقدِّمين للوظائف، الذين يضطربون عند طرح هذا السؤال، تخلو وجوههم من التعبيرات، ويبدؤون في التلعثُم، ويحاولون الإجابة بصعوبةٍ. يجعل هذا السؤال الناس مُتوتِّرين، وأعتقد أنَّني أعرف السبب.

تقول الحكمة السائدة إنَّ أولئك الذين يخيفهم سؤال الخمس سنوات يعتقدون أنَّ هناك إجابة صحيحة، ويقول المنطق إنَّ التوتُّر يأتي لأنَّهم يخشون ألَّا تكون أهدافهم ما يرغب مُحاوروهم في سماعه.

ولكنَّني بصفتي المدير التنفيذي لشركة Aha! قد أجريتُ مقابلات مع مئات المُتقدِّمين للوظائف خلال الأعوام القليلة الماضية، وقد جعلتني هذه التجربة أُفكِّر بعُمقٍ في سببٍ مختلف لقلق الناس بشأن هذا السؤال.

إليكَ السر، ليست هناك إجابة صحيحة لهذا السؤال، لا أتوقَّع من المُتقدِّمين للوظيفة أن يكونوا قد خطَّطوا حياتهم بأكملها، ولكنَّني أتوقَّع منهم أن يخبرونني ما الأمور التي يُقدِّرونها، أتوقَّع منهم أن يعرفوا ما الدافع وراء أفعالهم، وكيف يعيشون حياتهم وفقًا لقِيَمهم. هذا كل ما في الأمر، أريد أن أعرف ما الذي تعمل لتصل إليه.

من العواقب التي أدَّى إليها عالمنا الذي يتحرَّك بسُرعةٍ، أنَّنا لا نتوقَّف عادةً لنتأمَّل في قِيَمنا، ولا نتشجَّع أبدًا على مشاركتها، لذا ننتهي إلى فعل ما «ينبغي» علينا فعله؛ نذهب إلى الجامعة، نحصل على وظيفةٍ لكي نُسدِّد ديوننا، نعمل لصالح مُدير سيئ، لكي نُصبِح نحن أنفسنا مُديرين أقل سوءًا بقليلٍ، إلخ.

أفهم لماذا نفعل هذا، فقد فعلته بنفسي، المشكلة أنَّنا نفصل أفعالنا عن قِيَمنا الشخصية. لا نسأل أنفسنا عادةً لماذا نفعل ما نفعل، ومن ثَم لا نستكشف بعُمقٍ حقًّا ما نُقدِّره، ويجعلنا هذا نتساءل عمَّا ينبغي أن يبدو عليه مستقبلنا.

إذا كنتَ تستعد لمُقابلة عمل، فليس من الضروري أن يُعيقك سؤال الخمس سنوات، إليكَ بعض الطرق لتكريس قِيَمك والبدء في العمل عليها الآن.
أجِب عن سؤال «لماذا؟»

إنَّ سؤال الخمس سنوات هام، ولكن يكمُن وراءه سؤال أعمق هو: «كيف ستقيس حياتك؟» من الممكن أن يكون هذا أكثر الأسئلة جوهريةً في الحياة، مهما كان عُمرك أو تجربتك الحياتية. إنَّ وقتنا جميعًا متناهي، ولذا فإنَّ ما نفعله خلال وجودنا هنا مهم. فكِّر بعُمقٍ فيما يهمَّك وفي الإرث الذي تودَّ تركه وراءك. هل تريد أن تشتهر باجتهادك؟ أو بإيمانك القوي؟ أجِب على هذا السؤال أيًا ما كانت الإجابة، ثم اسأل نفسك لماذا يهُمَّك ذلك؟
دوِّن أهدافك

لا يمكن أن تعمل لتُحقِّق غرضك دون أهداف. بمُجرَّد أن تعرف ما الذي تُقدِّره أكثر من غيره -ولماذا-، ستتمكَّن من تحديد أهداف تساعدك على الحياة من أجل تحقيق غرضٍ ما. يكمُن جمال الأهداف في كونها شخصيةٌ للغاية، فأنت لديك القوة اللازمة لتحديد ما تريد، سواءً كان أن تصبح نائب مدير التسويق، أو أن تنشر رواية، أو أن تُركِّز على تربية أطفالك، أو مزيج فريد خاص بك.

ابدأ بتحديد هدفين لنفسك، أمر تريد تحقيقه على المستوى الشخصي خلال السنة التالية، وأمر تريد تحقيقه على المستوى المهني خلال نفس الوقت. دوِّن كليهما وضَعهما في مكانٍ واضح، سيُساعدك هذا على اتِّخاذ القرارات على نحوٍ أفضل.
حدِّد مبادراتك

إذا كنتَ تريد تحقيق أهدافك، فالمبادرات هي وسيلة تحقيقها، إذا كان هدفك أن تُصبِح مدير تسويق بشركة ناشئة سريعة النمو بعد خمس سنوات، إذًا ستحتاج إلى اتِّخاذ عدَّة خطوات خلال هذا الوقت.

ضع خريطة طريق توضِّح المبادرات المختلفة التي عليك إنجازها في طريقك لتُصبِح مدير تسويق، قد يكون «إتمام دورة في تحسين مُحرِّكات البحث SEO» مبادرةً، وقد يكون «العمل في وظيفة مدير تسويق مُنتَج لعامين» مبادرةً أخرى. هذه المبادرات هي سلاحك السري، فهي تساعدك على إدراك مدى تحكُّمك في حياتك المهنية.

«القِيَم نسبية، كما أنَّها تعني أمورًا مختلفة للأشخاص المختلفين، لا يمكنني تحديد ما ينبغي أن تكون عليه قِيَمك الخاصة، أو كيفية تحقيقك لها. ولكن ينبغي أن تكون لنا جميعًا قِيَمًا، وأن نستطيع توضيح كيفية التأثير في وجهتنا».

لهذا تحديدًا أسأل المُتقدِّمين للوظائف أين يرون أنفسهم بعد 5 سنوات، أريد أن أعرف ما الذي يدفعهم إلى اتِّخاذ الخطوات الواسعة أو إلى النهوض من أسرَّتهم كل صباح. يتشارك أنجح الأشخاص في حسٍّ عميقٍ بالشغف تجاه شيء يُحقِّق ذواتهم، ويريد كل صاحب عمل أن يكون لديه فريق مدفوع بغرضٍ ما.

لا تخشَ إذًا توضيح قِيَمك وكيفية تحديدهم لمستقبلك، وسؤال الخمس سنوات هو فرصة هائلة، فهو فرصتك للتأمُّل في وجهتك وفي كيفية قياسك لحياتك في النهاية. أين ستكون بعد 5 سنوات؟

ساسة بوست