رأي ومقالات

سلفيون على مائدة السادة الصوفية


مبادرة سودانية
في ميادين عديدة يلحظ الإنسان غيابا واضحا للفقه الوسطى المعتدل مما يجعلنا نسلك سلوكا غير قويم باعتراضنا احايين كثيرة على ما هو من صميم الفقه والإسلام
تلقى ضيف البلاد أمام الحرم المكي الشيخ الغامدي في الأيام القليلة الماضية دعوة كريمة من الاخوة القائمين على طريقة صوفية قادرية بالسودان ( الكباشي ) والتقي الجميع عند مسيد تلك الطريقة بما في ذلك جماعة أنصار السنة المحمدية ممثلة في شخص رئيسها الدكتور إسماعيل عثمان لتناول وجبة من الوجبات أعدت على الطريقة الوهابية تعبيرا عن كرم فياض قصده أهل المسيد فتجاذب الجميع اطراف الحديث هنا وهناك فكانت بحق لوحة رائعة فاقت كل ما نقلت لنا الأخبار وعرف الناس من لوحات بيعت باغلي الأثمان
والواقع أن الأمر لم يكن مجرد وليمة فخمة فالمراقب يقرأ حدثا عظيمة انطوت عليه تلك الدعوة من بدايات لاشواق ظل في انتظارها الناس منذ أمد بعيد ولكن هو الامر كذلك عندما يريد الله خيرا بالأمة أن يتم نعمته عليهم ولو في بدايتها دون سابق تخطيط يذكر
إن التفرق مذموم بإطلاق بعكس الخلاف الذي ربما كان محمودا في كثير من الاحايين ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ) ولكن التفرق كما أسلفنا فهو ممنوع مطلقا بلا استثناء ( أن الذين فرقوا دينهم. وكانوا شيعا لست منهم في شي ) ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )
في تقديري ان ما جري يومها من حدث ودون اعداد كما ينبغي لهو توفيق من الله وتاريخ عظيم ان يجتمع سادة من السلفيين وسادة من الصوفيه على مائدة واحدة
هو حقيقة حدث لم يسبق أن حدثنا عنه تاريخنا الحديث
ولكن وللاسف وكما بدانا الحديث ولغياب من أنواع من الفقه العاصم من الذلل تحرك البعض محاولا اجهاض تلك المحاولة المباركة بالتشكيك في. مشروعيتها ناسيا أن رسولنا الكريم وعندما تحدث عن حلف الفضول الذي جمع كل أهل الجاهلية لاهداف نبيلة وسامية بين صل الله عليه وسلم أنه لو دعي لعضوية هذا الحلف في الإسلام لما تردد في الدخول فيه
كما لا يفوتنا القول بأن الإسلام يأمر وجوبا باللقاء تحت لافتة ما يعرف عند أهل الفقه ب ( أهل القبلة ) أو ( أهل الصلاة ) كما يطلق عليهم البعض ،
ومصطلح أهل القبلة أو أهل الصلاة لا يعني أن يجتمع فقط من برئت عقيدتهم أو إيمانهم من إي خطأ عقائدي وكانوا ناجين من الوقوع في البدعة وإنما يدخل في مصطلح أهل القبلة كل المسلمين على اختلاف رؤاهم في معبودهم وصفاته مهما كان ذلك الاختلاف عقائديا أم غير ذلك وقد وضح شيخ الإسلام ابن تيمية مفهوم ذلك المصطلح ( أهل القبلة ) في فتاواه توضيحا. بينا في المجلد الخامس صفحة 254_ 255 فقال : ( أن عامة أهل الصلاة مؤمنون بالله ورسوله وإن اختلفت اعتقاداتهم في معبودهم وصفاته فكل من أظهر الإسلام ولم يكن منافقا فهو مؤمن له من الإيمان بحسب ما اوتيه من ذلك وهم ممن يخرج من النار ولو كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، ويدخل في ذلك جميع المتنازعين في الصفات والقدر على اختلاف عقائدهم )
يفهم من كلام شيخ الإسلام أن الاشعرية والماتريدية والصوفية كلهم مسلمون من أهل السنة والجماعة
يعجب الإنسان حقيقة في،من يستنكر قبول دعوة من مسلم لآخر استنادا على وجود بعض أو كثير من الخلافات بينهم ناسيا حتى ولو كان الأمر على ما يقول ان الحق دائما ياتي ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) هذا على فرض ان المعترض هو الذي يحمل الحق وحده وما عداه على باطل بين
والله ولي التوفيق

بقلم
د. يوسف الكودة