الطيب مصطفى

بعد الإمام.. هل يعود مناوي وجبريل؟!


تتنازعني رغبتان ملحتان بين الكتابة عن عودة الإمام الصادق المهدي الذي أحمد له أنه اتخذ القرار الشجاع والجريء بالعودة إلى أرض الوطن رغم الكوابح والموانع التي أعلم ثقلها وضخامتها، وبين مواصلة مخاطبة صديقَيْ الواتساب جبريل ومناوي ودعوتهما لاتخاذ قرار العودة إلى حضن الوطن رغم الجبال الرواسي التي شدت إليها أرجلهما بزبر الحديد والسلاسل العصيَّة على الكسر فوالله إن ذلك أرحم للوطن الحبيب وأقرب للتقوى وأكثر منجاةً من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة فقد فعلها عظماء سجلوا أسماءهم في أضابير التاريخ بمداد من نور، منهم مانديلا، الشبيه بأحوالنا، حين سما وحلَّق عالياً بقيم كبرى، متجاوزاً الخصومة ونداء الثأر عمَّا لحق به من أذى وقهر تطاول حتى تجاوز ربع القرن من الزمان في سجون جلاديه العنصريين، الأمر الذي عوَّضه ذكراً حسناً وخلوداً عبر الأزمان رفعه بين العالمين.

لقد قام الكبير مانديلا بقيادة جنوب إفريقيا بقيم العفو والتسامح ليُبقيها كبيرة بينما سقط الصغير روبرت موقابي، زعيم ثورة تحرير روديسيا البيضاء، حين أعمل أحقاده العنصرية في بيض دولته التي سماها زيمبابوي ليُحيلها إلى مسخ مشوه من الفساد والتخلُّف والقهر .

يا سبحان الله فقد تخلَّق مانديلا، غير المسلم، بخُلُق الإسلام.. فعندما يتلاقى الرجلان في الطريق أو المتخاصمان في أمر، مهما قل شأنه أو عظم، فإن خيرَهما هو الذي يبدأ بالسلام.. أما من يرتكب جريمة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وهي إحدى أكبر الموبقات والتي قال فيها رب العزة سبحانه متوعداً ذلك القاتل بآيات مُرْعِدة مُبْرِقة تقول إحداها: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}. فإنه يخسر في الدنيا والآخرة.

أعجب ممن يقرأ ذلك ولا يرتعد حتى إن كان قد ولغ في الدماء بالرغم من أنه يعلم بما فعل مانديلا، غير المسلم، ويعلم قبل ذلك أن من عفا وأصلح فأجره على الله دون تحديد الجزاء ويا له من جزاء.

قرر الإمام الصادق المهدي، العودة، وتجاوز الرجل الكبير سخائم النفس الأمَّارة ومراراتها وإحَنَها وبغضاءها وتصالح مع نفسه وتاريخه الوضيء ومع ما ظل يناصح به الشيخ الترابي أيام خصامه مع أهل الإنقاذ : (من فش غبينتو خرب مدينتو)!.

لقد قسوت على الإمام في كتابات سابقات، اعتذر عنها، وأثق أن الرجل الكبير سيعفو ويصفح، فوالله ما قصدت إلا الخير له ولحزبه الذي أشفقت عليه من غيابه الطويل، وليته يتذكَّر مواقفي المساندة له حين جهرت بتأييد إعلان باريس في وقت صمت فيه الكثيرون ودفعت ثمن ذلك، كما يعلم.

عودة الإمام ستُسهم بشكل كبير في توحيد حزبه خلفه وفي دفع مسيرة الوطن نحو الإصلاح وصناعة المشروع الوطني الديمقراطي الذي نتوق إليه، وهي بالقطع تصحيحٌ لموقف الحزب الذي لطالما رهن اسمه الكبير لعرمان وللحركة الشعبية وهو ما ظللنا ندعوه إليه حدّ الغلظة أحياناً.

بعودة الصادق المهدي تكون معالجة كل القضايا الوطنية التي تبناها “تحالف نداء السودان” (مسارات المنطقتين ودارفور ومشروع الإصلاح السياسي) في حزمة واحدة قد سقطت وتحقق جزئياً ما دعونا إليه من تفكيك للمسارات باعتبار أن ربط القضايا المختلفة ببعضها البعض رغم عدم تشابهها أو تطابقها يؤخر قضية الإصلاح السياسي بل ويعوِّقها.

جاء دور جبريل ومناوي، اللذين أشعر بأن تقنية الواتساب قرَّبت بيننا وعرفتنا أكثر ببعضنا البعض وأزالت كثيراً من الحواجز القديمة.

أقول مناصحاً، إنه لا علاقة لقضية دارفور بقضية المنطقتين حتى ترهناها لعرمان وحركته الشعبية التي تعلمان ما تنطوي عليه من مشروع إقصائي لا علاقة لحركتيكما به من قريب أو بعيد، ووالله لو لم تجدا غير تسريب مبارك أردول كدليل على أن عرمان يوظّفكما والإمام الصادق تكتيكياً كما فعل زعيمه قرنق مع التجمع الوطني الديمقراطي، لكفاكما ذلك، هذا فضلاً عن موقف قطاع الشمال في قضية رئاسة الجبهة الثورية.

افصلوا أيها الإخوة المساريْن، فوالله إنه الخير لكما ولحركتيكما وللسودان فهلا أنصتُّم لناصحٍ لا يرجو لكما ولوطنكما سوى خيري الدنيا والآخرة؟.

الصيحة


تعليق واحد

  1. رغم سنوات الخبرة المديدة للسيد الصادق المهدى الا ان سلوكه لا ينبىء عن ذلك فهو لا يستشرف التاريخ وهذه الافلام والدورس التى دخلها أكثر من مرة لم تشفع له بالخروج والدخول اكثر من مرة وفى كل مرة يخسر تاريخه وتاريخ حزبه وتاريخ اجداد واباؤه ، ما هو الفرق بينه وبين عرمان ومنى اركو الذين هم بمثابة احفاده ففى مرة يتأكد للشعب السودانى ان الرجل ما عنده سالفة ولا موضوع ويفقد ما تبقى من رصيد اذا تبقى منه شىء ، لماذا يبهدل الرجل حاله وتاريخه اما كان من الاولى ان يعتزل السياسة ويكون هاديا ومهديا وزعيما للأنصار بدلا من البشتنة مع احفاده الذين لا يشبهونه فى شىء لا فى عمره ولا مطالبه بل هؤلاء باعوا انفسهم للشيطان ولن يأتوا الا على أنقاض السودان ومن جهة اخرى يجب استدراج واستقطاب جبريل ومنى حيث ان مشكلة دار فور على وشك النهاية ويجب انهاؤها بانضمامهم لركب الحوار ، اما عرمان السجم وعقار فاغسلوا ايديكم منهم فقد مردوا على فنادق الغرب ولن يعودوا الا تحت احذية جنودنا البواسل .