تحقيقات وتقارير

رفع الدعم … العلاج بالكي


ثمة علاقة وثيقة بين زيادة أجور العاملين بالدولة ورفع الدعم عن السلع الضرورية، ففي العام 2013 عندما قررت الحكومة رفع الحد الأدني للأجور إلى 425 جنيهاً، وقبل أن يصبح القرار واقعاً معاشاً شرعت الدولة في رفع الدعم التدريجي عن المحروقات، مما أدى إلى انفلات كبير في أسعار السلع لاسيما الضرورية، وربما هذا السيناريو سيطل براسه مجدداً، حيث اطلق وزير المالية موخراً تصريحات تشير إلى وجود اتجاه قوي للاستمرار في سياسة رفع الدعم عن السلع في موازنة العام 2017 التي أجازها مجلس الوزراء، توطئة لرفعها للبرلمان لإجازتها في صورتها النهائية .

قرار سياسي
وزير المالية بدر الدين محمود الذي أطلق بشريات بأن موزانة العام المقبل ستتضمن زيادة الأجور، قال في تصريحات بالبرلمان أمس الأول إن قرارات رفع الدعم تصدر من جهات سياسية، وأن قراراً بهذا الشأن لايصدره وزير المالية، ويبدو أن بشريات الوزير بشأن زيادة الأجور لم ترق للخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي، الذين اعتبروا أن الأمر برمته لايعدو كونه مجرد استمرار في سياسة التغبيش التي تمارسها الحكومة على المواطنين .. وقال الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج في تصريح مقتضب لـ “ آخر لحظة” الحكومة “ شغالة “ بطريقة الثلاث ورقات على حد تعبيره، وأضاف هذا احتيال على المواطنين، كبج سخر من الحديث عن زيادة الأجور، وأشار إلى أن القرار السابق الخاص برفع الحد الأدنى للأجور لم ينفذ حتى الآن.

مخاوف
الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي لم يخف مخاوفه من الإشكالات التي ستصاحب زيادة الأجور، وتساءل عن حجم الزيادة في المرتبات، وقال إنها في العادة لاتتجاوز 20 بالمئة، وانها ستتآكل في عام واحد في ظل معدلات التضخم التي تجاوزت 20%، وربما مخاوف الرمادي تكون أكثر مشروعية إذا صاحب ذلك زيادة الأجور رفع الدعم عن السلع الضرورية، على رأسها القمح والدواء والمحروقات، ويرى الرمادي أن نسبة رفع الدعم أياً كانت فإنها تضخمية لامحالة وستؤدي لرفع مستوى الأسعار بصورة عامة، وبالتالي فان الزيادة المتوقعة في الرواتب لن تساوي شيئاً أمام ماهو متوقع من زيادة في الأسعار- حال طبق قرار رفع الدعم- ولكن بالمقابل يبدو أن ارتفاع الأسعار لايشكل هاجساً لوزير المالية، ووصف الأمر بانه مسالة عادية، وقال: وفقاً لتصريحات نسبت له أولاً من أمس “ إن أهم مايخصني كوزير مالية توفر السلع “ ورأى أن ارتفاع الأسعار مسالة عادية، وانها موسمية، وبدوره أكد اتحاد العمال على لسان عضو الاتحاد يحي حسن
بأنه سيقف سداً منيعاً أمام أي اتجاه لتحرير أسعار السلع
التوسع في الانفاق
وبالرغم من أن موازنة العام 2017 مجابهة بعدة تحديات أبرزها تراجع انتاج النفط، واستصحاب مخرجات الحوار الوطني، إلا أن وزير المالية أبدى تفاؤلاً بأن موزانة العام المقبل ستكون أفضل من ميزانية العام الحالي، ولكن للخبير الاقتصادي عبد الرمادي رأي آخر حول الأمر، حيث توقع زيادة في المصروفات لاسيما في ظل التوقعات بزيادة في عدد النواب والدستوريين، وفقاً لما تقتضيه المرحلة المقبلة، واعتبر الأمر بأنه عبء إضافي على الموازنة، الرمادي يرى أن الإنفاق الحكومي المترهل بأنه السبب الرئيسي للمشكلات التي تعاني منها البلاد، وقال إن الانفاق الحكومي في العام 2016 استحوذ على نسبة 61 % من حجم الموازنة منها “33 % للفصل الأول، و”28%” لدعم الولايات، بينما نصيب التنمية في الموازنة لايتجاوز الـ “10% “ ويمضي الرمادي قائلاً إن كل الموشرات والدلائل لاتشير إلى أن الموازنة ستكون أفضل من سابقتها في ظل الزيادة المتوقعة في الإنفاق الحكومي

السواد الاعظم
آخر الاحصائيات تشير إلى أن عدد العاملين بالدولة لايتجاوز الـ “500” ألف عامل، ممايعني أن السواد الأعظم من الشعب لاتشملهم زيادة الأجور، لاسيما أن جل موسسات القطاع الخاص لاتلتزم بالقرارات التي تصدر من الدولة في هذا الصدد، وبحسب الرمادي فإن الذين لن تشملهم زيادة الرواتب سيقع عليهم عبء رفع الدعم عن السلع الضرورية كاملاً، وإن الضائقة المعيشية ستزداد سوءًا

أس الداء
بعض الخبراء والمختصين يرون أن ماتقوم به الحكومة ممثلة في وزارة المالية من إجراءات لتخفيف الضائقة المعيشية لاتعدو كونها مجرد عمليات ترقيع لاتحل مشكلة الاقتصاد، وأن أي مجهودات في هذا الصدد ستكون أشبه بالحرث في البحر، إذا ظلت مسالة خفض الانفاق الحكومي خط أحمر .

تقرير:عمار محجوب
صحيفة آخر لحظة