مقالات متنوعة

همهمات الحزب.. وحوار الرئيس! 1


مع بدايات انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني رشحت تصريحات عن قيادات المؤتمر الوطني تؤكد عدم وجود أي فترة انتقالية تعقب مرحلة ما بعد الحوار.. المعارضة المحاورة منها وغير المحاورة اعتبرت الأمر نكرانا من الحزب الحاكم.. والتفافا على الحوار والمنتظر منه.. ولم تنس المعارضة.. بشقيها.. أن تردد الأسطوانة.. الحوار حوار الرئيس.. وعليه أن يحميه.. وحين قلنا يومها للناس إن المرحلة الانتقالية والكفر عند أهل الإنقاذ سيان.. وقلنا لهم إن المرحلة الانتقالية في فهم الرئيس شخصيا تعني الالتفاف على كل شرعيته.. بل وتمهد لتفكيك النظام.. لذا فهو خيار ليس في وارد الاحتمال.. وحين قلنا ما قلنا لم نكن نرجم بالغيب.. بل كنّا نتحدث ونستمع ونفهم ونعي.. وحين قلنا ما قلنا.. استنكر البعض أن نقول ذلك.. بل إن بعض هذا البعض قد اتهمنا بتحريض النظام.. وأن الحوار بلا مرحلة انتقالية تعقبها لا قيمة له.. وصبرنا على الأذى واحتسبنا السباب.. ثم رويدا رويدا.. مضى الحوار.. وانتهى إلى ما انتهى إليه.. وكان مدهشا أن ذات أولئك الذين استنكروا علينا ما قلنا يتقدمون الصفوف.. ويبشرون بالمخرجات.. ثم يشرحون للناس ما غم عليهم من أمر الحوار..!
وأنا من المؤمنين بأن الحوار حوار الرئيس.. ويذكر الكل أن مشروع الحوار هذا قد تنزل على الحزب من أعلى.. ولم يتصعد من أسفل إلى أعلى.. أي نوقش في أجهزة الحزب بمستوياته الدنيا.. حتى بلغ مستوياته العليا.. فأصبح خيارا ملزما لها.. كلا لم نسمع بذلك بل العكس هو الصحيح.. ولكن الصحيح أيضا أن أجهزة الحزب قد اجتهدت.. ولكن بدرجات متفاوتة في دعم الحوار.. وموقف الحزب وأجهزته ورموزه من الحوار قد نحا مناحي شتى.. من الدعم المطلق إلى الدعم المحدود.. ومن إثارة القلاقل وحتى دس المحافير.. كثيرة هي المناسبات التي غاب فيها أعضاء الحزب الحاكم عن أعمال اللجان.. وكثيرة هي المناسبات التي سمع فيها المتحاورون تصريحات لا تمت لمنطق الحوار بصلة.. بل ويشاهدون ويسمعون عن إجراءات وقرارات محصلتها (فركشة) الحوار لا دعمه.. لا زالت الحيرة تلف الكثيرين حين يتذكرون عملية دفع الصادق المهدي دفعا إلى خارج قاعة الحوار.. ثم وعلى بعد أيام معدودات من إعلان مخرجات الحوار كان الدكتور نافع علي نافع يأبى إلا أن يفسد على المنتظرين انتظارهم وهو يقول.. (رئيس الوزرا حقنا)..!
ولا شك أن المعارضين.. المحاورين منهم خاصة قد أحبطهم ما قال نافع.. فقد قضوا كل هذه السنوات من عمر الحوار.. وهم يقاتلون في سبيل تمرير مقترح منصب رئيس الوزراء.. ولوهلة قد بدا أن ذلك دونه خرط القتاد.. لشدة تشدد المؤتمر الوطني على رفضه.. وكان النجاح في تمرير المقترح بإنشاء منصب رئيس الوزراء.. كسبا كبيرا للمعارضة التي ظنت أن المنصب سيكون مدخلها للمشاركة الفعلية في السلطة.. وراحت الترشيحات تترى.. ولسبب ما ومنذ وصول نظام الإنقاذ فما إن يرشح الحديث عن استحداث منصب لرئيس الوزراء إلا وهرول الناس نحو الإمام الصادق المهدي.. حتى وإن كان حزبه أبعد ما يكون عن المشهد السياسي كما هو حادث الآن..!
أما آخر مظاهر علاقة الحزب الحاكم بالحوار ومخرجاته.. فقد تجلت عشية شورى الحزب نفسه حين تحدث الرئيس البشير عن ضرورة استعداد الحزب لتقديم تنازلات كبيرة كاستحقاق طبيعي على الحزب أن يتحمله في سبيل تطبيق مخرجات الحوار.. إن الهمهمات التي سرت داخل القاعة.. والضيق الذي أبداه الحاكمون جراء تلويح الرئيس بمغادرة عدد كبير منهم لمقاعدهم.. كانت استفتاء حقيقيا لموقف الحزب تجاه الحوار.. الذي تحول الآن لا إلى مجرد وثيقة سياسية اسمها المخرجات.. بل هو يتحول الآن إلى حقوق وواجبات عبر نصوص دستورية وقواعد حاكمة وقرارات.. وتتجه الأنظار.. مرة أخرى.. نحو الرئيس.. ماذا هو فاعل بحواره ..؟! نواصل.
مشاركة في

محمد لطفي

اليوم التالي