تحقيقات وتقارير

موجة عنف عشوائي تستهدف الأجانب السودانيون في الجنوب.. تزايد “عدّاد” القتلى


بات مقتل السودانيين المقيمين في جوبا مقلقاً لدى الوسط السوداني والنخب السياسية، خصوصاً بعد تجدُّد حوادث القتل مؤخراً، متمثلةً في مقتل التاجر السوداني “الحاج فضل المولى” وتعرضه للضرب المبرح والتعذيب القسري، هو وشقيقاه “حافظ وعز الدين” وتم ذلك في منطقة “فلوج” وعبر شرطتها، وفق تأكيدات والد الضحايا، لكن الأكثر إثارة في الحادثة هو تجاهل الشرطة في جنوب السودان للإجراءات في مثل هذه القضايا، فما لبثت الشرطة أن أطلقت سراح المتهمين بعد القبض عليهم دون إكمال الإجراءات، وقامت بأكثر من ذلك بأن صادرت الأموال المنهوبة من القتيل وإخوته والبالغة”500″ ألف جنيه، إضافة إلى عدد من البضائع، واعتقلت بقية إخوانه، في تصرف لا يليق بأجهزة رسمية، مما يشكك في تأكيدات حكومة الجنوب سيطرتها على الأوضاع وقدرتها على ردع المعتدين، كما يدفع بتساؤلات عن دور الخرطوم في حماية السودانيين بدولة الجنوب وحفظ حقوقهم القانونية.

الحل في العودة

ارتكاب الجرائم وسيلان دماء السودانيين المقيمين في جوبا ونهب أموالهم أمرٌ متوقع في دولة تشهد اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية، وتعجز فيه مؤسسات الدولة عن السيطرة، ويرى الخبير الأمني اللواء/ عبدالرحمن أرباب، أن عدم اتخاذ إجراءات قانونية بحق المليشيات التي قتلت التجار السودانيين بل وإطلاق سراحهم، يدل على فشل الدولة الوليدة قانونياً، داعياً السودانيين المتواجدين حالياً في جوبا، إلى شدّ رحال العودة سريعاً إلى السودان، كما يدعو أرباب في حديثه لـ”الصيحة” الحكومة السودانية للعمل على مساعدة السودانيين على اتخاذ خيار العودة من الجنوب، حفاظاً على الرعايا السودانيين من عنف الدولة الوليدة.

ويعتقد أرباب أن الحديث عن أي خيار آخر يصبح منافياً للمنطق في ظل دولة منهارة أمنياً وتشهد حوادث القتل وسيلان الدماء في كل يوم، موضحاً أنه في ظل هذه الأوضاع فإن عمليات النهب أمرٌ في غاية السهولة، مشيراً إلى فشل الترتيبات الأمنية بين الدولتين لإيقاف مثل هذه الحوادث المحزنة. ويضيف أرباب: “في ظل هذا الوضع وحفاظاً على ارواح المواطنين السودانيين، فإن عليهم العودة الفورية وتوفيق أوضاعهم مع الجهات المختصة”.

تنسيق مع السطات

وبحسب “أرباب” فإن استمرار القتل بحق مواطني السودان في الجنوب، يدل على عدم إمكانية “جوبا” توفير الأمن في محيطها الجغرافي، خصوصاً على الأجانب في أراضيها، مما يدل على انهيار الدولة الوليدة تماماً عند سقوطها في امتحان الأمن. وعن الأموال التي نهبت من السودانيين، والحق القانوني لأسر الضحايا في استردادها، يقول ارباب: “إن الاستمرار في الإقامة بالجنوب حتى ولو حرصاً على الممتلكات فإنه خطر يهدِّد المواطن السوداني”. داعياً الدبلوماسية السودانية للتدخل في هذه القضية مع الجهات المختصة في دولة الجنوب، كما دعا التجار السودانيين في الجنوب إلى التصرف سريعاً في ممتلكاتهم أو نقلها إلى السودان بالتنسيق مع السلطات للحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم في دولة لا يعرف فيها غير الموت سبيل- على حد قوله.

سوابق متجددة

مقتل السودانيين في جنوب السودان بات أمراً يُنشر على صحف الخرطوم بشكل دوري ولكنه مخيف، فضلاً عن حوادث النهب المدوَّنة وغير المدونة في دفاتر الشرطة هناك، وحسب “أحمد هارون” التاجر السوداني المقيم بجنوب السودان بمدينة “ملكال”، فإن مليشيات في الجنوب اعتادت على التعدي على المقيمين السودانيين بالقتل والنهب، ويُعزي استمرار الظاهرة لعدم تصدي الحكومة في جوبا للمتفلتين، مُلقياً باللوم أيضاً على حكومة الخرطوم التي رأى أنها لم تحرك ساكناً في الانتصار لمواطنيها في الجنوب بعد صمت السفارة هناك، رغم علمها بمقتل مواطنيها.

ويناشد المواطن أحمد هارون، الحكومة وسفارة السودان في جوبا، بتوفير الحماية اللازمة للسودانيين هناك والضغط على حكومة الجنوب لاستعادة أو تعويض المتضررين.

القتل العشوائي

في المقابل يقول الناشط السياسي ورئيس منتدى “الجنوبيون الأحرار” “قاركان قارجيك” لـ “الصيحة”: “إن قتل الإخوة السودانيون في الجنوب خطأ فادح ولكنه متوقع فالموت في الجنوب لا يعرف أجنبياً أو مواطناً فالكل هناك عرضة للموت والنهب”. معتبراً أن حكومة سيلفاكير قد فشلت في سيادة القانون. ويضيف أن حكومة جوبا هي المدانة في هذا السلوك الإجرامي، الذي لا يُعبر بأي حال من الأحوال عن العامة، بل إن المليشيات المسلحة والمتفلتة في الجنوب أصبحت تستثمر في البشر وهي بذلك تُشين صورة جنوب السودان في الخارج والداخل.

الخرطوم: محمد داؤد
صحيفة الصيحة